وزير الثقافة الأسبق: الكتب تُباع بـ10 أضعاف تكلفتها.. والأزمة ليست في الدولار

وزير الثقافة الأسبق: الكتب تُباع بـ10 أضعاف تكلفتها.. والأزمة ليست في الدولار
انتقد الدكتور عبدالواحد النبوى، وزير الثقافة الأسبق، ارتفاع أسعار الكتب المبالغ فيه، محمّلاً أسباب الأزمة الحالية للناشرين، وليس تداعيات سعر صرف الدولار، منوهاً بأن تكلفة النسخة الواحدة لأى كتاب لا تتجاوز 50 جنيهاً، ويتم بيعها بـ10 أضعاف سعر الطباعة. وأكد «النبوى»، خلال حواره مع «الوطن»، أن صناعة النشر فى العالم حقّقت مكاسب تناهز 151 مليار دولار خلال عام 2021، إلا أن عوائد العالم العربى -ومصر منها- لا تُذكر، على حد وصفه، داعياً إلى تدشين شركة قابضة للنشر مهمتها توطين صناعة الطباعة والنشر للكتب. وإلى نص الحوار:
■ كيف يمكن توطين صناعة النشر والطباعة ومواجهة تحدياتها؟
- صناعة النشر فى العالم خلال عام 2021، حقّقت ما يقرب من 151 مليار دولار أرباحاً، والولايات المتحدة كان نصيبها وحدها ما يقرب من 27 مليار دولار، وألمانيا أكثر من 11 مليار دولار واليابان مثلها وكوريا الجنوبية ما يقرب من 6 مليارات دولار، ومثلها المملكة المتحدة، ومن المتوقع أن تصل عوائد النشر عام 2030 إلى نحو 190 مليار دولار، وتنمو الكتب الإلكترونية بنسبة 27%، وفى عالم النشر الرقمى يكفى أن نعرف أن حجم تلك الصناعة فى الصين بلغ 1.618 تريليون يوان، أى بما يعادل 228.89 مليار دولار أمريكى فى عام 2023، وبزيادة 19.08% على أساس سنوى، وتُمثل مبيعات الكتب عن طريق الإنترنت فى الولايات المتحدة 71% من حجم المبيعات، فالأرقام كثيرة ومغرية ومحفّزة للكثيرين ومُحبطة لآخرين، ولعل ما يُحبط أن العالم أنتج عام 2022 ما يزيد على 788 مليون كتاب مطبوع، لم يصل نصيب العرب منها 80 ألف كتاب.
عندما نبحث عن موقع عالمنا العربى أو مصر فى تلك العوائد لا نجد شيئاً يُذكر، رغم أن العرب عرفوا الطباعة بالحروف العربية منذ القرن الخامس عشر الميلادى، وأقيم أول معرض تجارى للكتاب فى بيروت عام 1956، ثم توالت فى باقى العواصم العربية وعالمنا العربى يمتلك قوة بشرية كبيرة قاربت 500 مليون نسمة فى عام 2024 ويتحدّثون بلغة واحدة وفى أرض متصلة وأكثر سكاناً من الولايات المتحدة البالغ تعداد سكانها 335 مليوناً، وألمانيا 84 مليوناً، وكوريا الجنوبية 51 مليوناً، واليابان 123 مليوناً، ورغم هذا فإن صناعة النشر فى عالمنا العربى لم تحقّق عوائد أو تقترب مما حققته تلك الدول.
مصر لديها 1600 شركة تعمل فى مجال النشر.. وبعد 20 عاماً سيحصل الكتاب الإلكترونى على 50% من حصة الكتاب الورقى فى العالم العربى فى الوجود والمبيعات
■ هل يمكن تحديد أسباب تدهور صناعة النشر والطباعة فى المنطقة العربية؟
- صناعة النشر والطباعة هى مرادف لاقتصاد المعرفة، وهى من الاقتصادات الوطنية التى يمكن من خلالها تحقيق مكاسب اقتصادية وثقافية فى آن واحد، فالكتب تقدم أفكاراً لإنشاء مشروعات جديدة يمكن أن تكون من روافد الاقتصاد، والأفكار التى تأتى من خلال الكتب المطروحة تتحول إلى واقع عملى، فتؤسس بنية اقتصادية جديدة، وفى مصر لدينا 1600 شركة تعمل فى مجال النشر، ترتبط بمجموعة من المطابع الكبيرة التى تعمل بهذا المجال، بالإضافة إلى عدد كبير من العمالة ورؤوس أموال تقدر بالمليارات، وبالتالى يجب أن تكون هناك حركة لهذه الأموال فى الاقتصاد، لتعود عوائدها على المواطن من خلال عملية التشغيل، ويجب مواجهة التحديات الخاصة بالأوراق والأحبار والماكينات والعمال بمختلف التخصّصات من مهندسين وعمال وغيرهم.
■ هل يكون الكتاب الإلكترونى بديلاً للورقى؟
- الكتاب الإلكترونى يحصل كل عام على حصة من الكتاب الورقى، وبعد 20 عاماً سيحصل الكتاب الإلكترونى على 50% من الكتاب الورقى فى العالم العربى فى الوجود والمبيعات، ويجب على الناشرين أن تكون لديهم نظرة مستقبلية، وأن تكون لديهم وحدة بحوث للتسويق.
■ وكيف يمكن التوصّل إلى إنشاء شركة قابضة للطباعة والنشر؟ وما مهمتها الرئيسية؟
- من خلال مجموعة مساهمين من دور النشر المختلفة فى العالم العربى، وتكون فى شكل أسهم، ومهمة هذه الشركة هى العمل على توطين صناعة الطباعة والنشر، ويُقصد بتوطين الصناعة هنا أن تكون لدينا مصانع لإنتاج الورق، ومصانع لإنتاج الأحبار، وأيضاً مصانع لإنتاج الرقائق التكنولوجية الحديثة التى تُستخدم فى النشر الإلكترونى، فلو نظرنا إلى عدد شركات دور النشر فى مصر التى يصل عددها إلى 1600 شركة تقريباً، فى حالة مساهمة كل شركة بمليون جنيه، ما يعنى ملياراً و600 مليون جنيه، وهذا المبلغ عبارة عن بنية رئيسية أساسية لتوطين هذه الصناعة، والاعتماد على المنتج المحلى، وبالتالى تقليل الاعتماد على المواد الخام المستوردة، وأيضاً الأحبار المستخدمة فى الطباعة، فهى تركيبة بسيطة لا تحتاج أكثر من جمع الخبرات والمتخصّصين فى أحبار الطباعة.
التحديات الاقتصادية وأسعار الكتب
أسعار الكتب أصبحت مبالغاً بها، وهذا الأمر ليست له علاقة بارتفاع سعر الدولار، فإذا نظرنا إلى التكلفة الفعلية لطباعة الكتاب -أتحدث عن كتاب فى حدود 320 صفحة- تكون من 45 إلى 50 جنيهاً سعر النسخة، وهنا المطبعة تكون قد حقّقت مكاسب، وهذا الكتاب يصل إلى المستهلك القارئ بنحو 500 جنيه، مما يعنى 10 أضعاف سعر الطباعة، وهذا السعر مبالغ فيه للغاية.
مصر لديها 1600 شركة تعمل فى مجال النشر.. وبعد 20 عاماً سيحصل الكتاب الإلكترونى على 50% من حصة الكتاب الورقى فى العالم العربى فى الوجود والمبيعات