المتاحف بلا إرشادات «برايل» أو ملحقات صوتية

كتب: جهاد مرسى

المتاحف بلا إرشادات «برايل» أو ملحقات صوتية

المتاحف بلا إرشادات «برايل» أو ملحقات صوتية

يتحدثون عن السياحة العلاجية والدينية والثقافية، باعتبارها كفيلة بجلب المليارات إلى مصر، وإنعاش حركة السياحة من كبواتها المتلاحقة، دون أن يدروا أن هناك «طاقة قدر» تنتظرهم لو التفتوا إلى سياحة المعاقين بشكل عام، و«المكفوفين» بشكل خاص، وأهلوا المتاحف المصرية والمواقع السياحية المختلفة لاستقبال معاقى العالم. فكرة بسيطة يطرحها «عادل المصرى»، مرشد سياحى للمكفوفين فى المتحف المصرى، تم تطبيقها فى مختلف دول العالم المتقدم، وكانت كفيلة بجلب 11 مليار دولار، هى مجمل دخل سياحة المعاقين على مستوى العالم، منها 3 مليارات دولار فى العالم العربى، بينما اقتصر نصيب مصر على 300 مليون دولار، وهو رقم خادع فى رأى «عادل»، فالمعاقون الذين تستقبلهم مصر لا يلقون الخدمة السياحية المطلوبة، ويأتون على عهدتهم الخاصة، ثم يفاجأون بالواقع الأليم.

{long_qoute_1}

يروى «عادل» حكايته مع الإرشاد السياحى للمكفوفين، قائلاً: «وأنا فى كلية الآداب كنت بشارك فى الأنشطة المختلفة، وعضو أساسى فى اللجنة الفنية، وقتها اتعرفت على الدكتورة منى صفوت، المسئولة عن القسم الفرنسى، ورشحتنى أروح مركز الثقافة الفرنسى للتدريب على إرشاد المكفوفين فى المتحف المصرى».

يستكمل «عادل» حديثه: «الصدفة كان ليها دور تانى فى حياتى لما شافنى الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار الحالى، كان وقتها رئيساً للمتحف المصرى، كنت بشرح للأطفال المكفوفين صور نحاسية مجسمة، فرشحنى للعمل كمرشد للأطفال المبصرين فى المتحف المصرى، واستمر الحال لحد ما التقيت بالأستاذة إلهام صلاح، رئيس قطاع المتاحف فى وزارة الآثار، ورشحتنى لتولى مهام إرشاد المكفوفين فى المتحف المصرى يوم 19 أبريل 2003، كمان تعرفت على الأستاذة تهانى نوح، مسئول ذوى الاحتياجات الخاصة بوزارة الآثار، وكونا فريق عمل، من خلال كيان أطلقنا عليه مدرسة الوعى الأثرى للمكفوفين بالمتحف المصرى». التوعية الثقافية عن الآثار المصرية وأهميتها وواجبنا نحوها، هو الدور الذى يقوم به «عادل المصرى»، ونائبه «أحمد نجيب»، والمسئول الإعلامى للمدرسة «أحمد ناجى»، وجميعهم من المكفوفين، حيث يقومون بإرشاد المكفوفين ومساعدتهم على التعرف على القطعة الأثرية عن طريق اللمس والشرح المبسط والوافى لها.

{long_qoute_2}

طلاب مكفوفون فى مراحل عمرية مختلفة يتم إرشادهم فى المتحف المصرى، من 6 سنوات إلى المرحلة الجامعية، بالإضافة إلى أفواج تأتى من جمعيات المعاقين الموجودة على مستوى الجمهورية، للتعرف على الآثار المصرية، الأمر الذى يراه «عادل المصرى» جيداً من نواحٍ مختلفة: «بخلاف استمتاع الكفيف بجولة سياحية شيقة مثل المبصرين، فإن التعرف على شكل الآثار ولمسها ينمى وعيه وإدراكه، كما أنه يساعده فى سنوات الدراسة، خاصة فى مراحل التعليم الأساسى، أفتكر لما كنت طالب فى ابتدائى وإعدادى كان صعب عليَّا أفهم مادة التاريخ، وأفهم مين هو رمسيس الأول، وطريقة التحنيط، وبناء الأهرامات وأبوالهول، لكن دلوقتى لما بنشرح للأطفال المكفوفين تاريخ بلدهم بيفهموه كويس». تنفيذ فكرة «سياحة المكفوفين» فى مصر بمعناها الشامل، يتطلب تهيئة المناخ لها، وتنفيذ أمور عدة، حدثنا عنها المرشد «أحمد نجيب»: «لا بد من تجهيز المتاحف بالكيفية التى تسهل على الكفيف قضاء مهمته بسلام واستمتاع، لا توجد تقسيمات هندسية داخل المتاحف والمعابد مخصصة للمعاقين، فكيف يدخل معاق داخل مقبرة؟ لا توجد إرشادات بلغة البرايل أو مواد صوتية، فضلاً عن أن وسائل المواصلات غير مجهزة لاصطحاب مكفوفين، حتى المرشد السياحى لا يجيد حرفيات التعامل مع معاق، أو كفيف على وجه التحديد». يضرب «نجيب» مثالاً لتوضيح فكرته، وكيفية احترام العالم للمعاق: «هناك واقعة حدثت فى ألمانيا، شخص راح فندق وكان بيعانى من إعاقة حركية فى يده اليمنى، فتم نقله إلى غرفة فندقية كل محتوياتها على جهة اليسار، فكروا فى ذلك فترة الأربعينات، فما بالنا بما يحدث وقتنا هذا».

{long_qoute_3}

هنا قاطعه «عادل المصرى» وشرح فكرة ينوى عرضها على وزير الآثار: «وجود مدرسة وعى أثرى للمكفوفين فى كل متاحف الجمهورية، سيعمل على نشر الفكرة بشكل واسع، واستفادة أكبر عدد ممكن من المكفوفين، على أن يتم اختيار القطع الأثرية التى لمسها من بين محتويات المتحف، وتنظيم ورش عمل لتأهيل المكفوفين لكيفية الإرشاد السياحى، لخلق جيل جديد من المرشدين المكفوفين، وفى نفس الوقت إرشاد عدد كبير من المكفوفين، فطالما أن المعاق يعيش فى مجتمع، فلا بد أن يتعرف عليه عن قرب، ويفهم كل ما يدور فيه». يطالب «عادل المصرى» الدولة والجهات المنوطة أيضاً بتدريس اللغات للمرشد الكفيف، لأنها نقطة مهمة تعرقله عن أداء مهمته، فهو الآن يرشد مكفوفى مصر، لكنه يضطر للاستعانة بمترجم لإرشاد كفيف أجنبى، خاصةً أنه يصعب عليه تأهيل نفسه بنفسه، وإذا كانت الدولة تنوى استقبال مكفوفى العالم للتعرف على الآثار المصرية، فالمرشد الكفيف هو الأجدر للقيام بهذه المهمة، لأنه يتفهم عقلية ومشاعر الكفيف، والطريقة المثلى لتوصيل المعلومة له».

«عادل» يريد أيضاً دمج الكفيف مع المبصر فى مكان واحد، بعد تأهيل المكان سلفاً لأداء هذه المهمة، مشيراً إلى أن سياحة المتاحف للمكفوفين ستكون خطوة مهمة، تليها سياحة شاطئية ودينية وعلاجية، وغيرها ينعم بها مكفوفو العالم فى مصر.

 

 


مواضيع متعلقة