حصاد اجتماعات «سد النهضة»: «4 نتائج.. وإهانة ثالثة للجزيرة»
حصاد اجتماعات «سد النهضة»: «4 نتائج.. وإهانة ثالثة للجزيرة»
«شكرى» خلال الاجتماع السداسى لوزراء الخارجية والرى الأخير
انتهت المفاوضات الحاسمة لـ«سد النهضة الإثيوبى» بالخرطوم مؤخراً، بـ4 نتائج أساسية، تمثلت فى زيارة وفد شعبى مصرى للسد، والتمسك باتفاقية المبادئ، وإسناد الدراسات لمكتب فرنسى آخر، ودراسة المقترحات الخاصة بالسد، وبدأت أجواؤها بإعلان التليفزيون الإثيوبى نجاح هيئة إدارة «سد النهضة» فى تحويل مجرى نهر النيل لتعبر المياه من جسمه لأول مرة قبل ساعات من بدء مفاوضات الاجتماع السداسى بالخرطوم، وكانت بمثابة صب «الزيت على النار»، وبدا المشهد بـ«غليان» فى «القاهرة»، و«احتفالات» فى «أديس أبابا»، و«حيرة» فى «الخرطوم»، الحاضنة لاجتماعات تبحث للمرة الثانية خلال شهر عن خطوة للأمام فى ملف هو الأكثر تعقيداً وتأزماً فى تاريخ الدول الثلاث، والذى يهدد بقطع «الحبل السرى» الممثل فى نهر النيل، وأواصر الصداقة والجيرة، وينسف التاريخ بكل ما فيه من ومضات مضيئة.
تدخلات رئاسية فى اللحظات الحرجة تنقذ مفاوضات الـ26 ساعة.. وإعلان إثيوبيا تغيير مجرى النهر أربك المشهد.. ووزير الخارجية غير موعد طائرته 3 مرات
حاملاً حقيبته الصغيرة فى مطار الخرطوم الدولى دون ابتسامة، سأل السفير سامح شكرى، وزير الخارجية، الوفد المصرى المصاحب له، أين نعقد الاجتماع؟ وجاءته الإجابة: فلنذهب إلى السفارة المصرية فى الخرطوم، فى اجتماع استمر 90 دقيقة، حضره الوفد المصرى المفاوض، انتظر خلاله الدكتور حسام مغازى، وزير الرى، تقريراً من قطاع مياه النيل، لتحليل صور الأقمار الصناعية، والتى أكدت أن السد لم يبدأ تخزين مياه هضبة الحبشة، بعدها قرر الوفد التوجه مباشرة لفندق السلام روتانا، لحضور حفل عشاء أعده وزير الخارجية السودانى الدكتور إبراهيم غندور للوفود الثلاثة، فى العاشرة من مساء السبت الماضى، استعداداً لختام المفاوضات.
تناولت الوفود الثلاثة الإفطار، وسط عبارات الترحيب، وبعد انتهائه دخل «شكرى» القاعة، وفى ذهنه تطلعات 90 مليون مصرى، كان فى انتظاره وزير الخارجية السودانى، ووفده المكون من 25 مسئولاً وخبيراً، بينما توجه وزير الخارجية الإثيوبى تواضروس أدهانوم لغرفته، الأمر الذى أخر عقد الاجتماع 30 دقيقة، بعدها بدأت الجلسة الافتتاحية التى عبر خلالها كل وفد عن همومه ومشاغله وصدق نواياه، وبعبارة صادقة بليغة قال وزير الخارجية السودانى: «قضية مياه النيل أمن قومى لمصر والسودان وإثيوبيا، وشعوب وزعماء الدول الثلاث، ينظرون باهتمام بالغ لخروج اجتماعات ومفاوضات سد النهضة بتوافقات وتفاهمات مشتركة تحقق المصالح للدول الثلاث»، لم تغب «قناة الجزيرة» عن المشهد، والتى حاولت تعكير جو المفاوضات من جديد بوضعها لوجو مايك قناتها أمام السفير سامح شكرى، الذى أصر على إبعاد المايك لـ«المرة الثالثة»، قائلاً: «إبعد ده من هنا» واكتفى بإزاحته من أمامه، مفضلاً وضع مايك «التليفزيون المصرى» فى المقدمة، يليه باقى القنوات الأخرى، وتدخل مساعد وزير الخارجية السودانى لحسم الأمر وإخراجه، ما أسعد الحضور.
وعقب مرور ساعة واحدة فقط، وجه السفير سامح شكرى رسائل للحضور فى عبارات محددة دون رد، بعدها غادر للقاء الرئيس عمر البشير، فى اجتماع استمر ساعة متجاوزاً الوقت المحدد بنصف ساعة، ثم التقى بوزير الخارجية الإثيوبى عقب ذلك.
ولم يحقق اليوم الأول للاجتماع طموحات الحاضرين، ولم يلتقِ أى من الوفدين المصرى والإثيوبى، على أرضية مشتركة وتأزم الموقف، فقد رفضت «أديس أبابا» وقف الإنشاء، لحين الانتهاء من الدراسات، فى المقابل رفضت القاهرة تخزين 3 مليارات متر مكعب من المياه أمام السد، وفى الوسط وقفت الخرطوم حائرة بين البلدين، تحاول التوفيق، رافضة أن يوصف موقفها بالوسيط، إلا أن حساسية وضعها المتصل بالجارتين يفرض عليها استيعاب الجميع، وكشفت مصادر أن التدخلات الرئاسية من الزعماء الثلاثة أنقذت المفاوضات.
ومع نهاية اليوم الثانى للمفاوضات فى الثالثة عصراً من يوم الاثنين، أعلن وزير الخارجية السودانى أنه تم التوافق على كثير من النتائج والخلاف على بعضها، مؤكداً الاتفاق على نقاط فنية وأخرى سياسية، ومع صياغة البيان الختامى تأزم الموقف من جديد ووقع الخلاف على فقرة لم يتم الإعلان عنها، الأمر الذى دفع «القاهرة» فى الساعات الأخيرة إلى مد المفاوضات يوماً إضافياً لاستقدام ثلاثة قانونيين للوقوف على الصياغة الدقيقة لمخرجات الاجتماع، وفى صباح اليوم التالى عقد وزيرا الخارجية والرى اجتماعاً فنياً آخر للوقوف على كل التفاصيل الدقيقة التى ستصبح مُلزمة عقب التوقيع.
وخلال ساعات الظهيرة، بدأ الاجتماع النهائى، وفوجئت وسائل الإعلام السودانية والإثيوبية بوزير الرى المصرى وأعضاء وفده الفنى يغادرون القاعة فى طريق العودة إلى القاهرة، دون الحديث عن السبب ما أربك المشهد، وفسره البعض بانسحاب الوفد، حيث رفض الوزير التصريح، إلا أنه فى اللحظات الأخيرة أنقذ المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية الموقف بالخروج بتصريح، أكد فيه أن للوزير ارتباطات رئاسية خاصة بافتتاح مشروع «الفرافرة»، إلا أن «نميمة سودانية» تدخلت، وطرحت سؤالاً: وهل يوجد فى مصر أهم من أزمة سد النهضة؟
وفى تمام الثالثة عصراً بتوقيت «الخرطوم»، ساد الهدوء التام قاعة «فندق السلام»، انتظاراً لكلمات الوزراء الثلاثة، وإعلان مخرجات اجتماعات استمرت 26 ساعة، أعربوا خلالها عن توصلهم لـ«وثيقة» سيتم توقيعها، وفى مؤتمر صحفى خاطف تم الإعلان عن مخرجات الاجتماع، التى حققت 4 نتائج سياسية وفنية، لم ترضِ الطموحات، ولكنها خطوة للأمام.
وشهدت الاجتماعات تغيير وزير الرى لموعد طائرته، والوفد المرافق له مرتين، وتغييرها 3 مرات للسفير سامح شكرى، والوفد المرافق له ونظرائهم من الوفد الإثيوبى، كما فوجئ الحضور بتوقيع «مغازى» على الوثيقة عند إعلانها رغم عدم حضوره توقيع وزراء الخارجية، وهو ما فسره الدكتور علاء يس، مستشار وزير الرى، بأن الأطراف اتفقت على كل المخرجات، وأنه وقع عليها قبل خروجها للتوقيع.