بالقانون.. تملك الأراضى محظور على «الشباب».. ومتاح لـ«رجال الأعمال»
بالقانون.. تملك الأراضى محظور على «الشباب».. ومتاح لـ«رجال الأعمال»
![تملك الأراضى فى المدن الجديدة متاح لرجال الأعمال](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/15761452201449612943.jpg)
تملك الأراضى فى المدن الجديدة متاح لرجال الأعمال
يعانى البسطاء «الأمرين» فى سبيل الحصول على أراض لاستصلاحها، يقفون عاجزين أمام عدد كبير من القوانين، التى تقف حائلاً أمام هذا الحلم، وإجراءات تملك للأراضى عقيمة، تستغرق سنوات طويلة من السعى وإنفاق الأموال، ليفاجأ بعدها الشباب أن حلم الحصول على قطعة أرض لا تتجاوز الـ300 متر أحياناً بعيد المنال، بينما يتم تسهيل كافة الإجراءات لشخصيات بعينها من رجال أعمال ومسئولين كبار، ليتمكنوا من الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضى، فقط بـ«جرة قلم» تنتهى الإجراءات، ليحصلوا على الأراضى بـ«رخص التراب».
وقال الدكتور إيهاب رمزى، أستاذ القانون الجنائى، إن هناك مشكلة كبيرة تتعلق بالقوانين الخاصة بتملك الأراضى الصحراوية، حيث يقر آخر قانون خاص بتملك الأراضى الصحراوية، أن من وضع يده على أرض قبل عام 2006، فإن من حقه التملك، ولكن بعد هذا التاريخ لا يحق لمن وضع يده عليها، وهذا يفتح باباً كبيراً لممارسة أعمال «البلطجة»، حيث يستولى أشخاص دون وجه حق على مساحات من الأراضى، لأنهم يملكون القوة والنفوذ للسيطرة عليها، ويتم أحياناً التأكد من وضع اليد على أراض بعينها، من خلال أخذ صور من القمر الصناعى لمعرفة توقيت الحصول على الأرض واستصلاحها، بينما يفتح ذلك الباب أمام ممارسات غير شرعية، حيث يدعى بعض رجال الأعمال أنهم حصلوا على الأرض قبل هذا التاريخ، حتى يتهربوا من المسئولية القانونية.
وأضاف «رمزى» أن الشباب هم ضحايا قوانين «الاستصلاح الزراعى»، بينما يقف القانون أمامهم عائقاً، ويخوض الشاب الراغب فى تملك قطعة أرض صغيرة وزراعتها، مشواراً طويلاً من الإجراءات، ويدفع مبالغ كبيرة لاستصلاح الأرض بالفعل، ولكنه يفاجأ بالحكومة ترفض تملكه للأرض، وفى أفضل الأحوال توافق على حصوله على حق الانتفاع فقط، وهو ما يشبه «الإيجار»، وحتى ذلك يتم بصعوبة بالغة، ولذلك يفقد الشباب الأمل فى التقديم، لأنهم يعرفون أنهم سيضخون كثيراً من الجهد والمال ولن يتملكوا الأرض فى النهاية.
وعن الإجراءات المتعلقة بتملك الأراضى، أكد أستاذ القانون، أن تخليص أوراق التملك لأرض يتم الحصول عليها من الدولة قد يستغرق فى بعض الأحيان 4 سنوات، إذا تمت الإجراءات وفقاً للروتين، دون تقديم رشاوى أو الاعتماد على «الواسطة» بينما يتم تسهيل كافة الإجراءات لكبار رجال الأعمال، بحجة دعم الاقتصاد، وأنهم سيقيمون مشروعات كبرى، ستمنح فرص عمل للشباب، وتحد من البطالة، إذن الدولة تضع الشاب دائماً تحت وطأة المشروعات الرأسمالية الكبرى، وتحرمه من حقه فى أن يصبح صاحب مشروع.وعن كيفية حصول رجال الأعمال على التراخيص الخاصة بالحصول على الأرض، قال: «تلك العقود تتم الموافقة عليها من مجلس الوزراء، حيث يوجد استثناء فى القانون لصالح مجلس الوزراء لمنح الأراضى، أما المزارعون الصغار، الذين يسعون للحصول على قطعة أرض صغيرة فلا يقابلهم أحد».
وقال محمد كمال الدين، محام جنائى، إن من أهم العقبات التى تواجه الشباب قانون رقم 7 لسنة 1991، الذى ينظم الإدارة المحلية فى المحافظات، وفيه المادة 14 التى تنص على عدم جواز تخصيص أراضى الدولة للأفراد، بل تمنح لجهات حكومية أو جمعيات تعود بالنفع العام، هذا القانون يقيد الشباب، ويفتح المجال لرجال الأعمال وأصحاب الجمعيات الكبرى للحصول على مساحات شاسعة من الأراضى بأسعار زهيدة جداً، ويقنعون عدة جهات منها المحافظة والوزارات المعنية، وبمجرد حصولهم على الأرض يحققون مصالح شخصية، وأحياناً يتورط المسئولون الحكوميون مع رجال الأعمال فى «بيزنس» واحد، فى مقابل تسهيل الإجراءات لهم، وهذا ما تم الكشف عنه فى عدة قضايا فساد مؤخراً. وأَضاف «كمال» أن إعلان الدولة عقد مزاد علنى يوحى بـ«الشفافية»، ولكن يفاجأ الشباب بأنه «وهمى»، ويتم بيع الأرض بأسعار وشروط لا يمكن أن يتقبلوها، وذلك وفقاً لقانون المزايدات والمناقصات 89 لعام 1998، وحتى الآن لم يتم طرح حوار مجتمعى حول تعديل القوانين المتعلقة بتملك الأراضى، فالدولة لا تفتح الباب أمام الشباب فى الحصول على أرض واستصلاحها، ثم تعطيهم حق تملكها، خاصة أن مساحة الأراضى الصحراوية شاسعة، وأسعارها أقل بكثير من أسعار «الزراعية»، فالمصلحة ستعود على الدولة والشباب حين تمنحهم حق التملك والاستصلاح.
وعن الأزمات التى يواجهها الشباب عند محاولة تملك الأرض، قال: «الشاب يجد نفسه مسئولاً عن استصلاح الأرض، وذلك دون أى معاونة من الدولة، منها توافر معدات حفر الآبار، حيث إن المياه الجوفية توجد تحت عمق 180 متراً أحياناً، وحفر البئر تكلفته تتجاوز الـ250 ألف جنيه كحد أدنى، ويدخل فى حيزها 30 فداناً فقط، وبعد 40 أو 50 سنة تجف البئر، ويضطر مالك الأرض للبحث عن بدائل أخرى، أو حفر بئر أخرى، إضافة لعدم إمداد تلك المناطق بالخدمات، من تمهيد طرق، وتوفير الكهرباء، ولذلك يضطر الشباب للاعتماد على السولار، الذى لا يتوافر دائماً، وبعد كل هذا الجهد لا تقبل الدولة تملك الشباب للأرض، وفى أفضل الأحوال تعطيه حق الانتفاع منها فقط، فالمجلس الأعلى للتخطيط لا يقوم بدوره، وهوالجهة المكلفة بإعداد الخطط القومية اللازمة لتنمية الأراضى، والدليل أن الشباب قابعون فى بيوتهم دون عمل، والأراضى الصحراوية لا يتم استصلاحها».
وأشار «كمال» إلى أن المادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1969، تنص على أنه لا يجوز أن تزيد جملة ما تملكه الأسرة من الأراضى الزراعية، وما فى حكمها، على 100 فدان وبشرط ألا تزيد ملكية أى فرد فيها على 50 فداناً، وتنص المادة الثانية على أنه يجوز للأفراد أن يمتلكوا أكثر من 200 فدان من الأراضى البور والصحراوية لاستصلاحها، وتعتبر هذه الأراضى زراعية فيسرى عليها حكم المادة الأولى عند انقضاء 25 سنة من تاريخ الترخيص فى الرى من مياه النيل أو الآبار، ولكن ما نشهده الآن من سيطرة بعض رجال الأعمال على مساحات شاسعة من الأرض، يرجعنا لعصر الاحتكار بصورته النمطية.