أحمد نعينع.. «46 عاما» على عرش دولة التلاوة

أحمد نعينع.. «46 عاما» على عرش دولة التلاوة
حباه الله منذ الصغر صوتاً فريداً ومميزاً وموهبة متفردة في تقليد الأصوات والحفظ السريع، إنه القارئ الطبيب أحمد نعينع، صاحب الحنجرة الذهبية، والملقب بـ«قارئ الملوك والرؤساء»، الذي تربع على عرش دولة التلاوة منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي وحتى الآن.
مولد ونشأة القارئ الطبيب أحمد نعينع
يقول علي نعينع، أحد أقارب القارئ الطبيب أحمد نعينع، أنّ «نعينع» ولد في مركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ عام 1954، وسُمى «أحمد» على اسم والده والذي كان يُعد أحد كبار التجار في مركز مطوبس ورئيس مجلس إدارة جمعية قباني كفر الشيخ، وبدأت رحلته مع القرآن الكريم في الكٌتّاب وعُمره لم يتجاوز الرابعة، وحفظ القرآن الكريم وعمره لم يتجاوز الثامنة، وتعلم التجويد على يد الشيخ أحمد الشوا، وبجانب حفظ القرآن الكريم تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في مطوبس، وحصل على الثانوية العامة من رشيد بمحافظة البحيرة؛ ثم التحق بعدها بكلية الطب جامعة الإسكندرية، وبعد تخرجه عمل في المستشفى الجامعي بالإسكندرية، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في طب الأطفال».
كان للشيخ أمين هلالي، أحد علماء الأزهر بمركز مطوبس في ذلك الوقت، أثر كبير في حياة القارئ الطبيب أحمد نعينع، بحسب «علي»: «الشيخ أمين كان من علماء الأزهر في مركز مطوبس وكان صوته ندي وجميل، وكان القارئ الطبيب أحمد نعينع يستمع إليه في طفولته، ولذلك تأثر به كثيراً، واتجه إلى سماع كبار القراء عبر الإذاعة مثل القارئ الشيخ محمد رفعت الذي كان يقوم بتقليده، وابن بيلا بمحافظة كفر الشيخ القارئ الشيخ أبو العينين شعيشع، فضلاً عن القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل الذي كان يعتبره أستاذه الأول وقدوته».
عقب التحاقه في كلية الطب جامعة الإسكندرية، لم ينس «نعينع» عشقه لتلاوة القرآن الكريم، حتى أنّه جمع بين دراسته «طب الأطفال» ودراسة «علوم التجويد» حتى أتقنه وأتقن القراءات السبع على يد الشيخ محمد فريد نعمان وزوجته الشيخة أم السعد أشهر محفظة قرآن في الإسكندرية في ذلك الوقت ولوقت قريب أيضاً والتي تتلمذ على يدها وزوجها الكثير من مشاهير قراء القرآن الكريم، هكذا استطرد «علي»: «كان حريصاً على الإلمام بالقرآن الكريم وعلومه، وهو ما مكنه من الالتحاق بالإذاعة المصرية عام 1979، وحبب فيه الرئيس الراحل محمد أنور السادات حتى عينه طبيباً وقارئاً خاصاً له، وكان يصطحبه معه إلى وادي الراحة في سيناء حيث اعتاد الرئيس الراحل الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، فكانت هناك استراحات خشبية وكان الرئيس السادات يجلس على حصيرة فوق الرمال بجوار جبال سيناء وكان يطلب منه أنّ يقرأ سورة طه والقصص، فضلاً عن علاقته القوية بالرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وتعدد سفرياته إلى الإسلامية والعربية والأوروبية».
علاقته بأقاربه في مسقط رأسه بمركز مطوبس
يتردد القارئ الطبيب أحمد نعينع من آخر على مسقط رأسه بمركز مطوبس لزيارة أقاربه وأبناء عمومته الذين مازالوا يقطنون هناك إلى الآن، كما أكد عبد الله نعينع: «القارئ الطبيب أحمد نعينع لم ينسى أهله في مطوبس ويتردد علينا من حين لآخر، وكان في الماضي يحرص بشكل دائم على تنظيم أمسيات دينية في مساجد مطوبس والمشاركة في هذه الأمسيات كقارئاً ليمتع أهله وأصدقائه بصوته العذب الرقارق، ولكن مع انشغاله الدائم يتردد علينا في المناسبات، ولا يتأخر عن مساعدة من يحتاج إلى ذلك، ومن الأشياء التي أعرفها عنه أنّه لم يتاقض أجراً عن تلاوة القرآن الكريم حتى التحاقه بالإذاعة في عام 1979 بفترة طويلة، فقد كان يلبي رغبة أي شخص يطلب منه تلاوة القرآن الكريم في أي سهرة أو عزاء دون مقابل ويكون سعيد جداً، وكان يذهب إليه بسيارته الخاصة أينما كان، لأن تلاوة القرآن بالنسبة له هواية وليست مهنة، وفي الحقيقة لم يتأخر عن أي شخص، وأحياناً يقرأ مجاناً في مناسبات الأقارب والأصدقاء».
يحرص أهالي مطوبس بكفر الشيخ على الاستماع إلى القرآن الكريم بصوت القارئ الطبيب أحمد نعينع، وفقاً لما ذكره محمود أبو العينين، أحد أهالي مطوبس: «نفخر دائماً بأنّ القارئ الطبيب أحمد نعينع من أبناء مركز مطوبس، ويحرص الكثير من التجار وأصحاب المحلات على تشغيل القرآن الكريم بصوته دائماً، وفي رمضان يتسابق أصحاب الفراشة على وضع مكبرات الصوت في الميادين وتشغيل القرآن الكريم بصوته العذب الذي يبعث على الاطمئنان».
يُعد القارئ الطبيب أحمد نعينع هو القارئ الأول الذي يقوم بإحياء المناسبات لكبار العائلات في محافظة كفر الشيخ ومنهم عائلة حماد بمركز بيلا، حيث يحيي جميع مناسبات هذه العائلة منذ ثمانينيات القرن الماضي، كما أوضح إبراهيم الإمام حماد: «قبل شهرة القارئ الطبيب أحمد نعينع كان الشيخ مصطفى إسماعيل هو من يقوم بإحياء مناسبات عائلة حماد ببيلا، ولكن بعد وفاته وجدنا أنّ من يشببه في الصوت هو القارئ أحمد نعينع ومن وقتها أصبح قارئ العائلة، وعلى علاقة وطيدة بنا، وأتذكر أنّ إحدى سيدات العائلات أوصت بأنّ يقرأ في مأتمها وبالفعل لبينا طلبها عقب وفاتها».
تأثر وتتلمذ على يد القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل
رغم مرور 46 عاماً على التحاق القارئ الطبيب أحمد نعينع بالإذاعة المصرية إلى أنّه ما زال يتربع على عرش دولة التلاوة بمدرسته الخاصة والفريدة التي أسسها رغم تأثره وتتلمذه على يد القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل، حتى الآن ورغم بلوغه عامه الـ71 إلى أنّ صوته مازال حاضراً يحبه الصغير والكبير.
وطالب أهالي مركز مطوبس بإطلاق اسم القارئ الطبيب أحمد نعينع على إحدى المعاهد الأزهرية، إكراماً لتاريخه المُشرف، ورحلته القرآنية التي استمرت لأكثر من 46 عاماً، أُسوةً بما تم مع عمالقة تلاوة القرآن الكريم في مصر، وحتى يكون التكريم في حياته.