سيدنا «الافتراضى»: إدمان للخيال وهجرة للواقع وحياة بين صفحات التواصل الاجتماعى

كتب: إمام أحمد

سيدنا «الافتراضى»: إدمان للخيال وهجرة للواقع وحياة بين صفحات التواصل الاجتماعى

سيدنا «الافتراضى»: إدمان للخيال وهجرة للواقع وحياة بين صفحات التواصل الاجتماعى

حياة كاملة يقضيها ملايين المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعى، فترات طويلة يومياً تصل إلى 7 ساعات فى المتوسط، بحسب التقرير السنوى الأخير لشركة ديجيتال ميديا ساينس (دى إم إس)، زمن افتراضى فى عالم افتراضى يخصم من رصيد الحياة «اللى من روح ودم» على أرض الواقع، فى ظل استخدام متزايد بدأ بمشاركات محدودة فى مجالات معينة ولأهداف ضيقة النطاق، ثم تطرق لجميع جوانب الحياة من ساحات للممارسة السياسية والتعبير عن الرأى، إلى منافذ سهلة لتكوين علاقات اجتماعية أو عاطفية، إلى أداة متاحة دائماً للترفيه عن النفس والتسلية المجانية، وغيرها من قائمة طويلة تضم أغراضاً متعددة تفضى فى النهاية إلى ارتباط شديد الصلة بين الطرفين، «الفرد» الذى يتحول إلى مجرد «رقم» فى قاعدة بيانات واسعة، و«الشبكة الإلكترونية» التى تحولت إلى «عالم داخل العالم».

{long_qoute_1}

ارتفاع عدد مستخدمى الإنترنت ظاهرة عالمية شهدت تزايداً مضاعفاً فى الأعوام الأخيرة، حتى بلغ عدد المستخدمين نحو 40% من سكان الكرة الأرضية، أى ما يقارب نحو 3 مليارات نسمة، ومع التصنيف الإيجابى لهذه الظاهرة، وتوقع استمرار زيادتها مستقبلاً، فإن الأزمة تكمن فى ارتفاع معدلات الاستخدام اليومى للفرد الواحد، ما يهدد بانتقال الحياة كاملة، باستثناء الاحتياجات الأساسية كالنوم والطعام، إلى شاشات الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسب الآلى، وهو ما يسميه الدكتور محمد الألفى، رئيس الجمعية المصرية لمكافحة جرائم الإنترنت، رئيس الجمعية العربية للتحكيم الإلكترونى، بـ«الإدمان» الذى يقود صاحبه لهذا النمط من الحياة بصورة تدريجية حتى يتملك منه تماماً، وقد يصاب المستخدم بأعراض عصبية ونفسية شديدة حال انقطاع اتصاله بهذا العالم لأى سبب خارجى، «الاستخدام بيخرج بره إطار الاطلاع أو الاتصال عبر الوسيط الرقمى، وبيتحول إلى ارتباط شديد بهذا الوسيط نفسه»، يقترح «الألفى» ضرورة تأسيس عيادات صحية لمعالجة إدمان الإنترنت، خاصة فى حال زيادة معدل الاستخدام للفرد على 4 ساعات يومية، التى يصفها بدائرة الخطر، حيث عندها يتحول الاستخدام الإلكترونى إلى نوع من الإدمان الحقيقى لا يختلف عن بقية الأشكال الأخرى، «كلها أنواع متباينة من الإدمان تهدد حياة صاحبها بطريقة ما، وتصيبه بأعراض خطيرة أقلها الاغتراب وفقدان القدرة على التواصل المباشر والانعزال تحت سيطرة كاملة للشاشة الرقمية الصغيرة». فى حضرة «الاتصال الإلكترونى» تنحصر كل صور الاتصال الطبيعى، ويغيب المستخدم فى عالمه الجديد الذى يجد فيه إشباعاً لبعض احتياجاته النفسية والاجتماعية. بعيداً عن توصيف «الإدمان»، يستخدم الدكتور محمد سيد أحمد، أستاذ علم الاجتماع، توصيفاً آخر، ويعتبر الظاهرة نوعاً من «الدروشة» على نحو جديد: «الدراويش من أصحاب الطرق يتركون أهلهم وحياتهم وواقعهم، لينفوا أنفسهم لصالح حياة جديدة يختارونها ويجدون فيها ما يشبع احتياجاتهم، وهى على الأرجح احتياجات نفسية نتاج مشكلات أو أزمات ما، أو ربما فشل فى الحياة وعدم رغبة فى مواصلة الصراعات اليومية التى يواجهها كل إنسان، وبالتالى يقرر هذه العزلة»، يضيف: «الأمر نفسه مشابه جداً لمن يلجأون لقضاء أغلب أوقاتهم فى العالم الإلكترونى الافتراضى، بالتأكيد هم يعانون من مشكلات فى حياتهم، أو على الأقل عدم رضا وعدم سعادة، وبالتالى يبحثون عن هذه المشاعر، عبر وسيلة اتصال مغايرة، أو على الأقل يحاولون تمرير الوقت تجنباً للشعور بالملل».

الاستخدامات على كل لون، تواصل وتسلية وسياسة وثقافة وأدب و«قلة أدب» واطلاع على الأخبار ومتابعة الأحداث وعمليات بيع وشراء تضاعفت فى العام الأخير لتمثل 12% من استخدامات مواقع التواصل الاجتماعى، يحذر أستاذ علم الاجتماع، من اتساع الظاهرة: «لها تأثير سلبى على حركة المجتمع، ومعدل إنتاجه، والعلاقات الاجتماعية بين أفراده».

 


مواضيع متعلقة