دكان شحاتة «سرقوه».. ودكان عباس «سدّوه».. والنتيجة: «شقا العمر ضاع»

دكان شحاتة «سرقوه».. ودكان عباس «سدّوه».. والنتيجة: «شقا العمر ضاع»
خرج «دكان شحاتة» إلى النور قبل سنوات، قصة يبدو فى مأساويتها أنها بعيدة عن الواقع، قبل أن تجد لها مردافاً حياً، يجسد المأساة بتفاصيل أشد قسوة، وبفروق بسيطة، أعنفها أن البطل ليس «شحاتة» وأشقاءه، بل محمد عباس وأبناء صاحب البيت.
40 عاماً لم يغادر فيها الرجل محله الكائن فى السيدة زينب، صنعته قاربت على الانقراض وهكذا هو، لكنه متمسك بها قدر تمسكه بحياته نفسها، داخل الدكان وأمام الأقفاص قضى عباس سنوات عمره، يلازمه صديقه صاحب البيت، الذى ما إن مرض حتى تحولت حياة «عباس» إلى شقاء ارتقى إلى الجحيم بوفاة صاحب البيت، حيث أجبره أبناؤه على مغادرة المحل وطردوه منه بحجة أن العقار آيل للسقوط.. يتذكر «عباس» أحداث اليوم المشؤوم الذى فقد فيه دكانه: «كسروا القفل وأنا مش موجود ورموا البضاعة والعدة بتاعة الشغل كلها فى الشارع، وغيروا القفل بالمفاتيح، قلت لهم حرام عليكم بعد العشرة دى كلها ترمونى لكن مصعبتش على حد فيهم، واتصدمت لما جيت تانى يوم لقيتهم سدوا باب المحل بالطوب الأحمر ووقتها استعوضت ربنا فى شقا عمرى».
{long_qoute_1}
لم يسلم «عباس» بسهولة، ولم يلجأ للقانون، لعلمه أن «حباله طويلة»، وأن السنوات التى سيقضيها فى البحث عن حقه فى المحل أقل من السنوات الباقية فى عمره، فقرر أن يتخذ خطوات عملية: «قعدت قدام المحل لأن ده مكانى وعشرة عمر وزبونى هنا كمان، واللى هييجى مش هيلاقينى ومدينى عربون هيقول عليّا نصاب، وكمان عاوزين يطردونى من قدام البيت خالص، مش كفاية الظلم والبهدلة اللى أنا فيها، هأمشى أروح فين بس؟».
مضايقات وإهانات يتعرض لها الرجل الستينى كل يوم من جانب أصحاب المنزل، لكنه لم يضعها فى اعتباره، بل يمضى فى طريقه، ويمارس عمله فى خفة ونشاط، لا تنتبه أذناه لما يسمعه، ولا تلتفت عيناه إلى حركة المارة التى لا تفارق الشارع، فسريعاً ما يقطع الخشب فوق «أورمته» ثم يقوم بتنظيفه وتسويته: «ماقدرش أسيب الشغل لأن مراتى مسئولة منى والحمد لله إنى جوزت عيالى قبل اللى حصل لى ده، وماقدرش أشتغل عند حد يتأمّر عليا، أنا باحب أكون صاحب شغلى وأعمله بمزاج».