رئيس اتحاد الصناعات لـ«الوطن»: أخشى خلط البيزنس بالسياسة فى البرلما

12:05 ص | الأحد 20 سبتمبر 2015

الحديث عن التنمية يتطلب بالتبعية الحديث عن الإنتاج.. والإنتاج يعنى صناعة، والصناعة كانت وما زالت أحد أهم القطاعات الاقتصادية التى تضررت على مدار الأعوام الخمسة الماضية.. ومع بداية العام الحالى كانت هناك مشكلات مثل نقص الدولار ونقص الطاقة، وتضارب القرارات الحكومية أحياناً، عاملاً أساسياً فى إضافة المزيد من الأعباء على القطاع الصناعى.. وفى حواره مع «الوطن» يرى المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات أن هناك تحسناً ملحوظاً فى أداء الصناعة، ورغم أنه يعتبر أن «حكومة المهندس إبراهيم محلب أفضل حكومة شهدتها مصر بعد ثورة يناير»، فإنه يؤكد أن هناك مشكلات عديدة لا بد من حلها لتنشيط الصناعة وإعادتها لمسارها الصحيح..وإلى نص الحوار..

{long_qoute_1}

■ القطاع الصناعى يواجه مشكلات عديدة لا حصر لها بداية من الدولار والطاقة.. أين تقف الصناعة الآن؟

- كلام الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن الصناعة إيجابى للغاية، الرجل قال إن القطاع الصناعى لا بد أن يكون مساهماً بقوة فى المشروعات القومية الكبرى التى تطرحها الدولة، نحن لدينا مشروعات قومية لا بد من أن تنفذها الصناعة الوطنية، بكل طاقتها الإنتاجية، وفى حالة الضرورة يتم الاعتماد على الخارج، أو جذب الاستثمارات.

أولى المشكلات التى تواجه الصناعة هى التعليم الفنى، الذى يحتاج لمواجهة جذرية، وإعادة هيكلة كاملة، وفصل الكيانات التى تنظمه عن الدولة والعمل الحكومى، التعليم الفنى يحتاج لجهات محايدة كاملة كى نستطيع النهوض به.

■ هل الصناعة بوضعها الحالى قادرة على تلبية متطلبات المشروعات القومية التى تعلن عنها الحكومة؟

- لدينا إمكانيات كثيرة غير فعالة، نحن لدينا أزمة أخرى فى منظومة التراخيص التى تسبب الكثير من المشكلات.. نحصل على تراخيص من الأحياء والبيئة الدفاع المدنى والمحليات، وهناك مغالاة فى المواصفات وعدم وضوح فى تلك النقطة، وهذا أمر غير مقبول، ويحتاج إلى إعادة نظر، نريد جهات محايدة تمنح التراخيص للقطاع الخاص، والقطاع الصناعى بشكل خاص، الجهات الحالية غير محايدة.

■ هل الجهات التى تمنح التراخيص نجحت فى الفترة الماضية؟

- بالطبع لا، انظر إلى قطاع الطيران مثلاً هو قطاع ناجح لأن تراخيصه تأتى من جهات دولية معتمدة وهذا يسهل الكثير من أعمال القطاع.

■ ماذا تقصد تحديداً بجهات محايدة؟

- بشكل أبسط، بدلاً من أن أحصل على ترخيص بيئى لا يعقل أن يتم ذلك عبر وزارة البيئة، لا بد من أن أذهب أنا كمستثمر للحصول على هذا الترخيص من مكتب متخصص فى شئون البيئة ومعتمد دولياً، والدولة هنا دورها فقط أن تضع المعايير المناسبة التى تتناسب مع المجتمع.. العالم كله لا يعتمد على الحكومة فى استصدار التراخيص.. وهذا الأمر ينطبق على هيئة المواصفات والجودة.. لا بد من وجود معايير أمان وجودة، وأن تكون الهيئة مستقلة حتى نبتعد عن شبهة تفصيل المواصفات لصالح طرف على حساب أطراف أخرى.

■ لكن هناك فكرة الشباك الواحد؟

- لم نر تطبيق هذه الفكرة بعد، وفكرة الشباك الواحد قائمة على ما أطرحه.. الحكومة دورها إشرافى.

■ حسناً.. التعليم الفنى من أهم المشكلات.. ماذا أيضاً؟

- لدينا أزمة فى الأراضى، نحن نطالب بتطبيق نظام حق الانتفاع لمدة 50 سنة، وأعتقد أن هذا الأسلوب هو الأمثل والأفضل من تملك الأراضى، أنا لست تاجر أراضٍ، أنا مستثمر بالأساس فى الصناعة.

■ لكن ألم يسهم إخضاع ولاية الأراضى الصناعية لهيئة التنمية الصناعية فى حل مشكلة الأراضى؟

- هذا غير كافٍ، نريد تطبيق حق الانتفاع.

■ هناك قرار بالفعل من وزير الصناعة يقر طرح الأراضى بنظام حق الانتفاع لمدة 30 سنة؟

■ صحيح.. ونحن أرسلنا طلباً لوزير الصناعة بضرورة مد الفترة الزمنية لتصبح 50 عاماً وليس 30 عاماً.

■ بعيداً عن أزمة حق الانتفاع أو التملك.. هل لديكم أزمة ندرة فى الأراضى؟

- طبعاً، لدينا أزمة فى توافر الأرض المرفقة، وأعتقد أن الدولة ليس دورها أن تقوم بترفيق الأرض كاملة، أريد أن تقوم الدولة بتوصيل المرافق الأساسية على مدخل الأرض، وأن يتولى القطاع الخاص ترفيق المناطق المخصصة للصناعة.

■ أنت هنا تطالب بعودة العمل بنظام المطور الصناعى؟

- بالضبط.. أدعو للعودة بالعمل بهذا النظام وأن تبتعد الدولة عن ملف الترفيق.. فقط تعمل على توصيل المرافق الأساسية والقطاع الخاص يستكمل العملية.

{left_qoute_1}

■ لكن هذا النظام شهد مشكلات عديدة وخللاً واضحاً قبل 25 يناير؟

- من أجل ذلك أنا أدعو لفكرة حق الانتفاع.. المطور الصناعى يحصل على الأرض بحق الانتفاع وليس التملك.. قبل ذلك كان هناك شركات تتملك.. لست مع ذلك.. الأفضل حصول القطاع الخاص على قطعة الأرض بحق الانتفاع وترفيقها كاملة وتأجيرها للمستثمرين بنفس النظام.. حق الانتفاع لمدة 50 عاماً كما قلت لك.. وهذا يقضى على سلبيات الفترة الماضية.. ويبعدنا عن فكرة التسقيع.

■ لديكم أزمة طاحنة فى توافر الدولار والطاقة.. كيف تعاملت مع المشكلة؟

- دعنا نتحدث عن الطاقة أولاً، مشكلة الغاز فى طريقها للحل، واردات وزارة البترول فى الشهر الحالى من الغاز ستزيد وهذا سيسهم فى حل الأزمة بشكل كبير، ودعنى أقول لك إن شكاوى المصانع بشأن الغاز خلال الأشهر الماضية كانت منعدمة تقريباً.

■ كيف.. مصانع الأسمدة والحديد تقول إنها توقفت بشكل جزئى نتيجة نقص الغاز؟

- هذا ينطبق على فترة أول العام.. لكن مع شهر يوليو الأزمة بدأت تشهد انفراجة كبيرة.. وحتى مصانع الحديد الإسفنجى أزمتها مع الغاز أزمة فى السعر وليس فى توفيره، المصانع كانت توقفت العام الماضى بشكل كبير بسبب الغاز، لكن هذا العام الموضوع أقل حدة بكثير.

■ قرأت عن كشف الغاز الجديد.. هل الأمر سينعكس على القطاع الصناعى؟

- طبعاً، الكشف الجديد معناه عودة عمليات البحث والاستكشاف بعد توقفها بشكل كبير نتيجة متأخرات الشريك الأجنبى، الكشف سيسهم فى جذب استثمارات قائمة على الطاقة إلى السوق المصرية.

■ لكن كان لدينا قبل 2011 كلام عن وجود وفرة فى الطاقة.. كيف لا نقع فى نفس الفخ مجدداً؟

- من خلال استخدام الغاز كمدخل إنتاج وعمل قيمة مضافة من خلاله، وإقامة مشروعات قائمة على الطاقة مثل البتروكيماويات.. وليس تصدير الغاز إلى الخارج.

■ دعنا ننتقل إلى أزمة الدولار.. أغلب المصانع تعانى ندرة العملة الصعبة لاستيراد الخامات؟

- صحيح.. لدينا أزمة كبيرة فى توافر الدولار.. نعانى فى فتح الاعتمادات المستندية، وما زال هناك تأخير فى فتح الاعتماد، مراسلاتنا مستمرة مع البنك المركزى، لكن البطء فى فتح الاعتمادات المستندية يؤثر سلباً على المصانع وطاقتها الإنتاجية والعمالة.

■ كم من الوقت يستلزم الأمر لفتح الاعتماد؟

- حوالى 5 أسابيع حتى نتمكن من فتح اعتماد.

■ وما أكثر القطاعات التى تواجه أزمة فى الدولار؟

- أغلب القطاعات، لكن قطاعى الأدوية والغذاء لهما الأولوية فى توفير الدولار، وهناك بعض المصانع فى نفس القطاعين لديها مشكلة أيضاً.. هناك استجابة من جانب بعض البنوك، لكن الإجراءات ما زالت بطيئة تعطل حركة الإنتاج.

■ الفترة الماضية شهدت زيادة فى تدفقات واردات الحديد.. أليس غريباً أن يتوافر الدولار لاستيراد الحديد بينما لا يتوافر لاستيراد الخامات؟

- لا علم لدى من أين يأتى التجار بالعملة الصعبة.. لكن أعتقد أن الأمر متعلق بعملية تهريب العملة أكثر من أى شىء آخر.

■ هل لديك معلومات موثقة بشأن تهريب العملة؟

- لا، ليس لدىّ معلومات موثقة، لكن أنا أسمع عن ذلك بشكل مستمر، ومن الواضح أن هناك عملية تهريب عملة تحدث بالفعل، وهذا يجعلنا نتحدث عن أهمية وجود الأسعار الاسترشادية لكافة السلع المستوردة.

{left_qoute_2}

■ الجنيه المصرى من الواضح أنه فى طريقه لمزيد من الانخفاض أمام الدولار.. هل سيؤثر ذلك سلباً على الصناعة؟

دعنا نتحدث عن السياسة الصناعية، ومن أهم النقاط، السياسة العادلة فى تسعير كل مدخلات الصناعة، نحن طلبنا أسعاراً عادلة للطاقة، وطالبنا بسعر عادل للضريبة، لأن وجود سعر مبالغ فيه يفتح طريقاً للتهرب، وطلبنا وضع أسعار استرشادية عادلة لدى الجمارك لعدم تعريض الصناعة لخطر، وبالتالى كل الأسعار المتعلقة بمدخلات الصناعة لا بد أن تكون عادلة، بصرف النظر عما نتحدث عنه سواء دولار أو أرض أو طاقة.

■ هل كان رد فعل وزارة الصناعة والتجارة بشأن الصادرات على مستوى الحدث؟

- طبعاً، أنا أرى أن الوزارة قامت بدورها فى الأزمة، وحاولت فتح أسواق جديدة مثل الأسواق الأفريقية، واتخذت إجراءات من شأنها زيادة قيمة دعم الصادرات.

■ كيف تقيم أداء حكومة محلب؟

- كلمة حق، من أكثر الحكومات التى تعاونت مع اتحاد الصناعات هى حكومة المهندس إبراهيم محلب، لم نلجأ له فى أى مشكلة ورفض لقاءنا أو حل مشاكلنا، أعتقد أن هذا ناتج من ثقته فى الاتحاد وأعضائه، لأننا لا نتحدث عن مشاكل خاصة وليست مشاكل عامل، وإذا كنت تتحدث عن التضارب، فمن الجرأة التامة أن يتراجع رئيس الوزراء أو يقوم بتعديل أية قرارات، وفى اعتقادى أيضاً أن حكومة «محلب» أفضل حكومة فى مصر بعد 25 يناير 2011.

■ لكن هناك آراء داخل المجتمع الصناعى ترى عكس ذلك؟

- لو تحدثنا على أرض الواقع، ستجد أكثر من دليل على رأيى، مثلاً قانون تفضيل المنتج المحلى طالبنا به مراراً، وتم إقراره فى ظل حكومة محلب، الأمر ذاته يتعلق بقرار تصدير الأرز، وقانون العمل الذى تم إرجاؤه أيضاً جاء بناء على طلبنا وأخذت به حكومة محلب، ولابد أن تأخذ فى الاعتبار أن هناك دولة عميقة ما زالت قائمة.

{long_qoute_2}

■ هل نفس التقييم ينطبق على وزارة الصناعة؟

- طبعاً، وزير الصناعة متعاون جداً معنا، وحاول أكثر من مرة حل مشاكلنا، لكن هناك مشكلات معقدة خارجة عن إرادة الوزير نفسه.. وبالتأكيد لن يوجد أحد ستجد إجماعاً عليه.

■ ماذا عن قانون العمل؟

- حتى الآن ما زال مؤجلاً، وأرسلنا مقترحاتنا كاتحاد لوزارة التضامن الاجتماعى لتعديل بعض البنود بما يراعى مصالح جميع الأطراف.

■ وزارة المالية على وشك تطبيق ضريبة القيمة المضافة.. هل الاتحاد له مقترحات بشأن القانون؟

- نعم كانت لنا مقترحات وأرسلناها لوزارة المالية، وأبرزها إلغاء حد التسجيل تماماً لإدخال القطاع غير الرسمى.

■ وما رأيك فى السياسات الضريبية بشكل عام؟

- أعتقد أن 22.5% كحد أقصى للضريبة هى النسبة العادلة للضريبة داخل مصر، لكن لا بد أن تعمل الحكومة على تحصيل الضريبة من الجميع وتبذل جهداً أكبر فى التحصيل، وأعتقد أنها من الممكن أن تضبط تلك النقطة من خلال تطبيق منظومة «الكاش» فى مصر للسيطرة على حركة النقد داخل السوق، ومعرفة مصدر الأموال وتوظيفها، وأعتقد أن هذا الأمر سيقلل من التهرب الضريبى فى مصر كثيراً.

■ لكن هناك دولاً أخرى تصل فيها الضريبة إلى 40% و50%؟

- لكل بلد ظروفه والمعادلة التى يتم الاعتماد عليها لفرض الضريبة، الضريبة العادلة لا بد أن تتم وفقاً لعدة معايير من بينها مستوى الخدمات الذى توفره الدولة، وإذا أرادت الدولة أن تضع 40%، حسناً، لكن لن يكون هناك استثمار.

■ المصانع المتعثرة من أبرز الملفات المجمدة.. إلى أين وصل هذا الملف الآن؟

- نتواصل الآن مع مركز تحديث الصناعة لوضع تصور شامل بشأن المصانع المتعثرة، يتضمن كيفية استخدام التمويل الذى خصصته الحكومة بنحو 500 مليون جنيه، وآليات صرفها.

■ بعيداً عن الصناعة.. هل دخول رجال الأعمال البرلمان يعيد إلى الأذهان برلمان ما قبل يناير؟

- دخول أى رجل أعمال البرلمان دون معايير ومحددات واضحة سيؤدى إلى فساد بالطبع، لكن أنا هنا أسأل: هل هناك مشكلة فى مشاركة جميع فئات المجتمع فى البرلمان وإصلاح حال البلاد، فى رأيى لا بد من تطبيق قانون تضارب المصالح، وأقول لك إن أى قانون لن يمنع فساداً، لكنه قد يقلل، والفساد الذى هنا لا يقتصر على رجل أعمال.

■ هل عندك تخوفات من خلط البيزنس بالسياسة مرة أخرى؟

- طبعاً متخوف، لكن هذا لا يمنع دخول رجال الأعمال فى البرلمان، لكن هذا التخوف يتطلب تطبيق ما تحدثت عنه، أن تكون هناك قوانين تحول دون استفادة خاصة لرجل أعمال، ودون الخلط بين العمل العام والعمل الخاص.