دخلت إيران وإسرائيل لعبة الطائرات الورق مباشرة لأول مرة.
التغيير فى المعادلة غير مسبوق، بعدما كانت الأساسيات والأدبيات الرئيسية هى المواجهات دون المباشرة.. واللعب من تحت الترابيزات عن طريق الوكلاء.
هل صحيح هى لعبة الطائرات الورق؟
دبلوماسياً لم تعترف إسرائيل بالهجوم على المنشآت النووية فى أصفهان. وبالنسبة لإيران، فإن وسائل إعلامها حتى الآن، لم تنسب هى الأخرى الواقعة إلى إسرائيل.
لذلك يبقى لإسرائيل واحدة.. وبقى على إيران واحدة.
بعضهم يرى أن الضربة الإسرائيلية حقّقت أكثر من هدف، فيما لم يفضِ الهجوم الإيرانى إلا لحفظ ماء الوجه.. إن كان قد حفظ هذا الماء فعلاً، إضافة إلى أنها صنعت اعتبارات كثيرة لضغوط أمريكية لوقف الأخذ والرد ومزيد من إشعال الموقف.
على كل، لا شك أن الهجوم الإسرائيلى حطم فكرة الأمن الإيرانى الاستراتيجى، وكسر مبدأً إيرانياً يؤكد أن ضرب منشآته النووية لا يمكن أن يتم إلا من داخل أراضيه.
الرسالة الإيرانية كانت دوماً: الدخول إلى أراضينا أكثر من صعب.. والوصول إلى أجواء منشآتنا النووية.. أصعب من صعب.
لا كان هذا، ولا ذاك.
ونفّذت إسرائيل هجومها من طائرات حلقت خارج الحدود الإيرانية، ومرقت الصواريخ الإسرائيلية من أنظمة الدفاعات الجوية الإيرانية على طول الحدود.. وصولاً إلى أجواء أصفهان.
والأكثر طرافة أن صواريخ تل أبيب أصابت فى النهاية محطة دفاع جوى من ماركة إس 300.
المعنى فى بطن الشاعر.. وإيران مفترض أن يعلوها الحرج.. ويتوارى وجه قادها عن شاشات التليفزيون.. لكنهم لم يفعلوا.. فقط أشاروا إلى أن الوميض الشديد فى سماء بلادهم ليلتها نتج عن تعامل المضادات الجوية مع أجسام «متسللة» دخلت المجال.. مما يعنى أنه لا حاجة للرد.. لأنه لم يحدث شىء.
حسب التقارير هى المواجهة الأولى. وحسب قوانين الفيزياء السياسية، فإن المواجهة الأولى عادة ما تكون الأصعب.
لكن لم يحدث.. ففى المواجهة لم تكسب إيران.. ولا فازت تل أبيب.
الموقف هو هو.. والأمور تراجعت نحو المربع واحد، والعودة الآن إلى الملعب السورى واللبنانى وصواريخ الحوثى فى باب المندب.
ريتشارد بولوتون مستشار الأمن القومى الأمريكى السابق قال إن الرد الإسرائيلى كان يجب أن يحقّق «الردع».
ماذا يعنى بالردع؟
المعنى كما قال فى حوار لـ«نيويورك تايمز»، أنه كان ينبغى أن يكون هجوم إسرائيل قوياً وصريحاً ومؤلماً. والهجوم على قاعدة جوية تحمى منشأة نووية إيرانية ليس هدفاً يمكن أن يُقال إنه أدى مهمة.. ولا شكل الضربة بهذا النسق يمكن أن يُقال إنه أدى رسالتها.
دعك من الفائز ومن الخاسر الآن.. فما يهم أن الطريق كان مفتوحاً إلى القدس فى فرصة قالت إيران كثيراً إنها فى انتظارها.
كانت المسارات خالية وفاضية حتى تل أبيب.
لكن الذى حدث أن إيران كما لو أنها لم ترَ شيئاً.. لتعود صواريخ الحوثى تُهدّد فى باب المندب اعتراضاً على المجازر الإسرائيلية فى فلسطين.. واستمر حزب الله فى هجماته النوعية على إسرائيل من الجنوب اللبنانى.
وهكذا تستمر المقاومة.. تحسّباً لفرصة ينقض فيها الحرس الثورى على تل أبيب!