العيد أحلى فى «المقابر»

كتب: جهاد مرسى

العيد أحلى فى «المقابر»

العيد أحلى فى «المقابر»

 فرحتهم بالعيد لها مذاق خاص، لا يشغلهم تعليق الزينة وارتداء الملابس الجديدة، إنما يفتحون أحواش المقابر، ويجهزونها لاستقبال زوار العيد، «سكان المقابر» يزاحمون الموتى فى مرقدهم، ومع ذلك لا تتأثر فرحتهم بالعيد، حتى وإن اختلفت مظاهرها.

«فرحة العيد عندنا إنك تطلع القرافة، لو الناس مازارتش يبقى العيد مجاش»، قالها محمد الدمرداش، الشهير بـ«ميدا زلومة»، موضحاً أنهم لا ينزعجون من الزحام: «طول السنة قاعدين لوحدنا مع الأموات، لا بنشوف حد ولا بيزورنا مخلوق، يبقى لازم نفرح بزوار العيد».

{long_qoute_1}

طقوس العيد فى «السيدة عائشة» تختلف عن باقى المناطق: «أول يوم بنصلى العيد وندبح ونفرق اللحمة، واليوم التانى هو العيد بالنسبة لنا، زيارات القرافة بتبدأ من الصبح بدرى، أما اليوم التالت فيكون خروجات وسط البلد والجناين». رغم إقامة «محمد» فى المقابر لسنوات طويلة، فإنه لا ينفى صعوبة العيش فيها: «عيالى كل مرة أدفن ميت فى الحوش يخافوا يناموا لوحدهم، وننام احنا الخمسة على سرير واحد، ويوم ما فكرت أعمل أوضة تانية فى دور تانى يناموا فيه، الحكومة مش سايبانى فى حالى، وعاوزانى أدفع 50 ألف جنيه، هو أنا لو معايا المبلغ ده كنت سكنت مع الأموات؟».

الشىء الوحيد الذى يؤرق سكان المقابر فى العيد، حسب «محمد»، هو اضطرار بعض السكان غير الملاك للأحواش لمغادرة أماكنهم خلال الزيارات، والعودة إليها بعد انتهاء الموسم بسبب الزحام الذى تشهده المنطقة.

«سيد عبدالعال»، 72 عاماً، من سكان «السيدة عائشة»، وصاحب كشك ملاصق للمقابر، يحكى عن مظاهر العيد، التى لا تقتصر على تزيين الشوارع، بل فتح الأحواش واستقبال الزائرين: «مش بنفرح بس بزوار المقابر، احنا كمان بنزور ونعيّد مع أحبابنا اللى راحوا للى خالقهم»، مترحماً على زوجته التى رحلت منذ 8 سنوات ودفنها فى الحوش الملاصق للدكان.

الفرحة بالعيد لا تتعارض مع تذكر الموتى وزيارتهم، فى رأى «محمد سيد»، الشهير بـ«فلفل»، الذى اعتاد أن يجلس داخل محله الصغير المطل على المقابر: «الزوار مش جايين يعيطوا، دول بيبقوا فرحانين ومعاهم عيالهم لابسين هدوم جديدة وبيجروا ويلعبوا، يبقى عيد وفرحة ولا لأ؟

لا تختلف آراء سكان مقابر «الإمام الشافعى» عن جيرانهم فى «السيدة عائشة»، حيث يروى «طلعت جمال» الذى تفصل مسكنه عن المقابر أمتار قليلة: «فرحة بالعيد وموسم للرزق، عشان كده تلاقى ناس كتير من السكان بيبيعوا جريد وورد وبيفتحوا أفران ويبيعوا قرص عشان يكسبوا».

ويتفق معه فى الرأى «مصطفى»، 28 سنة، ولد وعاش فى «الإمام الشافعى» وينوى الزواج بها وعدم الرحيل عنها: «العيد أحلى فى المقابر، على الأقل احنا عندنا مظاهر للعيد، فى الوقت اللى باقى المناطق بتعانى من اختفاء مظاهر العيد، واللى مالوش خير فى اللى ماتوا مالوش فى اللى عايشين».

 


مواضيع متعلقة