شيخ الأزهر من "إندونيسيا": تسييس الدين يعني "بيعه" في سوق السياسة

كتب: وائل فايز

شيخ الأزهر من "إندونيسيا": تسييس الدين يعني "بيعه" في سوق السياسة

شيخ الأزهر من "إندونيسيا": تسييس الدين يعني "بيعه" في سوق السياسة

قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن إندونيسيا كانت دولة رائدة في تحقيق حلم، طالما شق على الكثيرين تحقيقه، وهو توحيد العلماء في مكان واحد، يتشاورون فيه ويصلون فيه لرأي واحد ينزلون به للناس، موضحا أنها معضلة تواجه علماء الأمة، الذين ينزلون الشارع بآراء مختلفة.

{long_qoute_1}

وأضاف شيخ الأزهر، خلال لقائه بمجلس العلماء الإندونيسي في العاصمة جاكرتا: "تسييس الدين تأباه طبيعة الدين، فلا يصح رفع لافتة الدين لكي ينتخبني الناس في البرلمان، فتسييس الدين بيع للدين في سوق السياسة".

وأشار الطيب، إلى أن بعض مناهج التعليم في عالمنا الإسلامي، كانت تغذي الطلاب منذ طفولتهم، بأن هذا المذهب هو الصحيح، كما أن بعض مناهج التعليم كانت تغذي التطرف، لافتا إلى أن هناك بعض الأمور في التراث يجب التعقيب عليها، مثلا يحرم تهنئة الكافر، فهذا الرأي قيل في مذهب ليس هو الرأي الغالب، فكيف للإسلام يحل لنا أن نتزوج المسيحية ويحرم علينا تهنئتهم، مضيفا: "هذا عبث".

واستنكر شيخ الأزهر، السياسة الغربية تجاه المسلمين، مؤكدا أنها تخلق بؤرا يقتل فيها الناس، كي تروج مصانع السلاح، فالمناطق المشتعلة تجدها في مناطق المسلمين، موضحا: "هذه سياسة، والسياسة مبدأها الغلط وتحقيق الغرض، فالإسلام يرضى عما هو أخلاقي في السياسة، ولا يرضى عن غير ما هو أخلاقي في السياسة، وهو كثير في السياسة".

وأضاف الطيب، أن ما نسعى إليه هو توحيد العلماء، لافتا إلى أن الصحابة اختلفوا مع وجود الرسول، ورغم ذلك لم يقص منهم أحد، فاختلف التابعون فاختلفت المذاهب، ضاربا مثلا بصلاة النبي، ثم النظر إلى المذاهب، قائلا: "هل اتفقت على طريقة الصلاة؟، الإجابة لا، فهناك اختلاف مشروع بين المذاهب كرفع اليدين وغيرها، وهل الفاتحة في بداية الصلاة"، لافتا إلى أنه أمر اختلفت فيه المذاهب، ولا ينكر بعضنا على بعض، وهناك عشرات من الأمثلة يضيق الوقت لذكرها، وغيرها من الخلافات المشروعة لدى المسلمين.

{long_qoute_2}

وأوضح شيخ الازهر، أن الاختلاف رحمة، لكن المشكلة أن الخلافات تحولت إلى فروق حادة، نتيجة التعصب لمنهج معين وفكر معين، فتلك المذاهب التي تشددت في إقصاء غيرها للأسف الشديد، كان وراءها دعما ماليا ومعنويا، وفرقت بين المسلمين، وما يحدث الآن ثمر مر في زرع قليل.

وأكد الطيب، أن المذاهب الأربعة تعرضت لمطاردة لصالح مذاهب معينة، صُنعت وأغرقت الفقراء بالأموال لصالحها، ومن هنا نشأ التفسيق، الذي كثيرا ما يؤدي للتكفير وإسالة الدماء.

وتابع شيخ الأزهر، قائلا: "لا حل إلا أن نعود للمنهج الصحيح لعلماء الأمة، ونستلهم إرثنا الإسلامي الغني بالخلاف المحمود، فخلافهم رحمة"، مشيرا إلى أن الفقه الإسلامي تحول مؤخرا إلى الرأي الواحد، ومن هنا نشأ الصراع، والمعروف أن الصراع في الدين يؤدي إلى إراقة الدماء، فمذهب الإمام الأشعري لا يكفر أحدا من أهل القبلة، والصراع الدائر الآن في المائة عام الأخيرة يدفع ثمنه المسلمون، وللأسف فإن من ينفخ في الصراع ويؤججه "آمن"، والمطلوب توحيد العلماء واجتماعهم على الفهم الصحيح للإسلام، وتفهم الرأي الآخر وعدم الإقصاء.

ولفت الطيب، إلى أن بعض المذاهب التي تنفق المليارات من أجل تحويل الناس من المذاهب التي درجوا عليها، مستغلين فقر الناس وبساطة ثقافتهم الدينية، مؤكدا أن المذاهب لا فرق بينها وبين حركات التبشير، فمنهجهم واحد باستغلال الدين لفرض المعتقد، داعيا إلى توحد علماء الصوفية والسلفية، وجميع المذاهب المخلصة للإسلام وأهله، فإن لم يتصالح العلماء فلا أمل في تحصين المسلمين.

وفيما يتعلق بالخلاف بين الشيعة والسنة، أكد شيخ الأزهر: "كل شخص يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأركان الإسلام الخمس، فهو مسلم، فالذي يؤمن بأن محمدا ليس خاتم الأنبياء فهذا تكذيب للقرآن وليس من المسلمين".

{long_qoute_3}

أما فيما يخص الشيعة المعتدلين، قال الطيب: "لا نستطيع تسجيل ملاحظة عليهم، وهم مسلمون"، مشيرا إلى أن بعض الشيعة الذي يسبون الصحابة "سفهاء" لا يمثلون الشيعة، كما قال كبار المرجعيات الشيعية  مثل محمد علي التسخيري، مشيرا إلى أن الذين يسبون الصحابة لا نستطيع أن نخرجهم من الإسلام، وهم في ضلال، فإنكار ما علم من الدين بالضرورة يخرج من الملة فقط، وغير ذلك فهي مسائل خلافية، وتلك الخلافات ضخمها أعداء الإسلام وأنفقوا عليها المليارات، وكانت النتيجة ما يحدث في سوريا واليمن، فكلها صراعات شيعة وسنة، فربما إذا حسم ذلك الخلاف منذ البداية وأنهم إخوة ما حدث هذا.

وأكد الطيب، أن التقريب بين السنة والشيعة، اخترعه الأزهر والشيخ محمود شلتوت، لافتا إلى أن الأزهر لا يكفر أحدا من أهل القبلة، كونه ضل في بعض الآراء، مضيفا: "التكفير خطر، ولا يملك أحد أن يكفر أحدا، والأمر يعود لأولي الأمر"، مجددا دعوته لعلماء الشيعة بالالتقاء بالأزهر.


مواضيع متعلقة