.. وإذ يتحدانا إسماعيل سراج الدين أن نكون فى مستوى الأحداث والواجبات، وإذ يؤكد أن مجابهة الإرهاب بسيف القانون مجابهة حاسمة أمر مفروض وحتمى لكنه غير كافٍ لأن «الإرهاب يبدأ فكراً» ومن ثم تتبدى الثقافة سلاحاً ضرورياً فى معركتنا ضد الإرهاب. وإذ نواصل الانغماس فى كتابه «التحدى.. رؤية ثقافية لمجابهة التطرف والعنف»؛ نجد أنفسنا أمام واجبات شديدة الصعوبة يفرضها علينا أسلوب تحليلى رصين يستقرئ الواقع ويبحث فى عمقه متطلعاً للمستقبل. ونقرأ: «يعانى العالم العربى من ظروف سياسية يصعب تخيل الأسوأ منها، من الانعزال الثقافى، إلى الدولة الفاشلة، إلى الحروب الأهلية وصولاً إلى الأشكال الجديدة من الهمجية متمثلة فى أشكال التطرف والعنف.. فالإرهاب والتطرف يتحديان بكل صفاقة بعض الحكومات القائمة التى لا تمتلك سوى شرعية محدودة، وأصبح الملايين من اللاجئين بلا مأوى.. وتتواصل الأزمات الإنسانية إذ نشهد كارثة ذات أبعاد تاريخية». فكيف نتصرف؟

الإجابات متعددة، وأهمس فى أذن القارئ بأنه من المستحيل استعراض كتابة شديدة الإتقان فى أكثر من ثلاثمائة صفحة فى عجالة كهذه، والحل أن أستعرض الأفكار باقتباسات محددة لعلها تمنح القارئ تلمساً لمبتغى د. إسماعيل سراج الدين، فانتبهوا معى. ولنقرأ معاً:

■ حتى يتسنى للديمقراطية أن تنجح وتترسخ فمن المهم أن تكون الهوية السائدة هى هوية الدولة ذات السيادة، وحتى يصبح الجميع سواسية أمام القانون وأن تكون الحكومة على نفس الشاكلة.

■ نحن جميعاً نعيش بهويات عديدة تتكون عبر المولد والتنشئة (النوع، الجنس، العرق، الأسرة، الأصل القومى). وغالباً ما نكتسب لغة الوسط المحيط بنا ونقبل الديانة التى يعتنقها آباؤنا.

■ الثقافة لا تتضمن فقط الأعمال الفنية والثقافية ومنظومة تعليمية فقط وإنما تنطوى أيضاً على نشر ثقافة العلم التى تروج للقيم العلمية وتشجع الفكر المتزن والمنطق والأساليب القائمة على الدليل، وكذلك تعزيز التعددية والإنصات للآراء المعارضة، وتشجيع الحلول متعددة الأطراف للمشاكل المجتمعية (ص34).

■ النمو القوى فى صناعة الثقافة يتوازى مع تنامى التعصب الذى تظهره الأنظمة الشمولية وتضمن التشدد من جانب مجموعات تستخدم السلاح وتتخطى حدود السلوك الإنسانى المتحضر. ولم يعد يتبقى سوى جزر متفرقة من الانفتاح منثورة داخل الأراضى الممتدة من المحيط الأطلنطى وحتى الخليج (ص52).

■ إن بنيان أى مشروع حضارى لا يمكن أن يقوم سوى من خلال الثقافة وحرية التعبير. والثقافة هى أسلوب حياة فى المجتمع، تظهر فى طريقة التفكير والسلوك الجماعى والفردى ونظرة الأفراد لأنفسهم وللآخرين، وكيفية التعامل مع الممتلكات العامة والخاصة والاستمتاع بالحياة وطريقة الطهى والأزياء (ص61).

(وأستأذن القارئ فى أن أقاطع استمتاعه لأشير فقط إلى مجمل هذه المنظومة من السلوك، وأن الثقافة ليست كما يتوهم البعض مجرد قراءة أو كتابة كتاب أو كتب).

■ يعد انتشار الثقافة العلمية أحد قواسم النهضة الثقافية فى المجتمع فهى تعنى رؤية للعالم ونواميسه ومنهجاً للفكر وأسلوباً للحوار والقرار ويستند إلى المنطق والعقلانية ويحتكم إلى الحجة والبرهان، ويرفض الغيبيات والتصدى للعقائد، احتراماً لها وتأكيداً على أن لها مجالاً خاصاً بها.

■ إن المثقف بطبيعته يجب أن يأخذ موقفاً ناقداً تجاه مجتمعه، فليس دوره التأكيد على الأيديولوجيات السائدة بل مساءلتها فهو عنصر التجديد الفكرى فى المجتمع ولكنه فى نفس الوقت حافظ هوية هذا المجتمع، ومن ثم عليه التجديد مع التأصيل، فالجرى وراء الجديد دون تأصيل سيؤدى إلى التخبط، كما أن الانغلاق فى الماضى هو استسلام لانتحار بطىء (ص68).

■ التطرف هو موقف سياسى يرفض معتنقوه أى فرصة للحوار، كما يرفضون أى تلميح حول وجود قصور أو خطأ فى فهمهم. وكل مدرسة من مدارس الفكر السياسى لديها متطرفوها، ولكن المتطرفين من جميع الأطياف فى نهاية الأمر يرفضون أى تسوية أو حل وسط مع الآخرين الذين لا يشاركونهم آراءهم (ص91). (ونلاحظ أن التطرف عند د. سراج الدين هو موقف سياسى فحسب ولا علاقة له بالدين).

■ من الأعراض التى تشير إلى تصاعد الفكر المتطرف: ظهور الشعارات الساذجة والطنانة حول تسيب المجتمع وضياع الهدف فيه، وإظهار المتطرفين بوصفهم ينتمون إلى فئة الحق بينما ينتمى الآخرون -كل الآخرين- إلى فئة الضلال.

■ الهجوم ضد أى شخص يتحدى آراء الجماعة المتطرفة، ظهور خطاب الكراهية ضد الأقليات، ورفض اعتبارهم جزءاً من النظام الاجتماعى. ولكن علامات الخطر الحقيقى تظهر عندما تسيطر تلك الجماعات على السلطة السياسية أو يحتل المتعاطفون معها مناصب مهمة فيصبح الفكر المتطرف نوعاً من الأيديولوجية الصاعدة (ص92).

■ يعتبر المعلمون بالمدرسة عنصراً على درجة هائلة من الأهمية إلى جانب المادة العلمية التى يدرسونها (ص94).

ويشير سراج الدين إلى خطورة صياغة منسوبة للجيزويت تقول «أعطنى طفلاً أقل من سبع سنوات ولن يهمنى من يتعامل معه بعدها».

■ عندما نواجه ظروفاً تصدم قيمنا وإحساسنا الفطرى بالعدل فإننا نشعر بالاستياء ويمكن للاستياء أن يتحول إلى غضب والغضب إلى حنق جارف ويمكن للحنق أن يكون عرضاً مَرضياً غير عقلانى (ص95).

■ فور تجنيد الشباب داخل جماعة متطرفة يتم تشجيعهم على الانفصال عن أسرتهم وعن أصدقائهم وتصبح الجماعة هى عامل التغيير المسيطر فى حياتهم ويتم تقوية تمسكهم بالأيديولوجية فى الحركة المتطرفة بشكل منهجى والتنديد بجميع الآراء البديلة (ص97).

ومهما أطلت فى الاقتباسات فإننى أستشعر نقصاً فيما قدمت من كتاب ممتع وغاية فى الفائدة وفى القدرة على الإقناع لأن البناء الفكرى متسق ومنطقى.. ويبقى أن أعتذر للقارئ وأيضاً للدكتور إسماعيل سراج الدين، وأن أدعوه إلى مزيد من الكتابة.. وفى هذا الموضوع بالذات.

• أسلوب حياة
• إسماعيل سراج الدين
• الأعمال الفنية
• الإرهاب والتطرف
• الإرهاب ي
• الاستمتاع بالحياة
• التطرف والعنف
• الثقافة العلمية
• الحروب الأهلية
• الخطر الحقيقى
• أسلوب حياة
• إسماعيل سراج الدين
• الأعمال الفنية
• الإرهاب والتطرف
• الإرهاب ي
• الاستمتاع بالحياة
• التطرف والعنف
• الثقافة العلمية
• الحروب الأهلية
• الخطر الحقيقى
• أسلوب حياة
• إسماعيل سراج الدين
• الأعمال الفنية
• الإرهاب والتطرف
• الإرهاب ي
• الاستمتاع بالحياة
• التطرف والعنف
• الثقافة العلمية
• الحروب الأهلية
• الخطر الحقيقى
• أسلوب حياة
• إسماعيل سراج الدين
• الأعمال الفنية
• الإرهاب والتطرف
• الإرهاب ي
• الاستمتاع بالحياة
• التطرف والعنف
• الثقافة العلمية
• الحروب الأهلية
• الخطر الحقيقى