وزارة الصحة.. والخروج من الدائرة المفرغة

10/05/2015

محمد صلاح البدرى

كاتب صحفي

ربما كان الحديث عن انتقاد المنظومة الصحية مشوقاً بالفعل.. فالكثيرون ينتظرون دوماً أن يثبتوا لأنفسهم وللآخرين كيف كانوا محقين حين انتقدوا هذا الطبيب أو ذاك.. وكيف أنهم لم يظلموا أحداً حين سبوا الأطباء بالكامل فى ذلك المستشفى حين ذهبوا ليلاً مع جارهم المريض.

إنه الشعور بالانتصار الزائف.. أو التأكيد -لنفسك قبل الآخرين -بأنك كنت على حق.. وهو سلوك نفسى شهير.. لا بأس.. فمحاولة الدفاع عن الأطباء -المظلومين قطعاً مثل المرضى- فى هذه المنظومة يجعلك تغرد دوماً خارج السرب..! فلن يستمع إليك أحد.. بل إنهم قد يتهمونك وقتها بالتدليس.. لذا فالأفضل أن تصمت!

ولكن الواقع أن الأمر لا يخلو من الصواب إلى درجة كبيرة.. فالمريض هو المتضرر الأول من رداءة الأداء فى تلك المنظومة الخدمية.. وهو الذى يدفع ثمن فساد ذلك النظام من صحته.. وهو ثمن لو تعلمون عظيم!!

المشكلة أن الأمر ليس وليد اليوم.. . فالمشكلة تعود لعصور طويلة ماضية.. وإصلاحها لن يأتى بين عشية وضحاها.. ولهذا فحساب المسئول الحالى -وأعنى السيد وزير الصحة الجديد- أمر لا يخلو من الظلم أيضاً. ولكننا نعتب على المسئول دوماً أنه لم يحاول البدء حتى فى الثورة على هذا الفساد.. ولم يحاول تنفيذ أفكار جديدة لتحسين الخدمة فى ظل موارد محدودة نعرفها جيداً..!

المنظومة تحمل ثلاثة أضلاع مهمة؛ وهى الطبيب والتعليم والإمكانيات.. فإذا كانت محدودية الموارد تحد من قدرة المسئولين عن تحسين الإمكانيات.. فإنها لا تمنع بكل تأكيد من تحسين وضع الطبيب وربط أجره بمعدل الأداء لديه.. ولا تمنع أبداً أن تحسن من وضع التعليم الطبى المستمر لأطباء الوزارة عن طريق ربط المستشفيات بكليات الطب فى المحافظات، أو ما يعرف بمشروع الربط الجغرافى الذى يسكن أدراج السادة وزراء الصحة منذ فترة طويلة!!

الطريف أنه على الرغم من الأحلام التى تراود كل وزير جديد فى هذا الموقع.. والأمل الذى يحمله لإصلاح المنظومة بالكامل.. فإنه يغرق فى المشكلات الوقتية التى تحدث يومياً.. والتى تستهلكه بالكامل فى معظم الأحوال لدرجة تجعله لا يجد الوقت الكافى للتفكير أو البدء فى خطوات تنفيذية حقيقية تهدف إلى الإصلاح الجذرى.. ويصبح أداء الوزير أداء روتينياً تقليدياً لإدارة الوزارة.. وتظل الانتقادات الموجهة إلى أدائه تتصاعد تدريجياً دون أن يتمكن من الدفاع عن نفسه.. أو حتى يتمكن من الخروج من تلك الدوامة التى غرق فيها.!

والواقع أننا وإن التمسنا له العذر فى هذا.. فإن هذا لا يعفيه من المسئولية بأى حال من الأحوال.. فالأمر ينبغى أن يسير على التوازى بين كل المحاور.. والأداء ينبغى أن يجد طريقه إلى التحسن مهما بلغت المشكلات اللحظية!

لقد أصبح الأمر يحتاج إلى تحركات حقيقية على الأرض لإنقاذ الأداء فى تلك المنظومة المهمة.. فالثقة قد أصبحت شبه منعدمة بين المواطن والوزارة المسئولة عن صحته.. حتى إن التعامل مع مستشفيات الوزارة قد أصبح مرتبطاً باليأس.. وانتقاد الأداء داخل المستشفى الحكومى قد أصبح جاهزاً قبل الدخول إليه من الأساس..! والضحية لهذا الانتقاد أو الموقف العدائى المسبق هو طبيب الاستقبال المسكين الذى لا يملك من الأمر شيئاً.. فلا هو يملك الإمكانيات المطلوبة لعلاج المريض.. ولا يملك الخبرة الطبية الكافية للتعامل بما يمتلك من إمكانيات!!

البدء الفورى فى هيكلة المنظومة بالكامل أصبح ضرورة ملحة.. واستقدام أفكار من خارج الصندوق أصبح أساسياً للتعامل مع المرضى فى ظل الإمكانيات المتاحة.. فلنستلهم إرادة حفر القناة فى إخراج منظومة جديدة للصحة.. إذا كنا نبغى إصلاحاً..!

استقيموا يرحمكم الله!!