«العكرشة».. مصانع ومسابك وغبار والأهالى: نادمون على الحياة هنا

10:25 ص | الاثنين 02 نوفمبر 2015

بالقرب من مدينة أبوزعبل تقع قرية صغيرة تسمى «العكرشة» تشتهر بوجود عدد كبير من المصانع الصغيرة التى تدخل فى عدد من الصناعات أبرزها القطن ومسابك النحاس ومصانع صهر الحديد، وعدد من المصانع غير المرخصة والتى تسبب ضرراً بالغاً بالبيئة لكافة المقيمين حولها. يشكو عدد من الأهالى والعاملين بهذه المنطقة من زيادة الغازات المنبعثة فى الهواء من داخل المسابك التى تعمل فى المواد الثقيلة، وتؤدى إلى أضرار صحية بالغة.

يتحدث سيد فاروق، الرجل الخمسينى، الذى يعمل بإحدى ورش الألومنيوم، قائلاً: «العمال اللى هنا كلهم بيستحملوا أى حاجة عشان لقمة عيشها، لأنهم هيعملوا إيه؟ الشغل طبعاً فيه ضرر وبيأثر على صحتنا، بس فى النهاية لقمة العيش بتغلب على الواحد، عشان يعرف يأكّل ولاده». ويقول ممدوح رؤوف، أحد أهالى المنطقة، سائق الـ«توك توك» الذى تحدّث إلينا أثناء السير فى الطريق المؤدى إلى قرية «العكرشة»، إنه يسكن فى القرية منذ النصف الثانى من ثمانينات القرن الماضى، وشديد الندم على العيش فيها بعدما ترك منزله فى حى شبرا، موضحاً أن المنطقة تؤثر كثيراً على صحته وصحة أسرته، نتيجة وجود العديد من المصانع الضارة بالبيئة، والتى تسبب لهم حساسية الصدر، نتيجة الأدخنة المنبعثة منها، والتى تحمل معها غازات سامة تؤثر على صحتهم.

فى أحد شوارع القرية، على مصطبة مواجهة لمخزن قطن، يجلس رجل أربعينى يرتدى جلباباً، ذو لحية بيضاء وجسد بدين، يمتلك مخزناً للقطن فى المنطقة منذ منتصف التسعينات من القرن الماضى، يقول «عبدالسلام خضراوى»، إن أكثر العوامل الضارة بالبيئة والصحة فى المنطقة هو وجود عدد من المسابك غير المرخصة فى المنطقة، والتى أصبحت تمثل ضرراً بالغ الخطورة على الأهالى والمقيمين فى المنطقة، ويشير الرجل بيديه إلى بالة من القطن قائلاً: «شوف الشوال أسود ازاى والقطن لونه أسود، لكن القطن من جوا أبيض زى ما هو، ده كله من غبار المسابك فى الجو، السموم هتقتلنا».

يستند الرجل بظهره إلى الحائط، مشيراً بيديه إلى مدخنة تُخرج دخاناً أسود، معاوداً الحديث مرة أخرى، يقول إن هذه الأدخنة تنبعث على مدار 24 ساعة، ويتسبب انتشارها فى إصابة كافة الموجودين فى المنطقة بحساسية شديدة على الصدر والربو، نتيجة تلوث الهواء بصورة كبيرة. ويوضح «عبدالسلام» أنه تحدث مع أصحاب المسابك كثيراً حول تركيب فلاتر أو زيادة طول المدخنة، حتى لا يكون تأثير الدخان المنبعث بهذه الطريقة، لكن لم يتم عمل أى شىء يُذكر، فالأمر يبقى كما هو دون تغيير، موضحاً أنه كان يمتلك «منحل» لكن جميع النحل مات نتيجة السموم الموجودة فى الهواء.

«دخان المسابك بيقتل البشر، وبيسبب ضرر كبير على كل الناس، من أمراض الكبد وحساسية الصدر، واتكلمت معاهم كتير ومش بينفذوا، ومعظم المصانع هنا مش مرخصة»، يكمل «عبدالسلام» حديثه، فيقول إن كل ما يمكن أن يفعله أصحاب هذه المسابك هو محاولة توفيق أوضاعها ووضع فلاتر تعمل على خفض الأدخنة الشديدة المنبعثة فى الهواء. فيما يقول هشام سالم إن لديه حساسية بالصدر نتيجة استنشاق هذه الأدخنة الضارة يومياً، فهو يقضى عدد ساعات طويلة فى المكان، ما يدفعه للذهاب إلى الأطباء، نتيجة اختناق فى التنفس فى العديد من الأوقات.