بروفايل| «شنودة»: راديو قديم.. ولا سؤال اللئيم

01:13 ص | الجمعة 01 يناير 2016

يجلس على كرسى بلاستيك فى منطقة الدقى واضعاً «رجل على رجل»، يسحب أنفاس «الشيشة» التى أحضرها معه خصيصاً إلى مكان عمله، ليبدو وكأنه «ملك زمانه»، حتى لو كان مجرد بائع للأشياء القديمة، تنحصر فى ملابس بالية وأدوات كهربائية «نص عمر». عم «شنودة صادق»، 65 عاماً، يؤمن أن متع الحياة ليست فى المال والجاه، إنما فى راحة البال، ما جعله يظل 30 عاماً جالساً فى نفس المكان على الرصيف، يتحدى فقر الحال، والأزمات التى مر بها وخرج منها بسلام، واضعاً أمامه «كومة» ملابس قديمة، وأجهزة كهربائية معطلة مثل الراديو المكسور، والمضرب المعطل، الذى ينتظر زبوناً يشتريه ويصلحه.

{long_qoute_1}

علامات القوة والزعامة تبدو فى صوت «شنودة» الرخيم، كما أن لكنته الصعيدية تدل على أنه ليس من سكان القاهرة، فقد غادر محافظة أسيوط، مسقط رأسه، منذ 30 عاماً، بحثاً عن لقمة العيش وحياة مستقرة لأسرته الكبيرة، المكونة من زوجة و8 أبناء «4 أولاد و4 بنات».

يرفض «شنودة» السخرية من بضائعه، فتلك الأشياء التى يراها البعض غير نافعة ويسخرون من بيعها على الرصيف تعتمد عليها بيوت الفقراء، ويفرحون بها كما يفرح الأغنياء بمقتنياتهم الثمينة، الأمر الذى جعله مع مرور الوقت يستشعر الجانب الإنسانى من طبيعة عمله، ويرفض الانتقال إلى مهن أخرى. «البلدية» باتت بمثابة الكابوس الذى يلاحق «شنودة»، فلا ينسى البضاعة التى استغرق ثلاثة أشهر فى تجميعها، وتجاوز سعرها الخمسة آلاف جنيه، ثم قامت البلدية بمصادرتها منه، ومع ذلك يستمر فى نفس المجال، ويشعر بطاقة كبيرة على العطاء، فحين يشعر بحاجة الزبون لقطعة يعرضها، لكنه لا يقدر على ثمنها، يعطيها له دون مقابل، مثل ذلك الشاب الذى منحه مجموعة من الأحزمة الجلدية دون مقابل.

دخل «شنودة» البسيط ساعده على تزويج أبنائه، فيما عدا ابنه المعاق الذى تخطى عمره الـ30 عاماً، لكن عقله أقل من ذلك كثيراً، ما جعله يحلم بصرف معاش ثابت يعينه على الإنفاق على الشاب المعاق، ويكون سنداً له فى حال رحيل «شنودة» وزوجته.