«وجوه فى التراب» بحثاً عن الرزق: «كله على الله»

كتب: رنا على

«وجوه فى التراب» بحثاً عن الرزق: «كله على الله»

«وجوه فى التراب» بحثاً عن الرزق: «كله على الله»

عواصف ترابية حجبت الرؤية وسط أجواء مناخية سيئة، لكنها لم تمنع بسطاء من مواصلة سعيهم بين الشوارع من أجل لقمة العيش رغم بشاعة الطقس والتحذيرات. {left_qoute_1}

«أرزقية» على باب الله لا يملك أحد منهم وظيفة ثابتة، اعتادوا على الشقاء دون الاكتراث بأحوال الطقس المتغيرة، يعملون تحت أى ظرف وتحت أى طقس، مشمس، صقيع، أمطار، حتى العواصف الترابية التى حذرت منها هيئة الأرصاد ومنعت عديدين من مغادرة منازلهم إلا فى أضيق الحدود، تلك التحذيرات التى لم تكن على خريطة «سنهابى» الرجل الستينى أو «اعتماد» السيدة العجوز. على كرسى خشبى جلست تلتقط أنفاسها، وسط الشارع بدأت تستريح من «اللف» على قدميها المتورمتين من كثرة السير، و«التنطيط» فى الأوتوبيسات، تتذكر «اعتماد محمد» كيف كانت أيامها صعبة منذ أن تزوجت طفلة، حتى أصبحت جدة فى العقد السابع من عمرها، رغم ذلك مضطرة إلى العمل، تارة تغسل فرش البيوت، وأخرى تعمل لقضاء الطلبات، حتى ذلك اليوم الذى سقطت فيه على ذراعيها: «اتكسرت وإيدى بقى فيها عاهة»، السيدة العجوز على استعداد أن تتحمل لفظ «متسولة» فى سبيل ألا تجوع عائلتها المكونة من زوجة ابنها الذى توفى منذ عامين، ومنذ ذلك الحين لا يلقبها الشارع إلا بـ«أم محمد»، والتى تقول: «أنا أتحمل تراب الجو، ولا أخلى عيالى يسفوا تراب الفقر والجوع، المرحوم جوزى سابنا من غير ولا مليم ولحد آخر يوم فى عمرى هافضل أشتغل.

لم تكن السيدة السبعينية وحدها فى الشقاء، أمثلة أخرى من «الغلابة» الذين يسعون مهما كانت الظروف المناخية، يجلس الرجل الستينى إلى جوار «فرشته» المحملة بالخضرة من كل الأنواع، يرتدى جلباباً صعيدياً، ويلفح رقبته بوشاح صوفى قديم، يجلس منكمشاً مغمض العينين تجنباً لرمال العاصفة الترابية، المار بجواره يلومه على القدوم فى ذلك الطقس السيئ، لكن لم يرمِ «سنهابى محمود» على «مُر الطقس» إلا الأشد منه مراراً وهو مورّد الخضرة، قائلاً: «لو قعدت فى بيتى صاحب البضاعة يحبسنى».

 


مواضيع متعلقة