«الشاذلى».. خرج من العمل بـ«جسد محترق» وحاول الانتحار بسبب «نقص المال»

10:56 م | الجمعة 30 أكتوبر 2015

وجهه شاحب، ويده مكبلة بالحديد، والحروق طالت معظم جسده، حتى أذابت أذنه، إنه محمد الشاذلى، 39 سنة، أب لطفلين، أحد العاملين بشركة مصر إيران فرع السويس، مضرب عن الطعام منذ عدة أيام، محتجزاً نفسه فى أحد أروقة نادى العاملين بالشركة الذى يحتوى على عدد من المطاعم وقاعات الأفراح، أغلق العمال النادى عن عمد، بعدما رفضت الشركة صرف رواتبهم. يقول محمد الشاذلى إنه لم يجد أى طريقة أخرى لتوصيل صوته للمسئولين، ولم يتوقع أن تكون تلك نهايته فى الشركة التى ضحى بنفسه من أجلها، يغالب دموعه التى تندفع رغماً عنه أمام زملائه، ويقول: «فى 2012 حدث حريق فى مصنع الغزل والنسيج، وتحركت لإبعاد القطن المحترق بعيداً عن القطن السليم، ما أدى لحروق من الدرجة الأولى، طالت 70% من جسدى، ولأنى عامل لم يتم تعيينه بعد، رفضت الشركة التكفل بالعلاج فى البدء، حتى وقف العمال أمام رئيس مجلس الإدارة وأجبروه على صرف علاجى».

بصوت يرتجف يصف الشاذلى الآلام التى لم تفارقه منذ وقوع الحادث المؤسف وجعلت من أبسط الأعمال عبئاً يقاوم لتحمله: «مرتبى كان لا يتخطى 400 جنيه، وتحولت من عامل تستيف إلى عامل خدمات، كنت أقوم بخدمة أربعة مكاتب كاملة بمفردى، وفى نهاية كل شهر أجد الخصومات تنهال علىّ ليصل راتبى إلى 300 جنيه، وكنت راضياً بأقل القليل، حتى وقف العمال بجوارى، وضغطوا على الإدارة، لتوقيع عقد عمل لى مدته 3 سنوات فى الشركة، حتى أضمن تلقى رعاية طبية».

محمد الشاذلى، أب لطفلين، يتكفل بمصاريف أسرته بمفرده، وبعد غلق شركة مصر إيران توقف دخله الشهرى وراتبه بشكل كامل، مثل بقية عمال شركة مصر إيران، يقول إن تلك لم تكن الكارثة الوحيدة التى طالت أسرته، حيث كان يتلقى العلاج بصفة شهرية من الإدارة الطبية الموجودة بالشركة، وتصرفه له صيدلية الشركة، لكن بعد توقف الشركة عن العمل وقف عاجزاً: «رحت صيدلية، وصرفت الروشتة، لقيت الصيدلى بيقول لى 2200 جنيه، الشركة وعدتنى باستبدال مصاريف العلاج، لكن ده ماحصلش»، يُخرج محمد الشاذلى مجموعة من الأوراق تحمل تاريخ صرف العلاج فى شهر يونيو، والتى لم تتكفل بها الشركة حتى الآن، يقول إنه دخل فى مرحلة من التفاوض مع الشركة على مدار شهرين كاملين، ليقوموا بدفع مصاريف العلاج، لكن باءت محاولاته بالفشل.

{long_qoute_1}

فى لحظة يأس سكب البنزين على جسده، وكاد يُشعل النار فى نفسه، حتى تدخّل أحد الزملاء وأنقذه بأن احتضنه، فأصبح كلاهما مغطى بالبنزين القابل للاشتعال: «الشركة لما كانت بتشتغل كنت بصرف علاجى بطلوع الروح، دلوقتى بتحمل ألم رهيب من غير علاج، ولا دخل، ولا أمل فى بكرة، أروح البيت إزاى وأنا مش عارف أجيب لأولادى رغيف عيش؟».

يبرر محمد امتناعه عن الطعام واحتجاز نفسه فى نادى الشركة قائلاً إن زوجته باعت كل ما تملكه، وهو قرط ذهبى وأثاث البيت، ولم يعد لديهم أى شىء يعتمدون عليه، بل حاولت إدارة الشركة إخفاء كل الأوراق التى تتعلق بوقوع الحادث، حتى تتبرأ تماماً من التكفل بعلاجه، لكنه قدم نسخة من محضر النيابة المدون فيه كافة التفاصيل المتعلقة بالحريق، وحتى اليوم لم يصدر قرار بعلاجه.

وعن سبب غلق العمال النادى الخاص بشركة مصر إيران للعاملين، يقول الشاذلى إن النادى به عدد من قاعات الأفراح الضخمة كانت تدر دخلاً على الشركة، وحاول العمال طوال الشهور الفائتة أن توجه إدارة الشركة تلك الأموال لعلاج الحالات الصحية المستعصية التى طالت بعض العمال، مثل السرطان وغيرها، لكن الشركة رفضت، فقام العمال بغلق أبواب النادى.