بعد اشتعال 12 منزلا بالشرقية.. هل الجن وراء الحرائق كما يدعي الأهالي؟

كتب: محمد شنح ومحمود عباس

بعد اشتعال 12 منزلا بالشرقية.. هل الجن وراء الحرائق كما يدعي الأهالي؟

بعد اشتعال 12 منزلا بالشرقية.. هل الجن وراء الحرائق كما يدعي الأهالي؟

"الجن هو السبب في اندلاع الحرائق"، رواية يصدقها أهالي قريتي "الشرقاية" التابعة لمركز كفر صقر، و"منا صافور" بمركز ديرب نجم، وكلاهما بمحافظة الشرقية، زاعمين بأن الجن وراء اشتعال النيران فى أكثر من 12 منزلاً بالقريتين، وهو ما ترتب عليه، قطع الأهالي للطريق، مطالبين بتدخل الجهات المعنية لحل الأزمة.

"الوطن" تحدثت إلى اللواء حسن عبدالرازق سيف، مدير أمن الشرقية، لمعرفة أسباب الحرائق بالقريتين، ومدى صدق الإدعاءات بأن الجن وراءها، حيث أكد أن هناك جهودا كبيرة تبذلها المديرية منذ نشوب الحريق أول أمس، موضحا أن هناك متابعة مستمرة من قطاع المباحث الجنائية، وأن هناك ممثلين عن الأمن الجنائي يتواجدون بموقع الحادث لرفع آثار الحريق وتقديم التقارير النهائية عن أسباب ذلك الحادث.

عبدالرازق أكد لـ"الوطن"، أنه لم يتم التوصل إلى أي مؤشرات أولية بخصوص الأسباب الحقيقية وراء الحادث، مؤكدا أن مديرية الأمن تعمل جاهدة على طمأنة الأهالي وتهدئة روعهم بمساعدة رجال من وزارة الأوقاف والأزهر، رافضا التعليق على ما ذهب إليه الأهالي بقرية "درب نجم" من أن "الجن" هو من تسبب في نشوب ذلك الحريق الهائل ليلا.

أما الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أكد أن ما قاله الأهالي حول تسبب "الجن" في نشوب ذلك الحريق هراء وتخاريف، مؤكدا أن أهل التخصص في علم الحرائق يعلمون جيدا أن تلك القرى تحوي قطعا من القش وروث البهائم، وهناك العديد من المواطنين الذين يتركون مواقد الغاز مشتعلة ومعرضة للاحتكاك بالقش في الشتاء، وهو ما قد يتسبب في حدوث تلك الحرائق.

وأضاف كريمة، لـ"الوطن"، أنه لا يمكن لأحد أن ينكر وجود الجن، وأن هناك نوعا من الجن الكافر الذي يسعى دائما لإغواء الناس، سماهم الله في قرآنه بـ"القاسطين"، وهناك جن مسلم، إلا أن الحرائق والمصائب ليست من وظائف أو سلطات الجن، مطالبا من يروج تلك الشائعات بالخروج بدليل مؤكد على أن "العفاريت" هي من فعلت ذلك، ويأتي بأحد هؤلاء العفاريت على التليفزيونات ليروي كيف خطط ودبر لذلك الحادث.

واستنكر "كريمة" تدخل وكيل وزارة الأوقاف بالشرقية في الأمر وإفتائه بوجود الجن وإيهام المواطنين بذلك، مؤكدا أن هناك عدة أمور دينية وفتاوى يذكرها أئمة المساجد من شأنها تضليل الرأي العام، ناصحا الأئمة بالالتزام بالخطابة والدعوة، ورد الفتوى لمفتي الديار المصرية لأنه الأحرى بذلك.

الدكتور جمال حماد، أستاذ علم الاجتماع، يرى أن السبب فيما قاله الأهالي، هو أن المجتمع يعيش في واقع يغيب عنه المنهج العلمي في التفكير، مستشهدا بما قاله المفكر أوجست كونت، بأن: "العالم لكي ينهض ويصل للتنوير لا بد أن يتخلص من مرحلة مهمة جدا من مراحل التفكير اسمها الميتا فيزيقا، أو ما وراء الطبيعة"، مشيرا إلى أن هذه المرحلة كانت موجودة في أوروبا في عصور الظلام، عندما كانوا يرجعون تفسيرهم للظواهر كـ"ظاهرة الرعد والبرق سقوط الأمطار أو الظواهر البعيدة عن إرادة الإنسان" إلى وجود قوة غيبية خارقة تحدث هذه الظواهر.

وأشار حماد، إلى أن العالم يتقدم نحو مرحلة حضارة المعرفة، وحضارة الأفكار ومرحلة الحداثة وما بعد الحداثة، ونحن ما زلنا نفسر الظواهر الاجتماعية وفقا لوجود الجن والعفاريت، متابعا: "نحن نقع تحت دائرة التخلف، وهذا واقع اجتماعي فيه اغتراب عن المعرفة واغتراب عن العلم، العالم يقود ثورة للتنوير، وإحنا بنفكر إزاي، مفيش حاجة اسمها بفعل الجن".

وطالب حماد بضرورة استنهاض العلم والفكر، حتى لا تظل الناس أسيرة للشائعات، وتحت رحمة رأي عام مزيف، فيه هدر للوقت والجهد والطاقات، بدلا في استغلالها فيما يفيد وينفع المجتمع.


مواضيع متعلقة