بعد تورطهم في التعذيب.. ما العقوبة الجنائية للضباط قاتلي "طبيب الإسماعيلية" و"سائق الأقصر"؟

كتب: محمد شنح

بعد تورطهم في التعذيب.. ما العقوبة الجنائية للضباط قاتلي "طبيب الإسماعيلية" و"سائق الأقصر"؟

بعد تورطهم في التعذيب.. ما العقوبة الجنائية للضباط قاتلي "طبيب الإسماعيلية" و"سائق الأقصر"؟

"عفيفي حسني" و"طلعت شبيب"، اسمان جديدان يسجلان في كشوف التعذيب بأقسام الشرطة، الأول طبيب بيطري اقتادته الشرطة من داخل صيدلية زوجته بالإسماعيلية، إلى قسم الشرطة، والثاني سائق بسيط كان يجلس على مقهى بالأقصر عندما أجبر على دخول قسم الشرطة.

تلقيا الاثنان جرعات من التعذيب، وكتب لهما النهاية بنقلهما "جثة محمولة داخل "نعش" إلى مثواهما الأخير، وتلا الواقعتان اعتذار على مضض من وزارة الداخلية بعد ضغط من الرأي العام، ومسلسل طويل من التحقيقات، وعقوبة قاتلهما في علم الغيب.

ولكن مع ثبوت وقائع التعذيب على الضباط المتهمين، وخروج وزارة الداخلية باعتذار لعائلتهما، وإعلان مدير أمن الأقصر نقل الضابط المتهم بتعذيب ضحية الأقصر، وإحالة الواقعة للنيابة، وكذلك اتخاذ إجراءات مشابهة مع المتهمين بقتل طبيب الإسماعيلية، "الوطن" استطلعت آراء قانونيين وحقوقيين في العقوبة المقررة حال ثبوت التهمة على الضباط مرتكبي الواقعتين.

الواقعة الأولى، وهي مقتل الطبيب البيطري عفيفي حسني، إثر تعرضه للتعذيب، يقول عنها الدكتور محمود كبيش أستاذ القانون الجنائي وعميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة الأسبق، إنها ستدخل ضمن جرائم "الضرب الذي أفضى للموت"، موضحًا أن نصوص جريمة التعذيب المنصوص عليها في قانون العقوبات المصري، لا تنطبق ضمن هذه الواقعة، مشيرًا إلى أن هذا النص يحتاج للتعديل، فيما يخص الحالات والشروط التي تقع فيها جريمة التعذيب.

يتفق مع "كبيش"، الناشط الحقوقي محمد زارع، مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، قائلًا إن جريمة التعذيب في القانون الحالي، تتطلب 3 اشتراطات، وتعريفها في نصوص القانون: "تعذيب متهم من ضابط بهدف انتزاع اعتراف"، مشيرًا إلى أنه في حالة الطبيب، لم يكن الطبيب متهمًا، كما أن الواقعة بدأت خارج القسم، وانتهت بوفاته داخله، مستبعدًا تحرير محضر ضد الضحية واتهامه بشيء، ما يجعل عقوبة المتهمين في حدود جريمة "ضرب أفضى إلى موت".

ووفقًا لما سبق، فإن المتهمين في واقعة قتل "طبيب الإسماعيلية"، سيعاقبان وفقًا لنص المادة "236" من قانون العقوبات المصري، والتي تنص على: "كل من جرح أو ضرب أحدًا عمدًا أو أعطاه مواد ضارة، ولم يقصد من ذلك قتلًا، ولكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن، وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن إذا ارتكبت الجريمة تنفيذًا لغرض إرهابي؛ فإذا كانت مسبوقة بإصرار أو ترصد تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد".

أما في واقعة السائق طلعت شبيب، ضحية التعذيب في الأقصر، والذي تم اقتياده إلى قسم الشرطة، وبناءً على روايات الضباط المتهمين، إنه توفي أثناء تحرير محضر ضده بالقسم، وتأكيد أهله بوجود آثار للتعذيب على جسده، ما يشير إلى تحقق جريمة التعذيب، لكن الدكتور محمود كبيش أستاذ القانون الجنائي، يرى أنها قد تتحول إلى جريمة "ضرب أفضى إلى موت"، بينما يرى "زارع"، أن ما أثبت في محضر الواقعة، وبناءً على تحقيقات النيابة ستتحدد التهمة، ومن ثم تتحدد العقوبة.

ووفقًا لقانون العقوبات، في مادته "126"، فإن نص عقوبة جريمة التعذيب: "كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث إلى عشر سنوات، وإذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل العمد".

ومن جانبه، أكد محمد زارع، أنه "في كل الأحوال، لا تحرك الدعوة الجنائية في قضايا التعذيب إلا من خلال النيابة العامة، وليس من خلال أهالي المجني عليه، وإذا أثبتت النيابة الواقعة في تحقيقاتها حركت الدعوى، ولو لم تثبت التحقيقات شيء ستحفظ القضية".

وتساءل: "هل التعذيب في مصر هو موت فقط؟"، مضيفًا أن "هناك عشرات القضايا استخدم فيها التعذيب للمتهمين دون وفاة أيضًا، وهذا مؤشر خطير جدا، ولا بد من تفعيل الرقابة والتفتيش من النيابة العامة على أقسام الشرطة، فتكرار هذه الوقائع بشكل شبه يومي، يؤكد أن من يعذب يشعر بالحماية".

وأشار زارع، إلى أنه "لا يوجد ردع لمرتكبي هذه الجرائم، وهناك عشرات الحالات التي ارتكبت تلك الجرائم وقضت فترة عقوبة، وعادت إلى الخدمة مرة أخرى، وذلك لأن القانون لا يعتبرها جريمة مخلة بالشرف"، متعجبًا: "إذا حبس الضابط في جريمة وصل أمانة مثلًا لا يعود للخدمة، ولكن يعود إذا عذب متهمًا أو قتله".

ووصف الدكتور محمود كبيش، وقائع التعذيب هذه بأنها مسيئة لجهاز الشرطة، وتلوث دماء أبطالها الذكية، الذين ضحوا بأرواحهم وسالت دمائهم، مشيرًا إلى أن "الوقائع المشار إليها في السابق تكتشف بالصدفة من بين عشرات الجرائم ترتكب كل يوم، بل الأمر لا يقتصر على التعذيب فهناك تلفيق قضايا لمتهمين".

وأضاف كبيش: "إن لم تكن النيابة يقظة لها، ومن بعدها هيئة المحكمة، قد يتورط شخص بريء في قضية لا ذنب له فيها، وحتى إن حكمت بالبراءة من التهمة الملفقة، لا تتم معاقبة من زور أو حرر المحضر الملفق فيستمر في انتهاكاته"، مطالبًا بتفعيل دور أجهزة التفتيش والرقابة بوزارة الداخلية، وكذلك دور النيابة العامة لردع تلك الجرائم المشينة.


مواضيع متعلقة