"حرية الإعلام": الأحزاب الليبرالية تهتم بالأداء الإعلامي أكثر من اهتمامها بالتواجد في بالشارع
أصدر مرصد حرية الإعلام بمؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان، قراءة تحليلية في الخطاب الإعلامى والسياسي والحقوقي للتيارات والأحزاب الليبرالية واليسارية بمصر؛ لاستكمال تحليلها للأطراف الفاعلة على الساحة، وتقييم تعاملها مع الإرادة الشعبية للناخبين، بعد قيام المرصد بإصدار قراءة تحليلية للخطاب الإعلامي لأحزاب الإسلام السياسي منذ يوم واحد فقط ، قبل بدء المرحلة الثانية للاقتراع في الاستفتاء على الدستور السبت 22 ديسمبر 2012.
وقال عماد حجاب، الخبير الإعلامي والناشط الحقوقي، المشرف على مرصد حرية الإعلام إن القراءة التحليلية الجديدة للمرصد توصلت إلى اهتمام الأحزاب الليبرالية واليسارية بالأداء الإعلامي بوسائل الإعلام الخاص من "قنوات فضائية وصحف" أكثر من اهتمامها بالأداء السياسي في الشارع، وقلة تواجدها الجماهيري مقارنة بتواجدها الإعلامي المكثف، لذا جاء أداؤها الإعلامي في مجمله أقوى من أدائها الجماهيري على أرض الواقع.
وأضاف، أن القراءة التحليلية توصلت إلى أن التيارات الليبرالية واليسارية استطاعت أن توظف لدرجة كبيرة الفرصة السانحة أمامها في الصراع السياسي مع أحزاب الإسلام السياسي حول الإعلان الدستوري والدستورالجديد في بناء شعبية لهذه التيارات عن طريق قوة رموزها وخبراتها السياسية المتراكمة. لكنها افتقدت لآليات عمل قوية في الشارع تتكامل معها.
وقال إن القراءة التحليلية، كشفت عن استفادة التيارات الليبرالية واليسارية من قدرات وانفتاح الإعلام الخاص "قنوات وصحف" ومناخ الحرية الإعلامية، وحالة رفض المواطنين العاديين للإعلان الدستوري والدستور الجديد في الدعوة للحشد للخروج في المظاهرات الاحتجاجية دون أن يكون معظمهم من الأعضاء المنتمين لهم حزبيا، مما جعلها تستفيد من قوة إضافية لها في تعبئة الرأي العام لمساندة مواقفها في المظاهرات السلمية والميلونيات، وجاءت نتيجة المرحلة الأولى وتصويت 43.5% بلا دستور في إظهار شعبية معنوية لها، ويرجح ألا يكون كل هؤلاء الناخبين ينتمون لها، مما ساهم في بروز حدة الانقسام السياسي وترسخة في المجتمع المصري وتحمل كافة الأطراف السياسية له وفي مقدمتها أحزاب الإسلام السياسي التي لم تنتبه منذ البداية لخلق توافق وطني حول الدستور في هذة المرحلة الاستثنائية بعد الثورة واستخدام أدوات استثنائية لجمع القوى الوطنية.
وأضاف، أن القراءة التحليلية دللت على أن التيارات الليبرالية واليسارية لم تلتفت بقوة في خضم صراعها إلى تحسين أداء خطابها السياسي ليكون أكثر تأثيرا، وأن يرتبط بمخاطبة الرأي العام من خلال قضايا مجتمعية تركزعلى مشاكلة المرتبطة بالأضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني من تدهورها منذ سنوات، وحقوق المواطنين والمجتمع الإنسانية في الدستور من خلال نصوص التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية، وحقوق المرأة والعمال والفلاحين، لتبصير المواطنين بحقوقهم في الدستور عند انتقادها لمواد الدستور، لكى تعمل على كسب الشارع إلى صفها، وبرهنت القراءة التحليلية على أن السياسة ليست هدفا في حد ذاتها، بينما غرضها الفعلي هو تحقيق الوفاء بالاحتياجات الفعلية للمواطنين لكي يعيشون حياة كريمة، مما جعل هذه التيارات تفتقد لبوصلة لعملها فاستمر في اتباع منهجية واحدة في خطابها السياسي غلب عليه التنديد بمكافحة الاستبداد والاستحواذ وارتباك السلطة والرئيس في إدارة شؤون البلاد.
وقال إن التيارات الليبرالية واليسارية والحركات المدنية وقعت في أخطاء جسيمة في خطابها الإعلامي، بدخولها في المنطقة المحظورة أمام الجمهور والمتعلقة بأسلمة الدولة والمناقشة السلبية لقضايا الشريعة الدينية، مما جعل المواطنين البسطاء يرفضون التجاوب كثيرا مع هذه الطريقة في التحدث عن الإسلام، ويميلون إلى التفكير والشعور بأن هذه التيارات تعارض مبادئ الإسلام والشريعة مما جعل هذه التيارات تخسر نسبيا تعاطف الشارع بالمناطق الريفية والصعيد مع الآراء التي تطرحها، وأرجعت السبب إلى تبني هذه التيارات لخطاب إعلامي نقدي وهجومي على النصوص الدستورية التي تحمل توجهات عقائدية دينية إسلامية، مما أدى إلى تولد قناعة بين قطاع المواطنين إلى قيامها بالهجوم على الدين بدوافع ومصالح شخصية، فخسرت كثيرا من رصيدها لدى المواطنين البسطاء المتدينين والمحافظين على السواء.
وأضاف، أن القراءة التحليلية كشفت أن التيارات الليبرالية واليسارية وقعت في شراك صراعات إعلامية وأيدبولوجية أثناء مشاركتها في مناظرات بالقنوات الفضائية الخاصة مع رموز التيارات الإسلامية، وهو ما انعكس سلبا في تأرجح مواقف الجمهور تجاه تأييد مواقفها لفترات زمنية طويلة، وانعكس بصورة واضحة على زيادة نسبة المترددين في المشاركة بالمرحلة الأولى، وتراجع نسبة عدم المشاركة في التصويت بالاستفتاء بها.
وتابع: "إن القراءة التحليلية توصلت إلى أن الأحزاب اليسارية لم تتحرك بشكل مكثف للاستفادة من حالة الفقر والبطالة وقلة الدخول ونقص الخدمات والأسعار وكسب جزء من الكتلة الحائرة في المناطق الريفية والصعيد، رغم وجود فرص تاريخية أمامها لزيادة شعبيتها بصورة مضطردة، واعتمدت لحد كبير على تحرك قياداتها التقليدي في المناطق العمالية والتجمعات الشعبية، كما أن الاحزاب الليبرالية لم تعمل في نفس الوقت على تطوير تحديث أدوات عملها، والتحرك في أوساط المواطنين بشكل حقيقي، واعتمدت على التواصل عن طريق المؤتمرات الصحفية والقنوات الفضائية الخاصة، واستخدم رموزها السياسية "توتير وفيس بوك " بشكل واسع، والذي يحظى باستخدام مرتفع بين شرائح الشباب والمثقفين، ومارست الضغط السياسب لكنها لم تنقله من الفضاء الافتراضي إلى التجمعات والمناطق السكنية والمحافظات المتعطشة لتواجدها بينها.
وأشار إلى أن التيارات الليبرالية واليسارية لم تنتبه إلى تنسيق جهودها مع التظيمات النسائية لجعلها جزءا من نشاطها خاصة في ظل إحساس طاغي لدى منظمات المرأة بضياع مكتسبات المرأة المصرية بالدستور الجديد، مما جعل تلك المنظمات تشعر بافتقاد المساندة السياسية، فاعتمدت في التعبير عن نفسها على مبادرات فردية للظهور بالإعلام الخاص لانتفاد الدستور، بينما ابتعدت النقابات المهنية والعمالية عن المشاركة مع تلك التيارات، ومالت أكثر لتأييد مواقف أحزاب الإسلام السياسي، في حين ظهرت ملامح قوية للتنسيق بين التيارات الليبرالية واليسارية مع الحركات الاجتماعية ومنها حركة 6 أبريل وكفاية وائتلافات الثورة التي تمارس دورا سياسيا وليس حقوقيا باعتبارها الأقرب لديها في العمل العام .