مستشار «السياسات الأوكراني»: وقف الدعم الأمريكي نهائيا «غير وارد»

مستشار «السياسات الأوكراني»: وقف الدعم الأمريكي نهائيا «غير وارد»
أكد إيفان يواس، مستشار بمركز السياسات الخارجية الأوكرانى، أن أوكرانيا ليست مستعدة للاعتراف بخسارة أراضيها أمام القوات الروسية، لذا تتمسك بمواصلة العمليات العسكرية، كما أن روسيا، من جانبها، وضعت اقتصادها على «سكة الحرب»، ما يعنى أنها لا تستطيع هى الأخرى وقف القتال.. وإلى نص الحوار.
الأوكرانيون ينظرون إلى اتفاق السلام على أنه «قرار بالاستسلام».. واليابان والاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة سيلعبون الدور الرئيسى فى دعم «كييف»
■ كيف ترى تأثير المناظرة الأخيرة فى البيت الأبيض بين ترامب وزيلينسكى على مستقبل أزمة روسيا وأوكرانيا؟
- اللقاء المثير للجدل بين ترامب وزيلينسكى كان بلا شك أحد أبرز الأحداث فى بداية هذا العام، لكن لديّ شعور بأن الأمور قد لا تكون كما تبدو، لذلك، لديّ عدد من السيناريوهات، الأول هو أن كل ما نراه حقيقى فعلاً، أما السيناريو الثانى فهو أن كل هذا مجرد لعبة، تهدف إلى خلق انطباع فى روسيا بإمكانية التقارب مع الولايات المتحدة، أما بالنسبة للتأثير، فسيكون من الصعب جداً على أوكرانيا الاستمرار بدون الدعم العسكرى الأمريكى، سواء فيما يتعلق بتزويدها بالأسلحة، أو بتقديم المعلومات الاستخباراتية، ورغم أن ترامب وضع بالفعل شرطاً لأوكرانيا، يتمثل فى الدخول فى اتفاقية سلام مع روسيا، لكن الشعب الأوكرانى يرى اتفاق السلام بمثابة «استسلام»، لأنه يعنى خسارة أوكرانيا للأراضى التى يسيطر علها الجيش الروسى، وكذلك بمثابة عفو وغفران لروسيا عن جرائمها العديدة، التى تبلغ أكثر من 150 ألف جريمة، وفقاً لمكتب المدعى العام الأوكرانى، بالإضافة إلى الأضرار المادية، التى تبلغ 1.164 تريليون دولار أمريكى حتى سبتمبر 2024، لذلك، رغم الضغوط التى تُمارس على أوكرانيا للقبول بهذه المفاوضات، لا أعتقد أنها ستقبل، مما يعنى أن العمليات العسكرية ستستمر على الأقل حتى نهاية عام 2025.
«موسكو» وضعت اقتصادها على «سكة الحرب» وعلى «كييف» بناء علاقاتها مع الدول الملتزمة بدعمها
■ ما توقعاتك للخطوات القادمة من الأطراف المعنية، بما فى ذلك أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والحلفاء الغربيون؟
- أوكرانيا ليست مستعدة للاعتراف بخسارة أراضيها، لذا فهى مستعدة لمواصلة العمليات العسكرية، كما أن روسيا، من جانبها، وضعت اقتصادها على «سكة الحرب»، مما يعنى أنها لا تستطيع وقف القتال، حيث يعتمد اقتصادها بشكل كبير على الحرب، كما أن الجيش الروسى يحصل على مبالغ كبيرة للمشاركة فى القتال، وبالتالى فإن إيقاف الحرب سيؤدى إلى عودة هؤلاء الجنود إلى الوطن برواتب أقل بـ10 إلى 15 مرة مما يحصلون عليه حالياً، وهو وضع خطير قد يؤدى إلى ثورة فى روسيا، ، أما الولايات المتحدة، فهى تحاول الابتعاد قدر الإمكان عن حرب روسيا ضد أوكرانيا، وبما أنها لا ترى نهاية سريعة لهذا الصراع، فمن المحتمل أن تقلل دعمها العسكرى لأوكرانيا، لكنها لن توقفه تماماً، خصوصاً أن الحلفاء الغربيين لن يتمكنوا من تعويض الدعم الأمريكى بالكامل.
الأوكرانيون ينظرون إلى اتفاق السلام على أنه «قرار بالاستسلام».. واليابان والاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة سيلعبون الدور الرئيسى فى دعم «كييف»
■ ماذا عن الدعم الاقتصادى لأوكرانيا؟
- على الجانب الاقتصادى، ستلعب اليابان والاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة الدور الرئيسى فى دعم أوكرانيا، إذ إن لكل من هذه الدول مصالحها الخاصة، فالاتحاد الأوروبى يريد منع روسيا من مهاجمة دول البلطيق بعد أوكرانيا، والمملكة المتحدة تسعى إلى تعزيز دورها فى السياسة العالمية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبى، واليابان تأمل فى استعادة الأراضى الشمالية، ممثلة فى «جزر الكوريل»، فى حال هزيمة روسيا، وكذلك فإن كوريا الجنوبية تعتبر روسيا تهديداً بسبب دعمها المحتمل لكوريا الشمالية، وأيضاً تركيا لديها مصالح تاريخية ضد روسيا، وتسعى إلى تعزيز نفوذها على المناطق التى تسكنها شعوب تركية داخل روسيا، كل هذه العوامل ستساعد أوكرانيا فى الحصول على الدعم اللازم من هذه الدول.
■ كيف يمكن تقييم ردود الفعل الأوروبية الداعمة لـ«زيلينسكى» بعد هذه المناظرة؟
- بعد الحادثة فى المكتب البيضاوى، نشر العديد من القادة الأوروبيين منشورات على وسائل التواصل الاجتماعى لدعم زيلينسكى، كما أن الرئيس الأوكرانى سافر إلى لندن، بعد زيارته لواشنطن، حيث تلقى دعماً إضافياً من العديد من القادة الأوروبيين، ومع ذلك، فى خطابهم اللاحق، نصح القادة الأوروبيون زيلينسكى بإيجاد السبل لاستئناف الحوار مع ترامب، مما يعكس عدم رغبتهم فى الدخول فى صدام مع الولايات المتحدة.
■ إلى أى مدى يمكن أن يؤثر هذا الحدث على وحدة الموقف الغربى بشأن أزمة أوكرانيا؟
- من المرجح جداً أنه بعد النهاية المثيرة للجدل للاجتماع بين ترامب وزيلينسكى، لن يكون للغرب موقف موحد تجاه الأزمة الأوكرانية، وسيزداد هذا الانقسام بفعل الحروب التجارية التى سيشنها ترامب ضد الشركاء الغربيين.
■ كيف يمكن أن تؤثر هذه التطورات على استراتيجيات الدعم العسكرى والاقتصادى لأوكرانيا؟
- قد تقيد الولايات المتحدة دعمها العسكرى لأوكرانيا، وقد توقف الدعم المالى تماماً، لكن كل هذا يعتمد على مدى قدرة زيلينسكى على تطبيع العلاقات مع ترامب. ومع ذلك، فإن موقف الولايات المتحدة لن يؤثر على الدول الأخرى التى ستواصل دعم أوكرانيا.
■ ما تأثير الانقسامات الداخلية داخل الإدارة الأمريكية على استمرارية الدعم الأمريكى لأوكرانيا؟
- قد تحدث بعض التوقفات المؤقتة فى الدعم، لكن من غير المرجح أن يكون هناك توقف كامل، فقد صرح ترامب فى 4 مارس، بأن هناك انقساماً واضحاً داخل الإدارة الأمريكية بين مؤيدين ومعارضين لاستمرار المساعدات لأوكرانيا.
■ كيف يمكن أن تعدّل أوكرانيا استراتيجيتها فى السياسة الخارجية استجابة لهذه التغيرات السريعة؟
- يجب على أوكرانيا بناء علاقاتها مع الدول التى التزمت بدعمها على المدى الطويل، كما ينبغى عليها الاستمرار فى توضيح مصالح هذه الدول فى دعمها، سواء اقتصادياً أو عسكرياً، وبالتوازى يجب على أوكرانيا العمل على استئناف الحوار مع الولايات المتحدة بشأن زيادة حجم المساعدات العسكرية، علاوة على ذلك ينبغى عليها التأكيد على استعدادها لقبول أفراد عسكريين من دول أخرى لتعزيز قدراتها القتالية.
روسيا وتوسيع النفوذ فى «كورسك»
روسيا ليست مستعدة للتراجع، وهى تطالب أوكرانيا بالتخلى عن منطقتى «خيرسون وزاباروجيا»، اللتين لا تسيطر عليهما بالكامل حتى الآن، بما فى ذلك عاصمتا المنطقتين، وستواصل روسيا شن هجمات بالطائرات المسيرة على المدن الأوكرانية، إلى جانب تقدمها البطىء على الأرض فى الوقت نفسه، وستسعى إلى توسيع نفوذها نحو منطقة «كورسك» الأوكرانية.