طلاب يستبدلون الفصل بـ"القهاوي": العلم في "الرص" مش في الكراس

كتب: ميسر ياسين

طلاب يستبدلون الفصل بـ"القهاوي": العلم في "الرص" مش في الكراس

طلاب يستبدلون الفصل بـ"القهاوي": العلم في "الرص" مش في الكراس

{left_qoute_1} 

مولين دبرهم شطر مدرستهم، تجدهم في المقاهي يجلسون بأريحية بينما يتطاير دخان "الشيشة" حولهم راسمًا سحابة ضبابية أطفأت شعلة "التعليم"، فاستبدلوا جلسات الدروس والمذاكرة بـ"حجرين وعشرة طاولة"، وجدوا متعتهم فيها بعيدًا عن الحصص الدراسية، فساقهم القدر إلى تصوير أنفسهم يجلسون على القهوة، يدخنون "الشيشة" بتفاخر، وينتشر المقطع المصور على شبكات التواصل الاجتماعي، فما كان من وزير التربية والتعليم إلا أن خاطب وزارة التنمية المحلية بضرورة إغلاق هذه المقاهي المجاورة للمدارس.

في أحد شوارع منطقة الطالبية بالهرم، تستقر مدرسة أحمد لطفي الثانوية ذات البناء الضخم، حيث تحاط بـ3 مقاهي، اعتاد طلاب المدرسة الثانوية، الهروب إليها في أكثر أوقات اليوم الدراسي حيوية -وقت انتصافه-، لتكتظ بطلاب لا يعترفون بخطأهم في الجلوس لتدخين "الشيشة" في هذا الوقت من اليوم.

رغم صغر سعة أحد المقاهي، إلا أنه امتلأ بالطلاب الذين يقضون وقتهم في لعب "الطاولة والدومينوز"، في هيئة مجموعات مكونة من 4 أفراد أو تزيد، تخيرت إحداها زاوية المقهى لتكون هي جلستهم المفضلة، وبينما دخن أحدهم الشيشة، ولعب اثنين آخرين الطاولة، انشغل الرابع بهاتفه المحمول، ناكرًا "تزويغ" الطلاب من مدارسهم لتدخين الشيشة أو الجلوس عند المقاهي، يجلس "عبده" في المقهى وهو طالب ثانوي، يرى أن "تزويغه كل فين وفين أمر وارد لا يرتقي لأن يكون مشكلة محل نقاش، غايته الاستمتاع ببعض الوقت، ولا مانع من أن الخسران يدفع المشاريب وهي كوبايتين شاي وشيشة"، فهو قانون القهوة.

يأخذ "عمر" زميل "عبده" طرف الحديث منه، بينما يطرد دخان الشيشة من رئتيه، "إحنا مش بنزوغ من المدرسة عشان المدرسين مبيشرحوش.. أنا باجي القهوة هنا وقت ما بتطلب معايا شيشة أو طاولة"، وهو لا يستحي من أن يراه أحد المدرسين وهو يجلس على المقهى القريب من مدرسته، كلاهما يدرسان في الصف الثاني الثانوي الأدبي، يشتركان معًا في ذات الصفات، كلامها اتفق على أنه لا حلم لهما، ولا تخطيط للمستقبل القريب، حتى أن دخان الشيشة لم يوحي لأحدهما للالتحاق بكلية بعينها، "كل اللي يجيبه ربنا خير".

 

 

ومن الجيزة إلى قلب القاهرة، المشهد يتكرر، وتحديدًا في منطقة القللي برمسيس، طاولة بلياردو كبيرة سيطرت على انتباه طلاب مدرسة الأقباط الكبرى، الذين احتشدوا في صباح أحد الأيام بالخارج لرفض المدرسة دخولهم بسبب عدم التزامهم بـ"الزي الرسمي"، "يوسف" أحد الطلاب المتضررين، يروي تفاصيل اليوم الدراسي الذي يسيرون عليه في تلك المدرسة، التي يجاورها مقهى متواضع.

{left_qoute_2}

بعد انتصاف اليوم الدراسي، تفتح المدرسة أبوابها معطية الحرية لطلابها للهروب أو تكملة اليوم بالداخل، على طاولة البلياردو يتجمعون بعد انتهاء الحصة الثانية تقريبًا، ويعزفون عن الجلوس في المقهى المجاور، وفق "يوسف"، وذلك بسبب جلوس العمال المنتشرين بالمنطقة عليه، ولكن الطلاب استطاعوا إيجاد منفذًا غيره للجلوس عليه وتبادل أطراف الحديث.

مقهى "بسوس" هي الوجهة التي تخيرها الطلاب لتكون تجمعًا بديلًا عن الفصل وفق "مينا"، وهي كذلك على مقربة من المدرسة، حيث يتزاحم الطلاب لتدخين الشيشة والسجائر، ويعلل "يوسف" سبب هروبهم إلى المقهى، إلى عدم الاستفادة من المدرسين، "كل اعتمادنا على الدروس الخصوصية."

{left_qoute_3}

في الحي نفسه، تقع مدرسة الحرية الإعدادية المشتركة، وأمامها بأقل من خمس خطوات مقهى "عم علي"، الذي يرفض جلوس الطلاب على قهوته المتواضعة، "يقعد عندي عشان يجيبلي مصيبة!"، فهو يتفق مع وزارة التعليم حول رؤيتها أن أغلب المقاهي المجاورة للمدارس تفسد أخلاق الطلاب، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن أغلب الطلاب لا يفضلون الجلوس على المقاهي المجاورة لمدرستهم، خوفًا من أن يراهم أهلهم أو أحد معارفهم أو المدرسين.

سور خرساني يفضل بين المؤسسة التعليمية ومكان تدخين الشيشة ولعب الطاولة داخل منطقة رمسيس، حيث تقبع مدرسة الأزبكية الإعدادية بنين، لكن لصاحب المقهى، محمد رمضان، رؤية مختلفة، فهو يصر على أن الطلاب لا يجرأون على الجلوس بالمقاهي المجاورة للمدارس، "عمرها ما حصلت إن طالب جه عايز يقعد في القهوة"، ويختلف "رمضان" كذلك مع وجهة نظر وزارة التعليم حول موضوع غلق المقاهي المجاورة للمدارس، "مش صحيح لأن مش كل القهاوي بيقعد عليها طلبة ".

 

بسبب الفيديو المتداول الذي يظهر شرب عدد من طلاب المدارس الهاربين "الشيشة" بتفاخر، تقدم وزير التربية والتعليم بطلب للدكتور أحمد زكي بدر، وزير التنمية المحلية، حول بدء إجراءات إغلاق المقاهي المجاورة للمدارس، بحسب ما يوضح بشير حسن، المستشار الإعلامي لوزارة التربية والتعليم، في تصريحاته لـ"الوطن".

 

يعتبر "بشير"، أن الكثير من المقاهي المجاورة للمدارس تحولت إلى ملاذًا للطلاب المتسربين من التعليم، والهاربين من المدارس، وساعدت على انتشار عدوى تدخين الشيشة، موضحًا أنه ليس من صلاحيات وزارة التربية والتعليم إصدار أمرًا بإغلاق هذه المقاهي، فهو دور وزارة التنمية المحلية، وهي من تحدد الموعد المناسب لذلك.

وأضاف المستشار الإعلامي لوزارة التربية والتعليم، أن وزير التعليم الهلالي الشربيني، حريص على توفير المناخ المناسب للطالب والمدرسين، وتهذيب سلوك الطلبة، مشيرًا إلى أن إغلاق المقاهي المجاورة للمدارس بالتأكيد ستساعد على ذلك، وحول تحديد المقاهي التي يجب أن تغلق، قال "بشير" إن هذا الأمر متروك كليًا لوزارة التنمية المحلية.


مواضيع متعلقة