روايح الشهر الكريم.. «الكحك» أهم أطباق حلوى العيد وطوارئ في المنازل والأفران

روايح الشهر الكريم.. «الكحك» أهم أطباق حلوى العيد وطوارئ في المنازل والأفران
مع قرب حلول عيد الفطر المبارك، تشهد المحافظات انتعاشة فى الأفران، وطوارئ بالمنازل، وسط تجمعات للأسر والعائلات، لتجهيز الكحك والبسكويت، الذى يُعد من الطقوس السنوية فى العيد، والتى لا يستغنى عنها المصريون منذ قديم الأزل، حيث لا يمكن أن نتخيل العيد من غير كحك وبسكويت، وعادةً ما يبدأ الأهالى، خاصةً فى القرى، الاستعداد لهذه العادة السنوية، مع دخول النصف الثانى من شهر رمضان، للانتهاء من تجهيز الكحك قبل انتهاء الشهر الكريم وحلول عيد الفطر.
فى محافظة المنيا، تلجأ الأسر إلى الأفران البلدية، التى تستخدم على مدار العام فى صناعة العيش «البتاو»، المصنوع من دقيق الذرة الشامية، لتحضير كحك العيد، وأيضاً الفطير والبسكويت، وقالت «أم بدر»، من قرية «زهرة»، بمركز المنيا، إنه خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، يبدأ الأهالى فى صناعة حلوى العيد، خاصة الكحك والفطير والبسكويت، بعض الأهالى يستخدمون دقيق القمح، بينما يفضل عدد قليل جداً دقيق الذرة الشامية، وهو ما يعطى نكهة مميزة للحلوى، خاصة الفطير.
وأوضحت سناء شحاتة، من قرية «صفط اللبن»، أن الأهالى يتعاونون بشكل كبير فى صناعة كحك العيد، حيث يشترك سكان الشارع الواحد فى إعداد الكحك بشكل جماعى، خلال الأسبوع الذى يسبق العيد، وهذه العادة تعزز روح التعاون والتكافل بين الأهالى، كما أنها توفر الوقت والجهد، فيما قالت فاطمة محمد، ربة منزل، إن صناعة كحك العيد داخل المنازل الريفية من التقاليد الراسخة فى محافظة المنيا، حيث تحرص الأسر على إعداد هذه الحلوى بكميات كبيرة، لتوزيعها على الأقارب والجيران، مما يعكس قيم الكرم والتواصل، التى تميز عيد الفطر المبارك، خاصةً أن شراء الكحك من محلات الحلويات مكلف جداً، فسعر كيلو البسكويت لا يقل عن 150 جنيهاً، وكذا الكحك، أما صناعة الحلوى داخل المنازل فيوفر على الأسر البسيطة الكثير من النفقات، خاصةً أن هناك مصاريف أخرى، كشراء الملابس الجديدة للأبناء.
وفى كفر الشيخ، قالت حنان شعبان، من مدينة بيلا، إنّ صناعة الكحك والبسكويت هو طقس سنوى اعتادت أسرتها عليه قبل حلول عيد الفطر كل عام: «لازم كل سنة نتلم ونعمل كحك وبسكويت العيد مع بعض، لأن له فرحة مختلفة، وبيجمع الأسرة وبيفرح الأطفال كمان»، كما أوضح إبراهيم دية، أحد أصحاب مخابز الحلوى بكفر الشيخ، أنّه يتم رفع حالة الطوارئ فى موسم عيد الفطر المبارك من كل عام، لتلبية احتياجات المواطنين: «بنكثف الشغل، ونزوّد العمالة، علشان نلبى احتياجات الزبائن، والشغل بيبدأ من منتصف شهر رمضان لحد ليلة العيد».
وفى الدقهلية، أكد أحمد الجندى، صاحب مصنع حلويات، لـ«الوطن» أن الكحك والبسكويت حلوى أساسية فى العيد، اعتاد الأهالى عليها، حيث يبدأ الجميع فى الاستعداد لشراء أو عمل كحك وبسكويت العيد بداية من الأسبوع الثالث لشهر رمضان الكريم، ويُقبل الجميع على محلات الكحك، أو مستلزمات عمل الكحك فى المنازل، فيما أشارت حنان الجمل، من الدقهلية، إلى أن الفرحة الكبيرة للعيد تأتى من خلال التجهيز لعمل الكحك والبسكويت: «عادة من سنين، وما زالت مستمرة حتى وقتنا الحالى، كل عيد لازم طبق الكحك والبسكويت، ونهادى به الحبايب، ونستقبل به الضيوف»، وأوضحت أن الكحك يحتاج إلى تعامل خاص عند عمله، لا بد من حساب المقادير الخاصة بالكحك، حتى تصبح العجينة ملائمة، وتخرج منتجاً جيداً فى النهاية.
وقال محمد عبدالحميد، أحد العاملين فى صناعة الكحك والبسكويت، إن «سر الصنعة يكمن فى السمنة»، وأوضح أن «السمنة هى الأساس، كيلو الدقيق معاه 500 جرام سمنة، ينضربوا مع بعض لغاية ما تحس إنهم دابوا مع بعض، مع ريحة الكحك»، أما فى البسكويت «أهم حاجة نعجن الدقيق بالزبدة، ونقلل البيض»، وأضاف أن هناك أنواعاً كثيرة من البسكويت، منها «بسكويت لوكس، وبسكويت نشادر، وبسكويت البرتقال، وبسكويت جوز الهند»، وكذلك الكحك يتنوع بين «كحك عادى، وكحك بسمنة بلدى، وكحك زبدة، وكحك مكسرات».
وفى مركز البدارى بمحافظة أسيوط، استطاعت «أم وليد» أن تكون رمزاً للإبداع والطموح، سيدة مكافحة صنعت لنفسها طريقاً للنجاح، حتى أصبحت أول سيدة صعيدية تقوم بتجهيز كعك العيد والبسكويت والغريّبة فى بيتها بحرفية عالية، حيث بدأت «أم وليد» رحلتها البسيطة فى تجهيز كعك العيد من المنزل، بفكرة متواضعة ومكونات بسيطة، عبارة عن كمية من الدقيق، وعلبة سمنة، ولكن بشغفها وإصرارها على تحقيق النجاح، تحوّلت هذه البداية الصغيرة، إلى مشروع يحقق نجاحاً كبيراً، حتى أصبحت «أم وليد» واحدة من الرائدات فى إعداد الكحك بمحافظة أسيوط، وأصبح مشروعها مصدر فخر وإلهام للعديد من النساء، لتثبت بحكايتها أن الإرادة والعمل الجاد يمكن أن يصنعان فارقاً كبيراً، مهما كانت البداية متواضعة.
تحدثت «أم وليد» لـ«الوطن»، قائلة إنها من مركز البدارى بأسيوط، بدأت مشوارها فى تجهيز حلويات العيد منذ 6 سنوات، عندما قررت أن تستثمر موهبتها فى صناعة الكعك والبسكويت والغريّبة، بدأت بكمية بسيطة من الدقيق وعلبة سمنة، مشيرة إلى أنها استوحت وصفاتها من التراث الصعيدى، مع إضافة لمساتها الخاصة، التى جعلت منتجاتها مميزة ولها طابع فريد، ولم تقتصر على تجهيز الكعك فقط، وإنما بدأت فى توسيع مجال عملها من خلال صناعة جميع المخبوزات والحلويات، التى تحظى بإقبال كبيرة من أهالى أسيوط.
وأشارت مها أحمد، من محافظة دمياط، إلى أنه يتم الاستعداد لعمل الكحك قبل أسبوع من انتهاء شهر رمضان الكريم: «كلنا بنتجمع فى البيت، ونبدأ وسط أغانى الكحك والفرحة الخاصة بالعيد، وبعدها الأطفال تاخد الصوانى على المخبز، علشان يتم تسوية الكحك، وساعات يتم تسويته فى البيت عندنا»، كما أوضح بلال محمد، أحد العاملين فى صناعة الحلويات بمحافظة الوادى الجديد، أنه يتم التجهيز لعمل الكحك والبسكويت من خلال تجمع السيدات، والبدء فى العمل: «كل بيت مصرى بيشتغل فى عمل الكحك قبل العيد بأيام قليلة، والفرحة القديمة لسه موجودة، خاصةً فى الوادى الجديد، والفرحة بتكون مختلفة عندنا وقت صناعة الكحك»، وكذلك أضافت هناء إبراهيم، من محافظة السويس، أنه عادة ما تتجمع السيدات فى أحد الأفران، أو عند أحد العاملين فى صناعة الكحك، داخل مكان كبير، من أجل التجهيز والمساعدة فى عمل الكحك والبسكويت: «قبل العيد بأسبوع بنروح عند شخص بيصنع الكحك فى مكان واسع، ونبدأ نعمل بنفسنا الكحك، وهو يهتم بالتسوية».