الخليفة «ترامب».. وتابعه «بلير»

منذ ما يقرب من أسبوع ألقى تونى بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، محاضرة فى مكتبة الكونجرس الأمريكى قال فيها: إن «العداء الفطرى بين الإسلام والغرب لا يقتصر على مجموعة معينة، فمن يؤمنون بفكرة الخلافة ونهاية العالم، التى تعد جزءاً من دعاية (داعش)، ليسوا قليلين فى المجتمعات الإسلامية». بعد هذا التصريح بخمسة أيام دعا دونالد ترامب، أبرز المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، إلى وقف دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وذكر أنه استناداً إلى استطلاع للرأى فى صفوف المسلمين الذين يعيشون فى الولايات المتحدة، فإن عدداً كبيراً من المسلمين يكن «الحقد» للأمريكيين.

«بلير» رجل يحب أن يُسمع من يدفع له مكافأة كلاماً ما يطربه، لقد سبق واعتذر الرجل بكل أريحية عن الغزو الأنجلو أمريكى للعراق عام 2003، وذلك فى حديث مع قناة «سى إن إن»، عندما كان يريد إرضاء أنظمة بعينها، ببساطة «بلير» رجل يحب أن يُرضى الزبون!. أما «ترامب» فمرشح انتخابات يريد أن يسرق آذان سامعيه، وفى هذا السياق يمكن أن نفهم الجانب الدعائى فى دعوته إلى طرد المسلمين من الولايات المتحدة الأمريكية. إذا كان الأمر يتوقف عند حد اللكلكة بمثل هذا الكلام لأهداف مالية أو أخرى وظيفية، فنحن أمام مشكلة، لكن المشكلة الأكبر أن يكون كل من «بلير» و«ترامب» قد صرخ بحقيقة نظرة الغرب عموماً إلى الإسلام والمسلمين، أو بعبارة أخرى أن يكون الرجلان أعلنا ما يخجل الكثير من أبناء الشعوب الغربية من إعلانه، حتى لا يتم دمغهم بالعنصرية.

قد يكون فى كلام الرجلين جانب من الحقيقة، فمؤكد أن من بين المسلمين مَن يتعاطف مع فكرة الخلافة، لكن الأكثر تأكيداً أن هذا التعاطف ينصرف إلى مجرد الاحتفاء بتجربة تاريخية رسمت كتب التاريخ صورة شديدة المثالية لها، وليس إلى الخلافة الداعشية التى يمثلها «أبوبكر البغدادى». ومن المعلوم أن أغلب المسلمين يتفهمون أن الخلافة جزء من تاريخهم، لكنها بحال ليست جزءاً من واقعهم، بل ومن بينهم مَن يرى أن الخلافة ليست أصلاً من أصول الحكم فى الإسلام. لو أنك سألت عوام المسلمين فى أية دولة عن معنى كلمات مثل: «خلافة، أو أَمَة، أو سبيّة»، فالمؤكد أنك ستظفر بإجابات كوميدية، الأمر الذى يثبت لك أن هذه المفاهيم لم تعد جزءاً من التصور العقائدى للمسلمين. أما كلام «ترامب» عن وجود نوع من الحقد داخل نفوس بعض المسلمين إزاء الولايات المتحدة الأمريكية، فأمر يعلم المرشح الجمهورى المحتمل، وكذلك عم «بلير»، أسبابه، فأمريكا لا تريد خيراً لأحد، والتاريخ لن ينسى أن ظهور «داعش» ارتبط بالغزو الأنجلو أمريكى للعراق، ومن المعلوم أن هاتين الدولتين تمثلان الراعى الرسمى للكثير من التنظيمات المتشددة، بما فيها «داعش»، وليس أدل على ذلك من سيطرة «الأسلوب الداعشى» على رأس كل من الخليفة «ترامب» الذى يدعو إلى طرد المسلمين، تماماً مثلما يدعو الدواعش إلى طرد غير المسلمين من الأرض التى يسيطرون عليها، وكذلك على رأس تابعه «بلير» الذى يعمم أحكام الإعدام على المسلمين، مثلما يعمم «داعش» الحكم بالإعدام على «الأغيار»!.