تحديات بالجملة تواجه الصناعة.. زيادة الأسعار وتكاليف الأحبار وتزوير الكتب

تحديات بالجملة تواجه الصناعة.. زيادة الأسعار وتكاليف الأحبار وتزوير الكتب
تواجه صناعة الطباعة والنشر عدة تحديات على المستوى الدولي، من بينها الصعوبات المادية ومنافسة التكنولوجيا لـ«الكتاب الورقي»، حيث توقفت ماكينات الطباعة في دور نشر عربية عديدة عن العمل، كما أغلقت مكتبات كبيرة وصغيرة أبوابها، الأمر الذي يسبب متاعب لصناعة ثقافية عريقة تعد حجر الأساس في تداول الفكر والأدب.
في مصر، يواجه الناشرون مجموعة من التحديات التي فرضتها التوترات الجيوسياسية والحروب في المنطقة، فلم ينج الكتاب من ظاهرة ارتفاع الأسعار، وتأثرت صناعة النشر بالمتغيرات الاقتصادية من ارتفاع في معدلات التضخم وزيادة في أسعار السلع، فضلًا عن سعر الدولار الذي شهد ارتفاعًا ملحوظًا، فيما تعمل الدولة على دعم الاستثمار في صناعة الطباعة والنشر وتذليل العقبات أمام هذه الصناعة.
عدم كفاية الإنتاج المحلي من الورق أثر على طباعة الكتاب
المهندس رزق عبدالسميع، رئيس مجلس إدارة دار المعارف والشركة القومية للتوزيع، قال، لـ«الوطن»، إنّ صناعة الكتب والنشر تواجه صعوبات وتحديات كبيرة، ويأتي الورق على رأس هذه التحديات، إذ يمثل نحو 60% من قيمة الكتاب، والمصانع المصرية تغطى 25% فقط من صناعة الورق، ويتم استيراد 75% من الاحتياجات المحلية.
مضيفاً: «الفترة الماضية شهدت عددًا من المشكلات التي تواجه صناعة النشر، من بينها أن الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الدولة تطلب تحرير سعر الصرف أكثر من مرة، ما أدى إلى زيادة كبيرة في سعر الورق، وهناك مكملات أخرى تدخل في صناعة الكتاب من الأحبار والمعدات والآلات، كل هذه أعباء محملة على صناعة الكتاب، وهو ما أدى إلى زيادة أسعار الكتب بنسب كبيرة».
وأضاف: «هناك دور واضح للدولة في دعم صناعة الكتاب والنشر، متمثل في الهيئة العامة للكتاب، وهيئة قصور الثقافة، والمجلس القومى للترجمة، ولكن هذه المؤسسات غير كافية لدعم الصناعة، فلا بد أن يكون هناك دعم للخامات التي تدخل في صناعة الكتاب لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وهذا الدعم يتمثل في تطوير مصانع الورق المصرية وزيادة إنتاجها لتخفيف الضغط على الدولار».
بدورها، قالت ليان رستم، مدير دار «ديوان»، للنشر: «رغم زيادة الأسعار وارتفاع تكلفة طباعة الكتب، فإن دور النشر كانت حريصة على توفير الكتاب للقارئ بأسعار مخفضة من خلال الخصومات بنسب كبيرة، ليكون السعر مناسبًا للجمهور، ولدينا خصومات 20% على جميع الكتب المعروضة في ديوان».
وأشارت إلى أن تفشي ظاهرة التزوير والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، هي أكبر تحدٍّ يواجه صناعة الكتب ودور النشر، فلا بد أن يكون هناك تدخل من المسئولين للتصدي لهذه الظاهرة، وخلق حلول لهذه المشكلة وتوفير حلول بديلة لمن يقوم بتزوير الكتب كمصدر دخل، الأمر الذي يحفظ حقوق الملكية.
«مجمع اللغة العربية» يعرض الكتب بأسعار أرخص
فيما قال د. مصطفي الشيمى، الباحث بمجمع اللغة العربية: «هناك اختلاف في أسعار الكتب، ما بين دور النشر الخاصة والمؤسسات الحكومية للطباعة والنشر، فعلى سبيل المثال الهيئة المصرية العامة للكتاب، ودار الكتب، ومجمع اللغة العربية، والمركز القومى للترجمة، تعرض إصداراتها بأرخص الأسعار نتيجة دعم الحكومة للكتاب، مقارنة بغيرها من الكتب المعروضة بدور النشر الخاصة»، وأشار إلى أن التكلفة تختلف من كتاب لآخر وتظل أسعار الكتب مرتفعة.
مضيفًا: «دائمًا ما تسعى الدولة إلى نشر العلم ووضعه بين يدى الطلاب والعلماء؛ لزيادة النهضة العلمية، لذلك نجد أن المؤسسات الحكومية تسعى سعيًا حثيثًا إلى وصول الكتاب والمعرفة إلى كل مواطن مصري، بل إلى كل مواطن عربي، بشكل مدعوم، وأسعار زهيدة، ومن بين هذه المؤسسات مجمع اللغة العربية، الذي يعد من أوائل القوى الناعمة في مجال اللغة العربية في مصر، ويقود الحركة اللغوية على مستوى الوطن العربي وعلى مستوى المجامع اللغوية».
وأوضح «الشيمي» أن هناك الكثير من المطبوعات التي يقدمها المجمع في صورة مبسطة وبأجر رمزي إلى كل قارئ بما يسهم في نهضة المعرفة، من بينها مجلة مجمع اللغة العربية، والمعجم الكبير، والمعجم الوسيط، الذي تتم طباعته في أكثر من 100 دولة، بخلاف المعجم الوجيز، مضيفًا: «توطين صناعة الكتب في مصر يحتاج إلى دعم مالي، إذا تم توفير الدعم المالي، سيكون هناك تطوير للصناعة، دور الدولة مهم جدًا في دعم الكتاب، والهدف من ذلك إيصال الكتاب بأقل سعر إلى القارئ والمواطن المصري، ونحتاج إلى الدعم والرقابة من الحكومة».
وقال مصطفي عميرة، رئيس الشركة المصرية لاستيراد الكتب الأكاديمية الأجنبية: «الجيد فيما يخص صناعة الكتب أن الكتاب لا يخضع لضريبة مبيعات؛ من أجل دعم الكتاب، وهو أمر حسن تحرص عليه الدولة، ويسهم في انتشار الكتب، لكن هناك ظاهرة خطيرة يجب أن تتم السيطرة عليها وهى ظاهرة تزوير الكتب، وهذا تحدٍّ كبير يواجهه معظم الناشرين، فعندما نقوم باستيراد الكتب الأجنبية التي يتم توريدها للجامعات المصرية الأهلية والحكومية والخاصة، ومن المتعارف عليه أن هذه النوعية من الكتب تباع بأسعار مرتفعة، نجد أن هناك من يقوم بتزوير هذه الكتب ويباع بسعر أقل بكثير من سعره الحقيقي، وبالتالي نتعرض إلى خسارة كمستوردين وناشرين».
الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية
وكشف «عميرة» أن ارتفاع أسعار الورق والشحن أثر على أسعار تكلفة الطباعة واستيراد الكتب، وبالتالي أصبح تداول الكتاب ضعيفًا، فيجب أن يكون هناك دعم من الدولة لحركة انتشار وتداول الكتاب، ولا تتعامل مع الناشر كتاجر، وتدعم تكلفة المتر في معرض الكتاب من خلال تأجيره بسعر مخفض.
بدوره، أكد محسن مكرم، رئيس دار نشر «الإخوة»، أن هناك زيادة ملحوظة في أسعار الطباعة؛ نتيجة تضاعف أسعار الخامات التي تدخل في صناعة الكتب، من الأحبار والورق وغيرهما، مضيفًا: «لدينا كتب قديمة تم طبعها منذ سنوات، هذه الكتب معروضة الآن بنفس الأسعار التي كانت عليها في وقت طباعتها ولم نفكر في زيادة أسعارها، فتجد أن لدينا أسعار كتب تبدأ من جنيه واحد و10 جنيهات وهناك كتاب يباع بـ20 جنيهًا، بينما في حالة الكتب الجديدة التي لم يمر على طباعتها عام، فتكون أسعارها مرتفعة نتيجة للزيادة التي طرأت على أسعار الخامات من ورق وأحبار».
وأوضح «مكرم» أن سعر طن الورق في عام 2021 بلغ نحو 5000 جنيه، والآن يتجاوز سعره 50 ألف جنيه: «كان هناك إقبال كبير على معرض الكتاب هذا العام، ومن الملاحظ زيادة الإقبال على المعرض كل عام عن العام الذي سبقه، وهناك الكثير من رواد المعرض ممن يحملون حقائب سفر ممتلئة بالكتب قاموا بشرائها، وهذا دليل على نشاط في حركة البيع والشراء بالمعرض، ودليل أيضًا على أن القراءة لم تندثر وأن الكتاب الورقي لن يندثر رغم ظهور الكتاب الإلكتروني».