إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود 1967 هدف استراتيجي مصري

إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود 1967 هدف استراتيجي مصري
ظلت مصر على مدار عقود متمسكة بثوابت القضية الفلسطينية وحارساً أميناً لحقوق الشعب الفلسطينى وحقه فى إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعلى مدار عقود طويلة أحبطت القاهرة العديد من المخططات الرامية إلى تهجير الفلسطينيين وطمس هويتهم، وتهويد مقدساتهم.
وترجمة للرؤية المصرية تجاه ما يحدث من تطورات متصاعدة فى غزة والضفة الغربية، أكدت الهيئة العامة للاستعلامات إعادة تأكيد مصر على موقفها الثابت والمبدئى بالرفض القاطع والنهائى لأى محاولة لتهجير الأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة، قسراً أو طوعاً، لأى مكان خارجها، خصوصاً إلى مصر، لما يمثله هذا من تصفية للقضية الفلسطينية وخطر داهم على الأمن القومى المصرى، موضحة رفض مصر لأى مزاعم تتداولها بعض وسائل الإعلام، تتعلق بربط قبول مصر بمحاولات التهجير -المرفوضة قطعياً- بمساعدات اقتصادية يتم ضخها لها، مشددة على أن السياسة الخارجية المصرية عموماً لم تقم قط على «مقايضة» المصالح الوطنية والعربية العليا بأى مقابل، أياً كان نوعه.
وأشارت إلى أنه فيما يتعلق بتصفية القضية الفلسطينية، والتى هى جوهر الأمن القومى المصرى والعربى، فإن موقف مصر منها لأكثر من ثلاثة أرباع القرن ظل موقفاً مبدئياً راسخاً يعلى من اعتبارات هذا الأمن القومى وحقوق الشعب الفلسطينى الشقيق، وهو ما تحملت مصر من جرائه -راضية وصابرة- أعباء اقتصادية ومالية هائلة، لم تدفعها مطلقاً فى أى لحظة، نحو أى تنازل ولو طفيف فى مقتضيات أمنها القومى الخاص وأمن أمتها العربية العام، ولا فى حق واحد مشروع للشعب الفلسطينى الشقيق.
وتابعت بأن مصر لم تكتف برفضها القاطع والنهائى لمشروع التهجير المطروح منذ بدء العدوان على غزة، فى المسارات السياسية والدبلوماسية، بل أعلنته عالياً وصريحاً منذ الساعات الأولى لهذا العدوان على لسان قيادتها السياسية، ملزمة نفسها به أمام شعبها والعالم كله، ومتسقة مع أمنها القومى والمصالح العربية العليا، ومحافظة على القضية الفلسطينية، مؤكدة على مبادئ سياستها الخارجية التى تقوم على «الأخلاق» والرفض لأن يكون لاعتبارات «المقايضة» أى تأثير عليها.
وفى بيان رسمى أدانت مصر، الاثنين، إعلان إسرائيل إنشاء وكالة تستهدف تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والمصادقة على الاعتراف بـ13 مستوطنة جديدة فى الضفة الغربية، مؤكدة «انتفاء أساس ما يسمى المغادرة الطوعية والتى يدعى الجانب الإسرائيلى استهدافها من خلال تلك الوكالة».
من جانبه، قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن الموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية وعدم تصفيتها ورفض التهجير القسرى ثابت وتاريخى، موضحاً أن ما تدعيه إسرائيل بأنه تهجير طوعى هو ادعاء غير صحيح، إذ يأتى فى خضم حرب متكاملة من قصف وحصار وتجويع للشعب الفلسطينى، وبالتالى هجرتهم فى ظل هذه الأجواء لن تكون أبداً طوعية.
وأكد أن الموقف المصرى يعكس إرثاً راسخاً فى الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى، خاصة فيما يتعلق بمسألة التصفية أو التهجير، إذ ترفض مصر ذلك من حيث المبدأ وتراه تهديداً للقضية الفلسطينية برمتها، ويؤدى إلى تسخيرها لصالح الاحتلال، والاستيلاء على الأراضى الفلسطينية.
وأشار إلى أن الموقف المصرى الثابت والراسخ أثبت قوته على مختلف الأصعدة الدبلوماسية، سواء فى القمم العربية أو فى المنتديات الدولية، إذ كانت مصر دائماً فى طليعة الدعوات لرفض التهجير على مستوى العالم العربى والإسلامى، بل فى أوروبا، ما أسهم فى تحول المواقف الدولية الكبيرة الرافضة لهذا التهجير، استناداً إلى الدور المحورى الذى لعبته مصر فى هذا الصدد.
وأكد «بدرالدين» لـ«الوطن» أن مصر لم تكتفِ برفض التهجير، بل قدمت مقترحات بديلة، أهمها إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، كما دعت إلى عقد مؤتمر دولى فى القاهرة لتوحيد الجهود الدولية فى تمويل عملية إعادة البناء، وهو موقف ثابت يرفض التهجير ويؤكد ضرورة وجود الفلسطينيين فى أراضيهم.
وتابع بأن مصر كانت تسعى لإيقاف إطلاق النار، والعودة إلى مراحل الهدنة، وتطبيق ما جرى الاتفاق عليه فى يناير الماضى، وهو ما يشير إلى صلابة الموقف المصرى وعدم تأثره بأى ضغوط أو تهديدات.
كما أشار إلى أن مصر اعترضت على محاولات إسرائيل فرض التهجير الطوعى فى غزة، مؤكداً أن ما يُسمى بـ«التهجير الطوعى» هو فى الحقيقة تهجير قسرى ناتج عن الضغوط الاقتصادية، والتهديدات العسكرية، وما يرتكب من هجمات ضد المدنيين، مشدداً على أن هذا يُعد جريمة من جرائم الحرب، ومصر تتمسك بموقفها الثابت فى رفض التهجير القسرى، وهو ما يعكس قوة الموقف الدولى الذى تدعمه مصر.
وبالنسبة للجهود الدولية، أوضح «بدر الدين» أن مصر لعبت دوراً حاسماً منذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة فى تغيير الموقف الدولى، قائلاً: «بفضل الموقف المصرى الثابت، أصبح المجتمع الدولى أكثر دعماً للقضية الفلسطينية. الدول العربية والإسلامية، إلى جانب دول الاتحاد الأوروبى، بدأوا يتبنون حل الدولتين، ويؤيدون قرارات الشرعية الدولية، وهو تحول مهم مقارنة بالموقف الدولى فى الماضى، إذ أسهمت مصر بشكل مباشر فى هذا التحول، وأصبح موقفها هو المحرك الرئيسى لتبنى معظم الدول فى العالم حل الدولتين، وهو ما يعكس نجاحها فى الدفع بالقضية الفلسطينية على الساحة الدولية».
من جانبه، قال الدكتور عمرو حسين، المتخصص فى العلاقات الدولية، إن بيان وزارة الخارجية الأخير بشأن رفض عمل إسرائيل وكالة من أجل قبول طلبات الفلسطينيين للهجرة خارج غزة، يؤكد أن مصر ترفض بأى حال تهجير الفلسطينيين لأى مكان، وتتمسك بحق الفلسطينيين فى العيش على أرض وطنهم، ولفت إلى أن تلك المحاولة الإسرائيلية لإنشاء تلك الوكالة محكوم عليها بالفشل هى وكل محاولات الحكومة الإسرائيلية اليمينية التى ما زالت تنتهج سياسة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى، وترتيب مزيد من المجازر اليومية وتدمر قطاع غزة حتى لا يمكن العيش فيه.
وأكد «حسين» أن مصر رغم المحاولات المستمرة من جانب إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية تواصل تقديم المبادرات الهادفة إلى وقف إطلاق النار والعمل على إيجاد حل نهائى للأزمة التى بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023، مضيفاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو يحاول استغلال هذه المحاولات للتغطية على مشاكله الداخلية، خاصة الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها إسرائيل، وهو ما بدأ المواطن الإسرائيلى يشعر به.
وأوضح أن الحرب بالنسبة لـ«نتنياهو» قد تكون فرصته الأخيرة للبقاء فى السلطة، من خلال ترويج فكرة التوسع الإسرائيلى كوسيلة لتصفية القضية الفلسطينية، ما يعكس بوضوح أن «نتنياهو» يمر بأزمة حادة، ويحاول استرضاء قوى اليمين والحصول على دعمهم، لتمرير قانون الموازنة فى الكنيست الإسرائيلى، مضيفاً أن عودة «بن غفير» إلى الحكومة الإسرائيلية تؤكد مساعى الحكومة اليمينية المتطرفة لضم غزة والضفة الغربية.
كما أشار إلى أن إسرائيل تستمر فى تنفيذ هذه الخطط، بما فى ذلك عملياتها العسكرية فى طولكرم وجنين ونور شمس.
وأكد أن موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية ظل صلباً وثابتاً، وأن خطتها لإعادة إعمار غزة تمثل طريقاً حقيقياً نحو السلام، مشيراً إلى أن هذه الخطة حظيت بتأييد الاتحاد الأوروبى والصين وروسيا، ما يثبت جديتها فى معالجة الأزمة فى غزة. وأشار إلى أن زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى القاهرة فى السابع من أبريل المقبل، قد تشهد تبنى موقف فرنسى قوى لدعم الخطة المصرية، بخاصة أن «باريس» كانت قد عبرت عن رفضها لنقل سكان غزة إلى أى مكان آخر، وأكدت حق الفلسطينيين فى دولة مستقلة على حدود عام 1967.