آثار «الألف مئذنة» تنتقل من مساجد القاهرة إلى مزادات لندن

كتب: رضوى هاشم

آثار «الألف مئذنة» تنتقل من مساجد القاهرة إلى مزادات لندن

آثار «الألف مئذنة» تنتقل من مساجد القاهرة إلى مزادات لندن

باتت سرقة «الآثار الإسلامية» خلال الوقت الراهن، لا سيما «المساجد الأثرية» الموجودة فى مصر، وباء انتشر فى مختلف دول العالم التى تحاول دوماً الانقضاض على تراثنا الأثرى والثقافى والسطو عليه، حتى أصبح هناك «متاحف» أُعلن عن إنشائها فى عدد من دول الخليج وإسرائيل، كما أن هناك «مزادات عالمية»، وجميع القطع المعروضة فيها ومصدرها الرئيسى هو «المساجد المصرية»، والمسئولية حائرة بين وزارتى «الآثار» و«الأوقاف»، وتلقى كل منهما على الأخرى الكارثة، وتوقيع بروتوكولات «وهمية» بين الوزارتين لتأمين المواقع الإسلامية وحمايتها وتسجيلها، والتى يُعاد توقيعها مع كل تغيير وزارى، ولا يتخطى وجودها على أرض الواقع الأوراق التى وُقّعت عليها، فيما تقف مدينة «الألف مئذنة» حائرة تنعى تاريخاً وتنتظر من ينقذها.

{long_qoute_1}

حصلت «الوطن» على صورة من قائمة حملة «أنقذوا القاهرة التاريخية»، التى عجزت «الآثار»، بما تملكه من بيانات ومعلومات وموظفين يصل عددهم لـ43 ألف موظف، عن عمل واحدة مماثلة، خاصة فى ظل تحول «سرقات الآثار» إلى ظاهرة قبيل الثورة.

وقائمة السرقات طويلة ولا تقتصر فقط على المساجد المهملة أو البعيدة عن المسار السياحى، بل امتدت لتشمل المساجد الكبرى التى تبعد خطوات عن أقسام الشرطة مثل «مسجدى الرفاعى والسلطان حسن»، حيث تعرّض الأول لسرقات متتالية، ولم يُكتشف أمرها إلا بعد ظهور القطع المسروقة فى المزادات العالمية، كما حدث منذ شهر تقريباً فى 3 «مشكاوات» ظهرت فى مزاد صالة «كريستى» بلندن، هذا بخلاف سرقة الحليات النحاسية من قبر الملك فاروق والعائلة العلوية الملحق بنفس المسجد.

وفى سبتمبر 2012، تمت إزالة أجزاء من التفاصيل النحاسية لمسجد «السلطان الغورى»، كما تم انتزاع حشوات خشبية من المنبر فى يونيو، أما مسجد «أحمد بن طولون»، الذى يُعتبر المسجد الوحيد الباقى فى مصر الذى لم تتغير معالمه، فتمت سرقة مفصلات نحاسية أصلية عليها كتابة بـ«منبر الجامع» فى يونيو 2014، وهى تُعد من الأثاث المهم للمسجد.

وفى شهر مارس 2014 تكررت تلك الظاهرة باكتشاف سرقة مسجد «تغرى بردى»، حيث أزيلت أبواب المنبر الخشبية المزخرفة ولم يُستدل عليها أو تُسترد حتى الآن، وتم إغلاق المسجد، فلم يتمكن أحد من الدخول للتحقق من المنبر وتوثيق السرقة، وفى يونيو 2014 سُرق «شباكان نحاسيان» من مسجد «القاضى عبدالباسط»، كما سُرق «مصرعا أحد أبوابه الداخلية» المُطعّم بالعاج والأبنوس.

{long_qoute_2}

كما سُرق باب «مسجد الفكهانى» الذى يعود إلى العصر الفاطمى وهو الفريد من نوعه، لذلك لم يكن غريباً أن تتم سرقته ويقوم المسئولون بتغطية السرقة بلوحى «أبلاكاش». مسجد «الطنبغا الماردانى» تعرض لسرقة حشوات من جانبى المنبر فى 2009، وهو ما تكرر مع مسجد «قجماس الإسحاقى»، المعروف بـ«أبوحريبة»، والمرسوم عى عملة الخمسين جنيه.

وتكرر المشهد مع «جامع السلطان المؤيد شيخ»، بجوار «باب زويلة»، حيث سُرقت حشوات الكتابات التاريخية لباب المسجد التى تعود إلى السلطان الناصر «حسن بن قلاوون»، كما سُرقت حشوات بابى الروضة من منبر مسجد أزبك اليوسفى «الذى تُنسب له منطقة الأزبكية الشهيرة»، وهى السرقة التى لا تُعد الأولى التى يتعرض لها المسجد الذى يقع بالقرب من جامع «أحمد بن طولون»، فقد تحول إلى قبلة للسارقين الذين نجحوا فى سرقة حشوات عدة منه. كما سُرق النص التجديدى لمسجد «الصالح طلائع»، الذى يُعتبر ثالث مسجد معلق فى العالم، الذى كُتب فيه: «جُدد هذا المنبر المبارك فى عصر خديو مصر عباس حلمى الثانى بمباركة لجنة الآثار العربية سنة عشرة وثلاثمائة وألف هجرياً»، وقد وقعت السرقة فى يونيو ٢٠١٤.

«لوحة الحلم» الشهيرة بمسجد «آق سنقر» المعروف باسم «الجامع الأزرق» تمت سرقتها هى الأخرى، والتى تسجل قصة بناء المسجد، حيث كانت تذكر أنه رأى فى منامه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلى فى محراب المسجد، وهو ما دفعه إلى الاهتمام به وترميمه بشكل رائع أكسبه شخصية فريدة، وسجّل عملية الترميم فى لوحة من الرخام على يسار المحراب.

واستكمالاً لسرقة اللوحات التأسيسة، سُرقت لوحتان من مسجد «طمراز الأحمدى»، من على المنبر تتضمنان اسم صانع المنبر، واسم المنشئ وتاريخ الإنشاء، كما سُرقت حشوات تاريخ الإنشاء من منبر جامع «سلار وسنجر الجولى»، فى قلعة «الكبش»، أما مسجد «تمراز الأحمدى» فتمت سرقة النص التأسيسى بأعلى المنبر به والمنقوش عليه بعض الآيات القرآنية التى تمثل جزءاً من زخارف ونقوش المسجد العريقة، كما اكتُشف فى نوفمبر 2014 سرقة الإفريز الخشبى والحجرى من قبّة الأمير سلار، تزامنت مع سرقة النص التأسيسى.

وقال «بسام الشماع»، الباحث فى «علم المصريات»، لـ«الوطن»: «اللص على دراية كاملة بما يفعل، خاصة أن السرقات تعكس نمطاً منظماً، وتؤكد أن من يقوم بها على دراية كاملة بأهمية ما يقوم بسرقته وقيمته التاريخية»، مشيراً إلى أنه من أغرب تلك السرقات ما حدث فى عام 2008، بسرقة منبر «مسجد قايتباى الرماح»، المجاور لقلعة الجبل و«مسجد السلطان حسن»، والذى تمت سرقة منبره بشكل كامل، فى سابقة لم تحدث من قبل.

وأكد مصطفى الأمين، أمين عام المجلس الأعلى للآثار، لـ«الوطن» أن جميع المسروقات لم تعد، وألقى المسئولية على وزارة الأوقاف، قائلاً: «أرسلنا عشرات بل مئات الخطابات للوزارة والتى من المفترض أن تقوم طبقاً لقانون حماية الآثار رقم 30 وتعديلاته لسنة 2010 بتمويل عمليات الترميم، وأن يكون ذلك تحت إشراف الآثار، لكنها تجاهلت الرد».

                   أحد المنابر المسروقة

 

 

 


مواضيع متعلقة