مستشار الرئيس الفلسطيني: مصر «حجر الزاوية» لإفشال مخطط التهجير.. ونقدر الموقف التاريخي للرئيس السيسي

مستشار الرئيس الفلسطيني: مصر «حجر الزاوية» لإفشال مخطط التهجير.. ونقدر الموقف التاريخي للرئيس السيسي
قال الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطينى، إن مصر «حجر الزاوية» لإفشال مخطط التهجير ونقدر الموقف التاريخى للرئيس عبدالفتاح السيسى، مشيراً إلى أن أحداث 7 أكتوبر أضرت بالقضية الفلسطينية والأفعال تقاس بنتائجها وليس بالأمانى والأحلام.
وأضاف «الهباش» فى حوار لـ«الوطن» أن إسرائيل تعمل وفق خطة سياسية وعسكرية لتقطيع أوصال غزة لفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض وتقسيم القطاع إلى 5 مناطق لتصفية القضية، لكن أولويات السلطة الفلسطينية حالياً هى وقف العدوان وتوفير مقومات البقاء وإفشال مخطط التهجير وتطبيق قرارات الشرعية الدولية القائمة على إنهاء الاحتلال وإعلان قيام الدولة، مؤكداً أن التاريخ لن يعود للوراء، ونكبة 1948 لن تتكرر مرة أخرى مهما كان الثمن، ولن نقبل أى صفقة أو مؤامرة تقود إلى تصفية القضية الفلسطينية مهما كانت الفاتورة، وكلام «ترامب» عن التهجير غير مقبول ويخالف القانون الدولى، وجماعة الإخوان تلعب دوراً فى استمرار الانقسام الفلسطينى حتى تظل غزة خارج فضاء السلطة الشرعية.. وإلى نص الحوار:
■ بعد أكثر من عام ونصف من العدوان الإسرائيلى على غزة.. كيف تصف لنا المشهد داخل القطاع؟
- المشهد أسوأ كثيراً من أى وقت مضى، وإسرائيل تعمل وفق خطة سياسية وعسكرية أساسها تقطيع أوصال قطاع غزة، لفرض أمر واقع على الأرض داخل غزة، حتى يصبح القطاع غير قابل للعيش تماماً، والمخطط الإسرائيلى هو إما التدمير وإما التهجير وهذا أمر أصبح واضحاً لكن فى مقابل ذلك هناك رفض فلسطينى ورفض عربى ودولى لمخطط التهجير والاستمرار فى الحرب والعدوان.
■ ما أولويات السلطة الفلسطينية فى الوقت الراهن؟
- لدينا أولويات محددة كفلسطينيين وكعرب، فى المقام الأول وقف العدوان وحماية الشعب الفلسطينى، لأن استمرار الحرب يعنى أننا كل يوم نخسر على أقل تقدير من 50 إلى 60 شهيداً، بجانب تدمير البنى التحتية تماماً، فمنذ بدء العدوان على قطاع غزة، هناك أكثر من 50 ألف شهيد، ومنذ استئناف العدوان عقب وقف إطلاق النار إلى الآن هناك أكثر من 1000 شهيد، هذا غير الدمار والتهجير والمخطط الإسرائيلى الجديد الذى يستهدف تقسيم قطاع غزة إلى خمس مناطق.
■ ما تفاصيل هذا المخطط، ولماذا يريدون تقسيم غزة إلى 5 مناطق؟
- المخطط الإسرائيلى يقوم على تقسيم غزة إلى 5 مناطق تفصلها محاور تسيطر عليها إسرائيل والهدف من كل هذا هو تهجير سكان قطاع غزة أو أكبر عدد ممكن منهم وفصل الحل فى قطاع غزة عن الحل فى الضفة الغربية، بهدف تصفية القضية الفلسطينية فى إطارها السياسى كقضية شعب بالكامل يسعى للحرية وبناء دولته المستقلة.
■ إلى جانب وقف العدوان، ما الأولويات الأخرى لديكم؟
- نحن كقيادة فلسطينية لدينا أربع أولويات نتحرك على أساسها، الأولوية الأولى وقف العدوان وقفاً شاملاً وكاملاً بما يضمن حماية المواطنين الفلسطينيين وحقن الدم الفلسطينى، والثانية توفير كل مقومات البقاء والصمود لأهلنا فى قطاع غزة، لأن أهالى غزة يتضورون جوعاً ولا يوجد أدنى مقومات الحياة، سواء الماء أو الدواء أو الكهرباء أو الوقود والمأوى وكل هذا يجب أن يتوفر حتى فى حده الأدنى لذلك نحن أولويتنا الثانية مع وقف العدوان توفير مقومات البقاء والصمود لشعبنا، أما الأولوية الثالثة فهى منع أو إفشال مخطط التهجير والتصفية.
■ هناك محاولات واضحة لتصفية القضية الفلسطينية فهل لديكم مخاوف من هذا المخطط؟
- لدينا مخاوف بلا شك، ونعمل على مواجهة هذا المخطط، لكن القضية الفلسطينية لن تموت أبداً لأنها قضية شعب يتمسك بحريته واستقلاله، ويمكن القول إن هذه هى الأولوية الرابعة لنا كسلطة فلسطينية وكعرب، إضافة إلى الأولويات السابقة، وهى العمل معاً بكل قوة لمنع تصفية القضية، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية القائمة على إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطينى، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
■ مصر أعلنت مراراً رفضها مخطط التهجير وتصفية القضية، كيف تنظرون إلى هذا الموقف منذ بدء العدوان؟
- نقدر بشكل كبير الموقف المصرى الصارم الحاسم الرافض للتهجير، ونقدر الموقف التاريخى للرئيس السيسى، لأنه قال كلاماً واضحاً ومباشراً، والموقف المصرى يعتبر حجر زاوية فى حماية القضية الفلسطينية وتقوية الموقف الفلسطينى ومنع مخطط التصفية، والرئيس السيسى قال فى أكثر من مناسبة إن مصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية ولن تكون متفرجة أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسرى.
وهذا فى الواقع بدون مجاملة موقف تاريخى ومصر كانت على الدوام داعمة مهمة جداً وأساسية للقضية الفلسطينية، والموقف المصرى هو حجر الأساس وعمود الخيمة للموقف العربى وللموقف الدولى وأتذكر هنا أنه عندما بدأ الحديث عن التهجير كثير من الدول الكبرى فى العالم بما فيها روسيا قالت فى بيانها الرافض لمخطط التهجير إنها تستمد هذا الموقف من حالة الرفض العربى، وبالذات الرفض المصرى والرفض الأردنى باعتبار أن مصر والأردن هما الدولتان المرشحتان حسب المخططات المفترضة والمرفوضة شكلاً وموضوعاً لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين أو المهجرين الفلسطينيين، والموقف المصرى والموقف الأردنى شكلا أساساً للموقف الدولى الرافض للتهجير، وأعتقد أن هذا الموقف بالإضافة إلى الموقف الفلسطينى سيكونان الأساس لإفشال هذا المخطط.
■ كيف تابعت حديث الرئيس الأمريكى ترامب بأن التهجير سيوفر حياة أفضل للفلسطينيين مع الحفاظ على حياتهم؟
- هذا كلام لا يجوز، وغير مقبول سواء من حيث المنطق العقلانى أو القانون الدولى أو المبادئ الإنسانية المتعارف عليها، كيف نخرج شعباً من أرضه لنحافظ على حياته ونحن من اللحظة الأولى قلنا إن أى اقتراحات لإخراج سكان قطاع غزة يجب أن تكون باتجاه الأرض الفلسطينية نفسها، وليس خارج فلسطين، باعتبار أن أكثر من 70% من سكان قطاع غزة هم أصلاً لاجئون فلسطينيون ينحدرون من عائلات تم تهجيرها عام 48، وهو عام النكبة، وإذا كان مطلوباً إخراجهم من قطاع غزة لأن القطاع أصبح غير قابل للحياة، فليكن إخراجهم باتجاه أراضيهم التى خرجت منها عائلاتهم عام 1948 أما غير ذلك فمستحيل والتاريخ لن يعود للوراء، ونكبة 1948 لن تتكرر مهما كان الثمن، صحيح أننا ندفع ثمن ذلك من دماء أبنائنا وأطفالنا وتدمير مقومات حياتنا، ولكن نحن أصحاب حق وطنى، وأصحاب قضية وطنية، ولن نقبل بأن تمرر أى صفقة أو مؤامرة تقود إلى تصفية القضية الفلسطينية مهما كانت الفاتورة.
■ كيف تنظر إلى أحداث السابع من أكتوبر بعد مرور أكثر من عام ونصف؟
- من المعلوم أن الأمور تقاس بنتائجها وبمآلاتها، فقد يكون العمل فى حد ذاته مشروعاً ومقبولاً، أى عمل أنا لا أقصد شيئاً محدداً، أتكلم فى الإطار العام، ولكن نتائجه غير جيدة وضارة فيصبح العمل مرفوضاً حتى من الناحية الدينية ومن الناحية الشرعية هناك ما يسمى فى الفقه الإسلامى بفقه المآلات، مآلات العمل، العمل قد يكون فى حد ذاته مشروعاً ولكن مآلاته ونتائجه سيئة يصبح العمل غير مشروع، حتى فى العبادات، فمثلاً صيام رمضان واجب على كل مسلم، لكن إذا كان الصيام سيؤدى إلى الإضرار بصحة الصائم ويشكل خطراً على حياته يصبح الصيام حراماً فى هذه الحالة وهذا أمر معروف فى الشريعة الإسلامية.
■ وما تقييمك لأحداث السابع من أكتوبر الآن؟
- أى عمل سواء سياسى أو اقتصادى أو غير ذلك نقيّمه فى ضوء نتائجه ومآلاته والآن واضح مآلات أحداث السابع من أكتوبر هذه المآلات التى نشهدها ونعيشها اليوم؛ فقد تم تدمير أكثر من 90% من قطاع غزة، وسقوط أكثر من 60 ألف شهيد، و150 ألف جريح. إلى جانب مؤامرات التصفية ومخططات التهجير القسرى، والذرائع التى استخدمتها إسرائيل لتنفيذ مشروعها السياسى الاستيطانى التوسعى، كل هذا يجب أن يوضع فى الحسبان.
■ هل ترى أن أحداث السابع من أكتوبر أضرت بالقضية الفلسطينية فى رأيكم؟
- نعم بالتأكيد، ومع ذلك نؤكد أن مقاومة الاحتلال عمل مشروع، ولكن يجب الأخذ فى الحسابات الفعل ورد الفعل، والقدرة على حماية شعبك، وعدم إعطاء الذرائع حتى يتم تدمير أرضك وتصفية قضيتك بالكامل ويجب أن تكون كل خطواتك محسوبة ومخططاً لها بشكل عملى.
■ تلعب مصر دوراً مهماً فى المصالحة بين الفصائل الفلسطينية لتوحيد الصف ودعم القضية فى وقت لا يقبل فيه الانقسام.. ما مستقبل المصالحة؟
- مصر تلعب دوراً مهماً جداً فى رأب الصدع الفلسطينى وفى توحيد الموقف الفلسطينى، ليس فى هذه المرحلة فقط ولكن منذ بدء الانقسام والانقلاب عام 2007 عندما انقلبت حماس على السلطة الوطنية الفلسطينية والجامعة العربية أوكلت مهمة جمع الشمل الفلسطينى إلى مصر ومصر فى الواقع تبذل جهوداً كبيرة يشهد عليها الجميع، وبذلت جهوداً كبيرة فى ذلك ولا تزال تبذل هذه الجهود وهناك تحركات مصرية ليس بالضرورة أن تكون تحركات تحت أضواء الإعلام، ولكن التحركات لا تزال موجودة وقائمة والجهود المصرية لا تزال تبذل من أجل الوصول إلى هذا الهدف وهو توحيد الموقف الفلسطينى وإنهاء الانقسام رغم كل الصعوبات التى تعترض هذا الطريق.
■ ما الصعوبات التى تعترض طرق توحيد الصف الفلسطينى فى هذا الوقت الحساس؟
- مع الأسف الشديد توجد أطراف أخرى لا هى مصرية ولا هى فلسطينية تلعب دوراً سلبياً فى هذا الموضوع، وبالأخص جماعة الإخوان التى تنتمى إليها حركة حماس، والتى لا تريد أن ترى نهاية الانقسام الفلسطينى، وتراهن على بقاء قطاع غزة خارج فضاء منظمة التحرير والشرعية الوطنية الفلسطينية، ويجب أن يعلم الجميع أن مستقبل قطاع غزة هو مستقبل الضفة الغربية هو مستقبل القدس، وهو مستقبل القضية الفلسطينية.