ما كل هذه الضجة التى صاحبت إعلان تأسيس اتحاد القبائل العربية؟! وللأسف ضربات البداية كالعادة من الإعلام المعادى ويقبل البعض هنا على نفسه بأن يكون صدى لها؟! صحيح بعض الآراء لها احترامها لصدورها على أرضية وطنية، لكن أى رؤية وطنية عليها الاستناد إلى معلومات صحيحة!
على كل حال اتحاد القبائل العربية موجود فى مصر منذ سنوات.. ويمارس دوره بطول البلاد وعرضها، وبالتالى فهو ليس -ولم يكن- تشكيلاً سياسياً حتى يتخوف البعض منه وبالتالى ومن مبدأ «من باب أولى» ليس تشكيلاً عسكرياً وإنما هو تنسيق عالى المستوى لواقع موجود فعلياً يتحسب لمخاطر عليا تحيق أو قد تحيق بالبلاد.. وهو عمل أهلى تنموى وليس حزبياً.. وهو تجمع غير طبقى ولا طائفى ولا عرقى، ولما كان يضم قبائل من مختلف محافظات مصر وجهاتها ومناطقها يمكننا إذن القول إنه ليس تنظيماً جهوياً وبالتالى لا تعارض بينه وبين الدستور على أى نحو!
بيان الاتحاد نفسه يعلنها جلية صريحة فيقول: «الاتحاد يهدف إلى خلق إطار شعبى وطنى يضم أبناء القبائل العربية لتوحيد الصف وإدماج كافة الكيانات القبلية فى إطار واحد دعماً لثوابت الدولة الوطنية ومواجهة التحديات التى تهدد أمنها واستقرارها إلى جانب السعى الدؤوب لتبنى القضايا الوطنية والتواصل مع جميع القبائل العربية للوصول إلى قواسم مشتركة فى إطار الدولة وخدمة لأهدافها ودعماً للرئيس عبدالفتاح السيسى»، ويضيف فى فقرة أخرى منه: «يعلو فى طرحه ورؤيته على جميع الانتماءات الحزبية والأيديولوجية»، و«رسالته هى للدولة، وتوحيد القبائل لا يتعارض مع ثوابت الوطن، ولا يتصادم مع الأحزاب والائتلافات التى يتم مد اليد لها للتعاون والتنسيق المشترك»! ولا نعتقد أن هناك وضوحاً أكثر من ذلك!
أما التخوف من أن يكون ذلك عودة إلى الوراء وتراجعاً عن ملامح الدولة الوطنية، فهذا مردود عليه بأن الدولة الوطنية ذاتها هى مَن تنظم وتُشرف.. وهى من القوة بما يكفى ليتلاشى القلق، كما أن وجود القبائل حقيقة ملموسة لم تنته بعد والجميع يعرف عاداتها وتقاليدها وأحكامها وأعرافها بل وقضاءها.
تجربة دور القبائل كلها تُحسب لها.. خصوصاً فى العراق والأردن وسوريا وجميعها مع الوطن حتى فى ظل ضعف الدولة المركزية فى حالتى العراق وسوريا ومع ذلك كانت تلك القبائل مع الوطن.. وهو ما يحسب لهم.
الخوف يكون مشروعاً عندما يكون نفوذ القبائل فوق نفوذ السلطة المركزية والانتماء للقبيلة يتفوق على الانتماء للوطن وتكون القبيلة كتلة كبيرة فى منطقة واحدة بما يؤهل لفرض نفوذها وقانونها وكل ذلك.. كل ذلك بغير استثناء غير موجود فى بلادنا ولا فى الحالة المذكورة وغير مرشح ليكون موجوداً لا فى المستقبلين القريب أو البعيد ولا غيره.. توجد مئات الجمعيات وروابط المحافظات وغيرها ولم يكن واحد منها يوماً جهوياً عنصرياً.. وتوجد أندية أو جمعيات للشباب المسلم وغيرها للمسيحى.. ولم تكن واحدة منها يوماً طائفية.. بلادنا مختلفة.. الهم الحقيقى فيمن يسيرون بلا وعى فى سلوك جماعى واحد ليس فقط بغير وعى.. وإنما أيضاً بغير هدى! ليساهموا ككل مرة.. فى التشويش على الهدف الأساسى لموضوعات وإجراءات مهمة.. حتى انتهى المقال فى الرد عليهم، ونجعل الحديث عن الأهداف فى مقال قادم.