سوهاج: الذبح على «النيل» هرباً من السلخانات المتهالكة

كتب: خالد الغويط وعمار عبدالواحد

سوهاج: الذبح على «النيل» هرباً من السلخانات المتهالكة

سوهاج: الذبح على «النيل» هرباً من السلخانات المتهالكة

تطلق عليها الحكومة «مجازر»، بينما يسميها الأهالى «سلخانات»، لكن بالنسبة للمواطن فى سوهاج لا فرق بين الاسمين.. كلاهما يشير إلى أكبر مصادر التلوث البيئى فى المحافظة، فزيارة واحدة إلى تلك الأماكن كفيلة بمقاطعة المواطن للحوم إلى الأبد، ما قد يكون حلاً قاطعاً ونهائياً لارتفاع أسعارها، ففى مجازر سوهاج، ستجد مياه الصرف الصحى والقمامة تحاصر اللحوم من كل جانب، وكلها تقع داخل مبان متهالكة.

مع انتشار المجازر فى معظم قرى ومدن المحافظة، تحولت بفعل الإهمال الحكومى لسنوات طويلة إلى مصدر دائم للتلوث، ومأوى للكلاب الضالة والقطط، وسط عجز المسئولين فى المحافظة عن إيجاد حلول لأزمة تلوث تلك المجازر، ما نتج عنه عزوف عدد كبير من الجزارين عن اتباع تعليمات الذبح داخلها، فيما غض المسئولون الطرف عن تحرير مخالفات لمن يذبح خارج المجازر، نظراً لسوء أحوالها، خاصة بعد ثورة 25 يناير.

ولجأ عدد كبير من الجزارين إلى الذبح قرب المجارى المائية، من ترع أو قنوات، ووصل الأمر ببعضهم إلى الذبح على ضفاف النيل، ما يؤدى إلى تلويث النهر، ورغم تحرير مسئولى «الرى» مخالفات لا حصر لها ضدهم، إلا أن المحاضر وحدها لم تكن كافية لإيقاف تلك المخالفات، بينما بُح صوت الأهالى المطالبين بإيجاد حلول للمشكلة، والعمل على تطوير المجازر، للحد من الذبح خارج السلخانة، ونقل اللحوم داخل سيارات بدلاً من النقل على عربات «الكارو».

{left_qoute_1}

وقال شريف أبورحاب، من مركز العسيرات، إن «قطاعات كبيرة فى الحكومة لا تزال فى غيبوبة منذ ثورة 25 يناير، والمجازر التى تمت إقامتها منذ سنوات، بعيداً عن الكتل السكانية، أصبحت مع مرور الوقت وسط الكتل السكانية بسبب زحف المبانى إليها، وأصبحت المجازر نفسها مصدراً رئيسياً للعدوى، خاصة مع تراكم مياه الصرف فيها، لأن غالبيتها مصممة دون غرف للصرف، ما يستدعى وضع خطة عاجلة لإنقاذ المجازر فى جميع أنحاء الجمهورية، والعمل على تطويرها فى أسرع وقت، للحفاظ على صحة المواطنين».

وطالب بضرورة تشديد الرقابة لمنع الذبح خارج السلخانات، بالإضافة لمواجهة ظاهرة ذبح الحيوانات المريضة، التى تتم أمام عيون جميع مسئولى التموين، العاجزين أمام سطوة ونفوذ الجزارين، موضحاً «أى جزار يتم تحرير محضر ضده، يدفع غرامة مالية، ويخرج من القضية، وكأن شيئاً لم يحدث، ثم يعود لفعلته من جديد، لذلك يجب تغليظ العقوبات على الذبح خارج السلخانة، وعلى المضبوطين بلحوم منتهية الصلاحية».

أما الجزار عبدالحكيم عبدالستار، فيقول إن «وضع السلخانات أصبح سيئاً للغاية، وطالبنا مسئولى الوحدة المحلية بتنظيفها وشفط المياه الراكدة فيها، حتى نتمكن من الذبح بصورة صحيحة، بما يحافظ على اللحوم من التلوث، إلا أن جميع مناشداتنا لم تلق أى استجابة، لذلك نضطر فى أغلب الأحيان إلى الذبح خارج السلخانة، بسبب سوء حالتها، كما أن الطبيب البيطرى نفسه يكشف على الحيوانات، ثم يعطى أمر الذبح، رغم مشاهدته لمياه الصرف المحيطة بنا من كل جانب، وعندما نطالب العمال بتنظيف المكان، يؤكدون لنا أن سحب المياه هى مسئولية شركة مياه الشرب والصرف الصحى».

ومن جهته، قال مهران محمود مهران، معاون الوحدة المحلية فى قرية أولاد حمزة، إن «مجزر مركز العسيرات بنى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ولم يتم تطويره من وقتها، فهو لا توجد به غرفة لصرف المياه، فيضطر العمال إلى تصريفها خارج المبنى»، مؤكداً أن «الوضع الصحى للمجزر غير سليم، لأن المبنى متهالك وآيل للسقوط، كما أن أرضيته ليست خرسانية، ما يؤدى إلى تراكم المخلفات عليها».

وأشار «مهران» إلى أنه «قبل ثورة 25 يناير كان الجزارون يأتون إلى المجزر بالحيوانات للكشف عليها، ثم يتم الذبح بعدها، نظراً لوجود رقابة صارمة لمنع الذبح خارج المجزر، وكان مفتشو التموين يطاردون الجزارين لمصادرة لحومهم، ما كان يجبرهم على الذهاب إلى المجزر، الذى كان يستقبل نحو 150 حيواناً فى الشهر، انخفض عددها إلى 20 حيواناً فقط الآن، مع استمرار الذبح فى الخارج».

وفى تصريحات لـ«الوطن»، اعترف محافظ سوهاج، الدكتور أيمن عبدالمنعم، بسوء حالة أغلب مجازر المحافظة، مؤكداً «وضع خطة عاجلة لإحلال وتطوير جميع المجازر فى المحافظة، حيث تم حصرها، وإعداد كشف باحتياجات ومتطلبات كل مجزر، سواء من عمال أو أطباء بيطريين، بالإضافة لتشكيل لجنة من الطب البيطرى، وإدارة شئون البيئة، وشركة مياه الشرب، وإدارة شئون البيئة فى المحافظة، لتنفيذ خطة التطوير سريعاً، وإجراء حملات تفتيش عليها، وعلى وسائل نقل اللحوم، بهدف الوصول إلى لحوم مطابقة للمواصفات القياسية، وإنشاء مجازر على طرز حديثة».

 

 

سلخ أرجل العجول المذبوحة بطريقة بدائية

 


مواضيع متعلقة