تكتيك جديد.. الدراجات النارية تحسم معركة سيطرة قوات الأسد على بلدة "سلمى"

كتب: أ ف ب

تكتيك جديد.. الدراجات النارية تحسم معركة سيطرة قوات الأسد على بلدة "سلمى"

تكتيك جديد.. الدراجات النارية تحسم معركة سيطرة قوات الأسد على بلدة "سلمى"

اعتمدت القوات السورية في المعارك التي مكنتها من استعادة السيطرة على بلدة سلمى الاستراتيجية في ريف اللاذقية إضافة إلى الدعم الجوي الروسي، على تكتيك جديد يتمثل في استخدام الدراجات النارية.

ويؤكد هاني، الجندي في الجيش السوري، أنه يتنقل منذ 9 أشهر على دراجته النارية وأنها كانت وسيلة انتقاله الرئيسية في المعارك التي خاضها في مواجهة الفصائل الإسلامية والمقاتلة في الشوارع الضيقة لبلدة سلمى في غرب البلاد.

يقول هاني، (25 عاما)، لوكالة "فرانس برس" بعد جولة في شوارع البلدة الموحلة، "تغيرت طريقتنا في القتال منذ بداية الحرب وطوّرنا أساليبنا الهجومية، فاليوم نستخدم الدراجات النارية لسرعتها وخفة تنقلها ما يناسب الطبيعة الحرجية لبلدة سلمى".

قرر الجيش السوري التكيف مع هذا الأسلوب الجديد في الحرب بعد أن ثبتت فعاليته لدى مقاتلي حليفه حزب الله والفصائل المقاتلة، على حد سواء.

وفي آخر اختراق مهم تمكن من تحقيقه ميدانيا، سيطر الجيش السوري في 12 يناير على بلدة سلمى الإستراتيجية والتلال المحيطة بها وهي أبرز معاقل الفصائل الاسلامية والمقاتلة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي في غرب البلاد، منذ العام 2012.

يضع هاني ثمانية أكياس صغيرة من الملح والسكر في سلة المقعد الخلفي لدراجته، ويثبت بندقيته على ظهره مستعدا للانطلاق وهو يروي كيف أطلق مقاتلو الفصائل النار وأصابوا سيارات تنقل الطعام للجنود، ويضيف "أما دراجتي فمن الصعب رصدها وتستطيع تفادي الألغام لخفة وزنها".

تتسم سلمى بشوارعها الضيقة وأزقتها الملتوية بين بيوتها المبعثرة داخل منطقة حرجية، لذلك يقول قائد ميداني برتبة عقيد لـ"فرانس برس"، "كان لمشاركة أكثر من 80 دراجة نارية في المعركة الأخيرة أكبرَ أثر في حسمها خلال 72 ساعة".

ويضيف القائد الميداني، أثناء جولته في البلدة حيث يقطع حديثَه هدير وطقطقة الدراجات المتنقلة في أنحائها، "ساهمت الدراجات بنقل الجرحى والذخيرة الخفيفة والطعام، كما استخدمها مقاتلون يحملون رشاشات متوسطة ومناظير ليلية".

ولا يقتصر استخدام الدراجات النارية على الجنود، يضيف القائد الميداني قائلا "أتفقّد عناصري على الدراجة النارية بما أنها سريعة وخفيفة، وعملية رصدها أصعب من رصد السيارات الكبيرة".

ويتابع "لا ننكر أننا تعلمنا من المسلحين تكتيك استخدام الدراجات النارية.. قدّمنا مدرسة متطورة في قتال الشوارع وحرب العصابات، وقد يصبح القتال على الدراجات النارية معتمدا ضمن تكتيكات الجيوش النظامية".

يقول الجندي رضا الحاج، (38 عاما)، الذي قاتل على عدة جبهات من أرياف دمشق إلى حمص (وسط) واللاذقية، "المرة الأولى التي شاهدت فيها دراجات نارية تستخدم في القتال كانت في القلمون الحدودية مع لبنان في منتصف العام 2014، مقاتلو حزب الله يعتمدون بشكل كبير عليها".

ويضيف "انتقل تكتيك استخدام الدراجات النارية من مقاتلي حزب الله الينا"، ثم يستدرك أن مقاتلي الفصائل استخدموها أيضا قبلنا وبشكل كبير.

ويتابع "قبل بدء معركة سلمى بأشهر، جمعنا القائد الميداني وقسّمنا إلى مجموعات بحسب الدراجات النارية، كان لكل مجموعة مشاة 3 دراجات تساهم في نقل الطعام والذخيرة، كما أسعفنا العديد من الجرحى في الأحراش التي لا يمكن لسيارات الإسعاف أن تدخلها، ومنذ ذلك الحين باتت الدراجة النارية جزءا لا يتجزأ من عتادي مثل البندقية والذخيرة".

شهدت سلمى معارك عنيفة بين الجيش السوري والفصائل الاسلامية والمقاتلة خلفت فيها دمارا كبيرا يظهر في المنازل والشرفات المطلة على التلال والتي دمرتها القذائف واخترقها الرصاص.

تخلو البلدة من المدنيين، وتغطي جدرانها كتابات خطها مقاتلو جبهة النصرة وفصائل إسلامية أخرى، وفي أحد الأزقة الضيقة، يجلس نحو 12 جنديا حول نار أوقدوها للتدفئة يشربون المتّة.

يستلقي الجنود الفرحون بنهاية المعركة على الأرض، وينشد أحدهم أغنية شعبية، وفي مكان غير بعيد يتابع قيادي ميداني برفقة مجموعة من المقاتلين عمليات التحضير للمعارك المقبلة انطلاقا من سلمى.

ترتفع سلمى 850 مترا عن سطح البحر وتقع في منطقة جبل الأكراد حيث تنتشر الفصائل المقاتلة، وتحيط بها التلال من كل جانب، ولا تزال محافظة اللاذقية الساحلية مؤيدة إجمالا للرئيس السوري بشار الأسد، وبقيت بمنأى عن النزاع الدامي الذي تشهده البلاد منذ منتصف مارس 2011، وتسبب بمقتل أكثر من 260 ألف شخص.

ويقتصر وجود الفصائل المقاتلة والاسلامية في تلك المحافظة على منطقتي جبل الاكراد وجبل التركمان في ريفها الشمالي والشمالي الشرقي.

يشعل القائد الميداني سيجارته ثم ينظر بعيدا إلى التلال، قائلا "تبعد بلدة سلمى عن الحدود التركية حوالي 22 كيلومترا، وعن مدينة اللاذقية حوالى 48 كيلومترا، وبعد السيطرة عليها تتّجه أنظار الجيش إلى بلدة ربيعة المجاورة غربا".

يستوي الجندي عبدالكريم محفوض، (26 عاما)، في جلسته بين زملائه ويقول لـ"فرانس برس"، "لم أفارق سلاحي طوال 9 أشهر كنا خلالها باستمرار على أهبة الاستعداد خصوصا أن المعارك كانت على أشدها في التلال المحيطة بسلمى، أما اليوم فأحمل بيدي كأس المتة، وبندقيتي إلى جانبي".


مواضيع متعلقة