طلاب "الهندسة" من موقع حفر القناة: المشروع يدربنا عمليا.. ويمنحنا "شهادة خبرة"

02:59 م | الاثنين 21 ديسمبر 2015

تجولت "الوطن" داخل أحد أهم المشروعات الاستراتيجية العملاقة، وتفقدت أعمال وتجهيزات بدء العمل بمشروع الأنفاق، واستقدام الماكينات الألمانية العملاقة لمحاولة الانتهاء من هذا المشروع خلال عامين على الأكثر، ومع بداية العمل في النفق الأول بشمال مدينة الإسماعيلية، والذي يبلغ عمقه أسفل القناة 40 مترا وسمكه الجداري 60 سم، فضلا عن طبقة عازله بمقدار 5 سم ويمتد ليعبر أسفل قناتي السويس حيث تم تحديد موقعه في الكليو 73,350 من مدخل القناة بمدينة بورسعيد.

وتعتبر الجولات الميدانية لطلاب كليات الهندسة داخل المشروع لها أهمية قصوى، خاصة أنها تجعلهم يدركون مدى أهميته، فضًلا عن اكتسابهم الخبرة العملية على أرض الواقع لما تتضمنه خطوات التنفيذ من عمل هندسي راق وعالي الجودة، ويجعله حريصًا على العمل في هذا المشروع، وكذلك يكون حريصا على المشاركة فيه بعد تخرجه، وكان اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، قد قال: "إن الجنود المقاتلين المهندسين يريدون ويزاحمون للعمل في هذا المشروع ليكتسبوا خبرة عملية أثناء فترة خدمته، ويتعلم منه وعندما ينهي فترة تجنيده تتلقفهم الشركات وربما تتعاقد معهم قبل خروجهم من الجيش"، كما أن مشاهدة التجارب العملية أثناء الدراسة تختلف كثيرا عن اقتصار الدراسة على الجانب النظري فقط.

وقال المهندس سعد زغلول مسؤول الاتحاد للشركات العاملة بموقع أنفاق الإسماعيلية، إن دورنا في هذا المشروع الاستراتيجي العملاق مهم، خاصة مع تداخل ووجود أكثر من شركة، فالأمر يحتاج إلى جهود التنسيق لتضافر العمل والإنجاز بوتيرة وحماس واحدة فيما بين حجم الأعمال الموكلة للشركات الموجودة في الموقع، وهما شركتا "بتروجيت" و"كونكورد"، نظرًا لخبراتهما الكبيرة في مجال وأعمال الإنشاءات والحفر يتم التنظيم فيما بينهما على خطة العمل داخل المشروع وتوجيه المهندسين والعمال.

وقال المهندس وليد محيي عبدالهادي، يعمل في مجال الصحة والسلامة المهنية في المشروع: "أنا مسؤول عن حماية وتأمين كل من يعمل في المشروع من العاملين والمعدات والبيئة التي نعمل فيها داخل الموقع، حتي لا يكون هناك أي ملوثات قد تؤثر على البيئة من مخلفات المشروع"، مضيفًا: "هذا المشروع مهما تحدثنا عنه لن نعبر عن حجم الإنجاز الذي يتم فيه، لأنه فعلا مشروع عملاق لكونه سيجعل مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، وشرف لأي مواطن يعمل فيه".

ولفت "عبدالهادي" إلى أنه يساعد في إنشاء حضارة جديدة، ورسم منحنى آخر للحضارة على جبهة سيناء، بعد أن كانت مقتصرة على الوادي فقط، مشيرًا إلى أن هذه المشروعات الاستثمارية من طراز فريد، موضحًا أن منظومة الصحة والسلامة المهنية داخل مواقع الإنشاءات تحتاج إلى التنفيذ والالتزام بالتعليمات كما هو متبع بالخارج، ولكننا نتفاهم مع العمال والفنيين بقدر الإمكان ونجعلهم يستوعبون هذا الفكر دون صرامة، فالأجنبي ينفذ التعليمات دون حديث، ولكن المصري يجب أن أقترب أولا من سيكولوجيته، ومستواه الفكرى حتى أجعله يلتزم بالتعليمات أثناء سير العمل.

وأضاف المهندس محسن قطب، مدير المشروع، أن التعامل يتم من خلال شركتين تعملان يدا واحدة، ولا يظهر أبدا فصل في الأعمال بينهما، حتى يتم الحصول على نتيجة تحمل نفس الكفاءة والمعايير المطلوبة، وما أمامنا نشاهد ماكينة الحفر طولها 14 مترا، وتعد الآن جاهزة للنزول إلى العمل داخل النفق، أما ماكينة القطع تعمل القطع داخل التربة، والماكينة الثالثة تقوم بتركيب القطع الخرسانية، وبمجرد انتهاء أعمال مدخل النفق تدخل قطعة تلو الأخرى وفقها لمهام عمل كل منها.

ومن بين الوفود الطلابية المشاركة التقينا "محمد جابر السيد" بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة -مدني بجامعة قناة السويس، وقال: "استفدت كثيرا من زيارة موقع الأنفاق، لكن ما ندرسه نظري يتم تطبيقه ورؤيته على أرض الواقع، وليس فقط في سطور منهج مكتوب على ورق"، وأكد أنها تعد الزيارة الميدانية الأولى له بما يجعله يشعر أنها فرقت كثيرا في استيعابه لما تم شرحه مسبقًا".

وقال "علي كمال، الفرقة الثالثة قسم "كهرباء": "شاهدت آلات الحفر العملاقة، وكيفية إدارتها بالموانئ، فضلا عن الحوائط الخرسانية"، مشيرًا إلى أن الرؤية العملية تختلف تمامًا عن دراسة المنهج، مضيفًا: "أتمني أن يأتي كل طلاب الهندسة في التخصصات المختلفة إلى النزول إلى المواقع العملية من خلال زيارات ميدانية توفرها الجامعات حتى لا نشعر أن ما ندرسه شيء والواقع شيء آخر، وهي الشكوى المتكررة للفرق السابقة عنا".

وقال "محمد عماد جودة" قسم الكهرباء الفرقة الرابعة: "ما ندرسه نظري لا نتخيله، وليس له مردود استيعابي لدينا دون التواجد الميداني الذي يدعمه، فقبل الحضور لزيارة موقع العمل في الأنفاق لم أتخيل أبدًا أن تكون على هذا القدر الهائل من الأعمال الموجودة على الأرض، كما أن معامل الكليات المختلفة في مصر كلها ليس لديها فرص وجود هذه المعدات الثقيلة، والتي تتوافر في مواقع العمل والتي كنا نشاهدها فقط كصور في الجرائد أو فيديوهات على اليوتيوب، وبالتالي استفدت كثيرًا من بعض الملاحظات التي يوجهها الاستشاريون والمهندسون الكبار داخل الموقع للعمال والمهندسين الأصغر وكيفية وآلية العمل والتنسيق فيما بينهما".

وقال "أحمد أشرف" بالفرقة الثالثة قسم "مدني": "الاستفادة التي حققتها بزيارتي هنا إلى الموقع كبيرة نظرًا لحجم الأعمال الضخمة، التي يتم تنفيذها داخل الموقع، فضلا عن وجود معدات غير متوافرة داخل أي مشروع آخر في مصر، وبالتالي هذه النوعية من المعدات والأدوات المستخدمة وطريقة وكيفية العمل بها وفقا لخطوات محسوبة ومدروسة استفادة كبيرة جدا، وممكن أكون مهندس تخرجت منذ 10 سنوات ولم أشاهد أو أشارك في حجم أعمال بهذا القدر، لذا أعتبر العمل هنا أو حتى مجرد التدريب في هذا الموقع شهادة خبرة لكل من شارك به".