يوميات «طالب جامعى» فى شئون الطلبة

كتب: هيا حسن وياسمين سعيد

يوميات «طالب جامعى» فى شئون الطلبة

يوميات «طالب جامعى» فى شئون الطلبة

حواجز حديدية متعددة تُكوّن ممرات آخرها نوافذ خشبية، يجلس خلفها عدد قليل من الموظفين، ويتكون داخل كل ممر طابور طويل نسائى وآخر رجالى، ليبدأ الطلاب بالتوافد أمام نوافذ شئون الطلاب بجميع الجامعات الحكومية فى تمام الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الثانية ظهراً، وقد يحدث العديد من المشكلات بين الطلاب وبعضهم البعض وبين الطلاب وموظفى الشئون فى تلك المدة الزمنية، بسبب الزحام وسوء التنظيم وحالات الطقس الحارة، خاصة فى بداية العام الدراسى، حيث يريد الجميع أن يدفعوا المصاريف ويستخرجوا الكرنيهات، فينتهى الأمر بغلق الموظف للنافذة فى وجه الطالب الذى انتظر تلك اللحظة لساعات طويلة قائلاً: «فوت علينا بكرة».

واجهت ماجدة فايز، ثالثة إعلام القاهرة، مشكلة عندما رغبت فى الالتحاق بكليتها: «بفتح استمارة الترشيح لاقيتنى دخلت ألسن، ولإنى كنت مترددة بينها وبين إعلام اتأخرت فى طلب التحويل»، حيث رفضت موظفة شئون الطلاب طلب تحويل الطلبة لكلية الإعلام لأن كلية الألسن تابعة لجامعة عين شمس أما كلية الإعلام فهى تتبع جامعة القاهرة: «رفضت تدينى الملف بتاعى علشان أجيب لها ورق من إعلام»، غير أنه لا يتم إرجاع المصاريف للطالب مرة أخرى إذا أراد التحويل من كلية لكلية.

وبعدما ذهبت «ماجدة» إلى شئون طلاب كلية الإعلام اكتشفت أنها تستطيع التحويل دون اللجوء لمكتب شئون طلاب كلية الألسن، فبمجرد سحب الملف من «ألسن» ونقله إلى «إعلام» يتم التحويل بسهولة.

«انتِ مش شايفانى بفطر يا آنسة، أقفى فى الطابور وماتدوشينيش»، قالت موظفة شئون الطلاب هذه الجملة لعزة صقر وهى تغمس البسكويت فى كوب الشاى باللبن، حيث أوضحت أنها تقيم بالمدينة الجامعية، وكان يجب عليها تحويل ورقها للمدينة وانتقالها لمحافظة القاهرة، ولكنها أُحبطت وشعرت بأن بدايتها مع الجامعة بداية مأساوية، حيث إن موظفات الشئون سخرن من صور الطالبة التى كانت مرفقة مع أوراقها، غير أنهم استمروا فى الضحك والمزاح بسبب هيئتها ولهجتها الريفية.

اعتادت بسنت محسن، كلية تجارة، جامعة القاهرة، عمل اشتراك المترو مع بداية كل عام دراسى، وشرحت أن أزمتها مع الشئون تتلخص فى تقديم طلب «اشتراك المترو»، حيث قالت: «بنزل كل أول سنة علشان أشترى استمارة وتاخد منى الصور علشان تحولها لوكيل الكلية يختمها»، لكن العام الماضى فوجئت بأنه لن يتم استخراج الاشتراك إلا إذا دفعت المصاريف، وإذا دفعت المصاريف يجب عليها أن تستخرج كارنيه الجامعة: «الكلام ده كله بياخد أكتر من أسبوعين، كل ده علشان أعمل اشتراك مترو».

وأضافت استحالة دخولك مكتب الشئون صباحاً، بداية من الساعة العاشرة، وهذا بسبب أن الموظفات يتناولن وجبة الفطور، «والساعة 2 بيبدأوا يحكوا لبعض عن أزماتهم المنزلية، فماينفعش حد يقاطعهم فى الكلام ولو قاطعناهم بنتشتم طبعاً».

وشرح عمر حسين، طالب بكلية الإعلام، جامعة القاهرة، عن اليوم العالمى لتسجيل المواد داخل مكتب شئون الطلاب، حيث وصفه بأنه «اليوم العالمى للبهدلة»، حيث تحدد الكلية مواعيد لتسجيل كل مرحلة موادها، وغالباً ما يكون ذلك فى التاسعة صباحاً، وتحدد ميعاداً آخر لفتح الموقع الإلكترونى للتسجيل فى الساعة الرابعة عصراً: «ناس بتسجل من البيت وناس بتنزل الجامعة لكن فى الحالتين بيكون فيه مشاكل».

واستكمل بأن الطلاب يبدأون فى التوافد أمام نوافذ شئون الطلاب فى تمام الساعة الثامنة صباحاً قبل الموعد الرسمى بساعة استعداداً «للمعركة» على حد قوله، وأضاف أن الموظفين يعاملون الطلاب معاملة سيئة «ولا كأننا خدم عندهم»، وبعد الدخول للتسجيل نجد تعارضاً بين المواد وفرض بعض الأساتذة لموادهم كممارسة لنوع جديد يسمى «الديموكتارتورية»، وعندما نحتج ونريد معرفة الأسباب يرد علينا موظف الشئون بكل برود قائلاً: «دول الدكاترة اللى موجودين ومفيش غيرهم».

وأشار إلى أن الطلاب الذين يسجلون من المنزل يعانون من بطء الموقع الإلكترونى: «لو الموقع فتح الساعة 9 مثلاً، 9 ودقيقة بيقع»، وبعد أن يعود مرة أخرى للعمل يجد الطالب أن معظم المواد تم التسجيل فيها واكتفت من حيث الأعداد المطلوبة، ويجد بعض المواد مفتوحة ومسجلة على أجهزة، ومغلقة وغير مسجلة على أجهزة أخرى، بسبب غلق الموظفين للموقع وفتحه كما يريدون.

أجبر مكتب شئون الطلاب دفعة هيدى حمدى، طالبة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، على دخول قسم الصحافة حتى بعد نجاحهم فى الاختبارات الفردية للأقسام الأخرى، واعتبره الطلاب إجباراً من الإدارة لتحديد عدد الطلاب فى كل قسم من الثلاثة أقسام بالكلية، كما أن اختبارات قسم الصحافة ليس له أى رسوم مادية على العكس من قسم إذاعة وتليفزيون، وقسم العلاقات العامة الذى فرض عليهم رسوماً بقيمة 70 جنياً لكل طالب.

ووصفت هدير محمد، طالبة بكلية تجارة، جامعة القاهرة، شئون الطلاب بأنها «مرات أبوها»، حيث إنها من سكان محافظة الإسكندرية: «المفروض إنى أسافر كل أسبوع لأهلى فى إسكندرية، ولكن موظفى الشئون الكرام حطوا أسماء كل طلاب الأقاليم يوم السبت فى تدريب عملى بدل التلات»، موضحين أن ذلك لمصلحة الطلاب، على الرغم من معرفتهم بسفر المغتربين إلى محافظاتهم يوم الخميس، وحاولوا تغيير يوم الخميس إلى الثلاثاء، ولكن موظفة شئون الطلاب رفضت، وفاجأوهم بعد ذلك بالتبديل.

{long_qoute_1}

وسردت هنا النشار، طالبة بكلية التجارة، جامعة القاهرة، أنها ذهبت للجامعة فى أول أيامها هناك بملابس جديدة وأمل جديد بالإقبال على مرحلة جديدة، ودخلت المدرج لحضور أول محاضرتين، وعندما طلب الدكتور كتاباً معيناً يجب أن تشتريه لأنه طلبه فى المحاضرة التالية مباشرة: «نزلت أدفع المصاريف عشان أستلم الكتب لاقيت 3 شبابيك، قلت لنفسى كويس، استغربت سبب الزحمة، لكن أدركت السبب لما لاقيت موظفة بتفطر والتانية بتتكلم فى التليفون مع بنتها، وفيه ضغط شغل على شباك واحد»، وعندما جاء دورها فى دفع المصاريف فاجأتها الموظفة بأن الساعة 2 وانتهى وقت العمل.. «فوتى علينا بكرة، هنفتح من 9 الصبح»، وذهبت بالفعل اليوم التالى ودفعت المصاريف ثم حاولت دفع مصاريف أختها لمعرفة نتيجتها، فقالت لها الموظفة لازم تدفع لنفسها، و«أنا أختى بتشتغل مع الدراسة».

لم تتذكر آية رزق، طالبة فى جامعة عين شمس، أن لديها مواقف كثيرة مع شئون الطلاب، لكنها فى مرة قررت أن تستخرج إثبات قيد بالجامعة، وانتظرت أكثر من ساعة، «وكانو عاملين يقولوا اطلعى لفلان هاتى منه ختم علشان مش موجود»، حيث إن تكاسل الموظف كان واضحاً جداً، وقالت إحدى الموظفات لها: «مش قادرة أقوم، مش شايفانى بخلص حاجات»، وآخر رد عليها قائلاً: «مش طالع أجيبلك حاجة، إحنا هنشتغل لكم كمان؟»، وعندما غضبت الطالبة وقررت التحدث بلهجة شديدة أهانتها الموظفة واستفزتها بالحديث حتى انتهت من استخراج إثبات القيد.

وقالت هند محمد، طالبة بجامعة عين شمس، إنها التزمت بالطابور أمام شئون الطلاب، لكنها لم تستطع السيطرة على جسدها: «كنا بنوصل للشباك بقوة الدفع، غير إن الريحة وحشة وفيه سرقات وخناق بيحصل كتير فى النص، إزاى أقف جانب ولد ويزق فيّا؟، كل ده علشان مفيش تنظيم من الكلية، وفى الآخر يرفضوا يطلعولنا الورق ويقفلوا فى وشنا الشباك»، وأضافت أن هناك موظفة شتمت طالباً بلفظ خارج لأنه وصل عندها بسبب التدافع.

وقال أحمد محمد، طالب بكلية الحقوق جامعة عين شمس، إنه لم يتعرّض أيضاً لمواقف كثيرة، ولكنه رأى أغرب موقف مرّ عليه فى حياته، وكان يعتقد أنه لن يراه فى الحياة الواقعية أبداً: «كنت واقف مستنى أطلّع ورق لاقيت الموظفة بتحشى محشى وسايبانا، كانت أول مرة ليا أشوف حاجة كده، كنت فاكر إنها فى الأفلام بس».

ولم يختلف موقف ميادة محسن كثيراً عن باقى الطلاب، حيث إنها عندما وصلت لنافذة موظفة شئون الطلاب استأذنتها الموظفة فى عمل كوب من الشاى والحضور سريعاً لاستكمال باقى الإجراءات: «لاقيتها راحت عملت شاى وفطرت وجت قفلت الشباك ومشيت، قالت لى فوتى علينا بكرة، غير المشورة من شباك لشباك طبعاً».

 


مواضيع متعلقة