المجلس الوطنى للإعلام.. فى انتظار «السراب»

كتب: انتصار الغيطانى

المجلس الوطنى للإعلام.. فى انتظار «السراب»

المجلس الوطنى للإعلام.. فى انتظار «السراب»

رغم الجهود المستمرة على مدار عام لإنشاء المجلس الوطنى للإعلام، ليكون بمثابة المظلة المنوط بها تنظيم شئون الإعلام المصرى العام والخاص، ويتكون من المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام المسموع والمرئى والإلكترونى، فإن كل الجهود واللجان التى تم تشكيلها وتقدمت بمشاريع كاملة لرئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية لم تؤد إلى اعتماد كيان نهائى يتولى تنظيم العمل بالصحافة والإعلام.

المجلس المقرر إنشاؤه يرى الكثيرون أنه سيسهم فى خلق حالة من الانتظام فى المشهد الإعلامى، والقضاء على العشوائية السائدة، من خلال تنظيم جميع شئون البث والتراخيص، ووضع القواعد الموضوعية والمهنية والأخلاقية للعمل الإعلامى، كما سيتيح آلية للمحاسبة فى حال الخروج عن المهنية والأخلاقيات الإعلامية، بجانب وضع ميثاق شرف إعلامى والسعى لإصدار قانون لحرية تداول المعلومات. {left_qoute_1}

كان أول من سعى لتنفيذ هذا المشروع هو أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق، إلا أن قيام ثورة 25 يناير أوقف طموحات «الفقى» الذى كان يريد السيطرة على جميع الفضائيات الخاصة من ذلك المشروع، بعد ذلك قدم نسخة جديدة منه الإعلامى أسامة هيكل وزير الإعلام «الأسبق» ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامى حالياً، حيث قدم بالفعل مشروعاً للقانون إلى المجلس العسكرى، بسبب حالة الفوضى التى عانى منها الإعلام المصرى، وتحديداً الفضائيات الخاصة، بعد ثورة يناير وكان رأيه فى ذلك الحين أنها لن تنتهى إلا بإعمال القانون وتطبيق عقوبات بحق المخالفين وتشكيل المجلس الوطن للإعلام بموجب الدستور، خاصة بعد سعى «الإخوان» لاستغلال الأزمة من خلال القنوات الدينية التابعة لهم لنشر أفكارهم وتقسيم الوطن، إلا أن المجلس العسكرى قد رفضه، معللاً موقفه بأن القانون لا بد أن يُصدره مجلس الشعب وليس المجلس العسكرى، وبعد ذلك قدمته فى سبتمبر 2012 «المبادرة المصرية لتطوير الإعلام» وعرض على مجلس الشعب «المنحل» ومن أبرز قياداتها فى ذلك الحين كل من الإعلاميين حمدى قنديل والسيد الغضبان وياسر عبدالعزيز ومنى الشاذلى وحازم غراب، وكان يضم 47 مادة تحكم عملية الإعلام المرئى والمسموع، ونوقش بالفعل على مدار ثلاث جلسات فى المجلس، وقت أن كان اللواء أحمد ونيس وزيراً للإعلام، وبحضور أعضاء المبادرة، وكان ينص على أن المجلس الوطنى للإعلام يتمتع بالاستقلالية فى ممارسة مهامه، ويكون تابعاً لرئاسة الجمهورية، ومقره إحدى محافظات القاهرة الكبرى، وللهيئة الحق فى إنشاء فروع ومكاتب فى جميع المحافظات، ويهدف المشروع إلى تحقيق ضمان حرية البث المسموع والمرئى، والعمل على ازدهار صناعة الإعلام، وتسهيل سبل الاستثمار فيه، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاحتكار والممارسات غير المشروعة فى مجال خدمات البث، وتمثيل الدولة فى المحافل الدولية والإقليمية. {left_qoute_2}

للمرة الثانية ينتظر الكثيرون من الإعلاميين وخبراء الإعلام خروج مشروع قانون «إنشاء المجلس الوطنى للإعلام» للنور ليكون بديلاً عن وزارة الإعلام، والعرض على قائمة أولويات البرلمان القادم، وبهذا يعتبر القانون الثانى الذى يعرض على المجلس فى خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وهو يقوم على نفس الأساسيات التى أقيم عليها المشروع الجديد، كما أكد الإعلامى حمدى الكنيسى رئيس نقابة الإعلاميين تحت التأسيس وعضو لجنة الخمسين التى قامت بإعداد مشروع إنشاء المجلس الوطنى للإعلام الخاص بمشروعات القوانين الإعلامية، وقال لـ«الوطن»: «اللجنة قد انتهت من صياغة جميع المواد الخاصة بإعداد التشريعات الإعلامية والصحفية، والمشكلة من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، تحديداً فيما يخص تشكيل المجلس الوطنى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، وقد تم تسليمها إلى وزير العدل ومجلس الوزراء أثناء توالى المهندس إبراهيم محلب رئاسة الحكومة، وبالفعل أبدى الأخير اهتمام الشديد بالقانون وطلب تشكيل لجنة من القانونيين والمستشارين لمناقشته مع خمسة أعضاء من لجنة الخمسين، هم أنا وجلال عارف ويحيى قلاش وضياء رشوان وعلى عبدالرحمن، وبالفعل تم تشكيل اللجنة من جانب وزير التخطيط الدكتور أشرف العربى، وعقدنا عدة جلسات تمت فيها مناقشة كل تفاصيل وبنود المشروع وتم التوافق على جميع البنود والنقاط الخلافية بها، وفى النهاية تم تقديمه مرة أخرى إلى رئاسة الوزراء، وقد تم تحديد موعد لعقد اجتماع مع المهندس إبراهيم محلب لمناقشة بشكل نهائى قبل تقديمه إلى رئيس الجمهورية، ولكن مع الأسف تم تأجيل الاجتماع لسفر «محلب» إلى خارج مصر فى ذلك الحين، وبعد عودته وقبل تحديد موعد جديد تم تغيير الحكومة، وتابعنا المشروع بعد ذلك مع المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء الجديد، ولكن بسبب الأحداث الأخيرة ومتابعات بعد الأحداث المهمة فى مصر لم يتم تحديد موعد حتى الآن.

وأضاف «الكنيسى»: «أعتقد أنه سيكون هناك تحرك فى المياه الراكدة للمشروع، بعد الكلمة التى وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسى بخصوص الإعلام منذ عدة أيام، وهذا حقه أن ينتقد الإعلام بعد الإسفاف الشديد الذى أصبحنا نشاهده على الشاشة بشكل يومى، حيث حفلت معظم القنوات بمواد ومعلومات ومشاهد بعيدة كل البعد عن الإعلام الذى نعرفه وتربينا عليه ما بين بلطجة وشتائم وخروج عن النص ومشاجرات على الشاشات وطرد ضيوف من الاستوديوهات وانسحاب آخرين أيضاً من الاستوديوهات، بحيث أصبح الوضع بالغ السوء، ويجب أن يتم حسمه بصدور مشروع المجلس الوطنى للإعلام الذى سيعيد تنظيم كل الإسفاف والانحطاط الذى وصل إلى الإعلام المصرى، والذى كان له الريادة الإعلامية سابقاً من خلال قنوات التليفزيون الرسمى للدولة»، وأضاف «الكنيسى» أن الموضوع الآن فى يد المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، الذى من المفترض أن يرفعه إلى رئيس الجمهورية بحيث يتم التصديق عليه وتقديمه إلى مجلس الشعب ليكون على القائمة الأولى لمشروعات القوانين الذى ستتم مناقشتها فيه على الفور، وفيما يتعلق بوجود أكثر من مشروع آخر «للإعلام»، أكد «الكنيسى» أنها كانت مجرد بعض التوصيات من جهات مختلفة ولم تؤخذ على محمل الجد، حيث إننا الجهة الوحيدة التى قبلت الحكومة الجلوس معنا ومناقشة مشروعنا من خلال اللجنة الرسمية التى شكلت من وزارة التخطيط، وهناك شىء آخر يجب أن يسير بشكل مواز مع هذا المشروع، وهو إصدار قانون «تأسيس نقابة الإعلاميين».

اما الإعلامى خالد البلشى، عضو لجنة صياغة القانون، فقال: «إن المشروع قام بعمله ممثلون من جميع الجهات الإعلامية والصحفية والعاملين فى المهنة داخل مصر مثل ممثلين من اتحاد الإذاعة والتليفزيون - والفضائيات الخاصة - نقابة الإعلاميين تحت التأسيس - ونقابة الصحفيين، ورغم ذلك ما زال مجمداً فى أدراج الحكومة، ويجب أن ترد الحكومة على تساؤلات أسباب تجميد القانون حتى الآن، خاصة بعد أن تم طرحه للمناقشات الصحفية والإعلامية وعلى جميع شاشات التليفزيون الرسمى والفضائيات الخاصة ومع شباب الإعلاميين والصحفيين فى كل مكان، كما تمت مناقشته مع اللجنة الرسمية التى شكلتها الحكومة للمناقشة، وقد كان الاختلاف على 5 مواد فقط من 207 مواد فى مشروع المجلس، وتم إنهاء هذا الخلاف والتوافق على جميع المواد بعد ذلك، وسلم لحكومة المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، وبعد ذلك لم نسمع عنه أى شىء.

وقال يحيى قلاش، نقيب الصحفيين، إن اللجنة الوطنية للصحافة والإعلام، وتضم نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، وإعلاميين من فضائيات خاصة ومن «ماسبيرو»، بجانب أساتذة إعلام وقانونيين، تقدمت بمشروع منذ 3 شهور لرئاسة الوزراء، وأجرينا عليه تعديلات وتقدمنا به مرة أخرى للحكومة الحالية. وأضاف: «هناك من يضع عثرات فى طريق خروجه للنور، وكأنه يريد أن يُبقى على حالة الارتباك فى المشهد الإعلامى، فهذا القانون يقاوم الاحتكار، وهناك أصحاب مصالح وقوى موجودة على الساحة سيضرها وجود حالة التنظيم فى المشهد الإعلامى، وستتعارض القواعد التنظيمية مع مصالحها، مثل مراقبة رؤوس الأموال وحركتها، والمحاسبة عليها، وكذلك إنشاء نقابة للإعلاميين ووضع ميثاق شرف إعلامى لها، ومنح تصاريح بشكل منظم لممارسة المهنة، وتقييم من يظهر على شاشة الفضائيات والإقرار بإمكانية ظهوره على الشاشة من عدمها، ومحاسبته حال الخطأ».

ولفت «قلاش» إلى أن مشروع المجلس الذى تم تقديمه غير فئوى، ويسعى لوضع منظومة تشريعية تبنى إعلاماً جديداً، يعتمد على التنظيم الذاتى، والمحاسبة والمتابعة. وأشار إلى أن الرافضين للمشروع يقدمون مبررات التعطيل والتأجيل له فى شكل أسباب غير صحيحة بالمرة، مثل ادعاء أن به مواد مخالفة للدستور، أو أن هناك حالة من الاختلاف حوله.

وأضاف «قلاش»: «غضب الرئيس طبيعى، ونشاركه فيه، لكن فى نفس الوقت أرفض تصوير الأمر بأن الرئيس يحرض على الإعلام، فهذا غير صحيح، لأنه مهتم بملف الإعلام، فلا يخلو حديث له من إظهار اهتمامه بالإعلام ودوره فى تشكيل الوعى ومواجهة الأخطار الداخلية والخارجية، فالرئيس يقدر دور الإعلام، لكن فى النهاية فإن علاج المشكلات معروف وتم تشخيص أسبابه ووضع روشتة العلاج من قبل أبناء المهنة الذين يحرصون عليها ويثقل كاهلهم ما ينتشر بها من تجاوزات».

 


مواضيع متعلقة