زرعة في دماغ امرأة تحول أفكارها إلى كلام مسموع بشكل فوري

ويطور العلماء جهازًا ثوريًا، ما زال في مراحله التجريبية، قادرًا على تحويل أفكار الأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام إلى كلمات مسموعة، إذ يعتمد هذا الجهاز على غرسة تربط مناطق معينة في الدماغ بأجهزة الكمبيوتر، مما يتيح للأشخاص استعادة قدرتهم على التواصل، وفقًا لمجلة «science alert» العلمية.

وسبق لفريق بحثي من كاليفورنيا أن استخدم نظامًا مشابهًا لتحويل أفكار امرأة مصابة بشلل رباعي إلى كلام، ومع ذلك، كان النظام يعاني من تأخير ملحوظ، إذ يستغرق حوالي 8 ثوانٍ لتحويل الأفكار إلى كلمات مسموعة، وهذا التأخير كان يشكل عائقًا كبيرًا أمام التواصل السلس، خاصة بالنسبة للمريضة، وهي معلمة رياضيات سابقة فقدت القدرة على الكلام بسبب نوبة قلبية قبل 18 عامًا.

لكن النظام الجديد الذي طوره فريق البحث، والذي تم الإعلان عنه في مجلة «نيتشر نوروساينس»، يقلل هذا التأخير بشكل كبير، إذ يصل إلى 80 مللي ثانية فقط، ويؤكد الباحث الرئيسي في الدراسة، غوبالا أنومانشيبالي، أن النظام الجديد قادر على تحويل إشارات الدماغ إلى صوت في الوقت الفعلي، مما يسمح للأشخاص بالتعبير عن أفكارهم بشكل فوري وطبيعي.

ويطمح الباحثون من خلال هذا الجهاز إلى تحقيق أهداف أبعد من مجرد استعادة القدرة على الكلام، إذ تأمل المريضة «آن» في أن تستخدم هذه التقنية لتحقيق حلمها بأن تصبح مستشارة إرشاد جامعي، وبينما يقر الباحثون بأنهم لم يصلوا بعد إلى تحقيق هذا الهدف، إلا أنهم يؤكدون أن هذا الإنجاز يمثل خطوة هامة نحو تحسين جودة حياة الأشخاص الذين يعانون من فقدان القدرة على الكلام.

ولتحقيق ذلك، تم عرض جمل على شاشة أمام «آن»، مثل «ومن ثم أنت تحبني»، وطلب منها أن ترددها في ذهنها، ثم قام الجهاز بتحويل هذه الأفكار إلى نسخة مطابقة لصوتها، والتي جرى إنشاؤها باستخدام تسجيلات صوتية سابقة لها، وقد عبرت «آن» عن سعادتها الكبيرة لسماع صوتها مرة أخرى.

ويوضح الباحثون أن نظام الربط بين الدماغ والكمبيوتر يعمل عن طريق اعتراض إشارات الدماغ بعد أن يقرر الشخص ما يريد قوله، ويختار الكلمات التي سيستخدمها، وكيفية تحريك عضلات المسالك الصوتية.

ويعتمد النظام الجديد على تقنية التعلم العميق للذكاء الاصطناعي، إذ جرى تدريب الجهاز على آلاف الجمل التي فكرت فيها المريضة ذهنياً، ومع ذلك، فإن النظام لا يزال في مراحله الأولى، ويعاني من بعض القيود، مثل محدودية المفردات التي يمكنه التعامل معها، والتي تقتصر حاليًا على 1024 كلمة فقط.

البحث لا يزال في مرحلة إثبات المبدأ

ويرى البروفيسور باتريك ديجينار، أستاذ الأطراف الاصطناعية العصبية في جامعة نيوكاسل البريطانية، أن هذا البحث لا يزال في مرحلة إثبات المبدأ المبكرة جدًا، ولكنه مع ذلك وصفه بأنه رائع، كما أشار إلى أن هذه التقنية تستخدم مجموعة من الأقطاب الكهربائية التي لا تخترق الدماغ، على عكس الأنظمة الأخرى مثل نظام «نيورالينك» الذي طورته شركة إيلون ماسك.

وتتميز هذه الطريقة بأنها تستخدم أقطاب كهربائية لا تخترق الدماغ، مما يجعل العملية الجراحية لزرعها أقل تعقيدًا، وهي عملية شائعة في المستشفيات المتخصصة في تشخيص الصرع، ويرى البروفيسور ديجينار أن هذا الأمر قد يسهل اعتماد هذه التقنية للمرضى الذين يعانون من اضطرابات النطق.

ويأمل غوبالا أنومانشيبالي أن يتمكن من تعميم استخدام هذه التقنية خلال 5 إلى 10 أعوام، إذا تم تخصيص التمويل اللازم للأبحاث في هذا المجال.