علماء من بلدنا.. جاد الحق علي جاد الحق.. شيخ الأزهر الذي لا يخشى في الحق لومة لائم

علماء من بلدنا.. جاد الحق علي جاد الحق.. شيخ الأزهر الذي لا يخشى في الحق لومة لائم
حكايات كثيرة عاشها أهالى قرية بطرة، مركز طلخا فى محافظة الدقهلية، مع الشيخ جاد الحق على جاد الحق، والذى خرج من القرية، وظهر اسمه للنور فى العالم الأزهرى، بعد أن راح يخطو خطواته الأولى مع الشيخ سيد البهنساوى فى الكتَّاب الخاص بالقرية، فتعلم الكثير والكثير من الشيخ، وحفظ القرآن الكريم، حتى أصبح تلميذاً نجيباً من تلاميذ الشيخ.
ترك الشيخ جاد الحق بصمات كثيرة لا تنسى داخل كل بيت فى بطرة، إذ كانوا ينتظرون ظهوره على الشاشات حتى يجتمع الكبير والصغير، ويعبر الجميع عن فرحته.
ويذكر السعيد الفضالى، أحد أقارب الشيخ، لـ«الوطن»، أن اليوم الذى كان يظهر فيه الشيخ على التلفاز هو يوم عيد، يتهافت الجميع على التلفاز أمام المنزل الكبير فى الشارع: «كل أهالى قرية بطرة يجتمعون، والكل يفرح، والزغاريد والاحتفالات البسيطة تخرج، لدرجة أننا كنا غير قادرين على سماع كلمة الشيخ من شدة الأصوات والاحتفالات».
وحينما كان يخطو بقدميه فى القرية، يأتى الكبار والصغار والمسئولون من كل مكان للقاء العالم الجليل: «كان اليوم ده ننتظره والكل يحرم النوم، ده الشيخ نازل البلد، والكل ينتظر وصول الشيخ، وأول ما يخطو بقدميه القرية، حتى تبدأ الاحتفالات».
وما زال عبق الشيخ جاد الحق داخل كل منزل من منازل قرية بطرة فى شهر رمضان الكريم: «هتفضل سيرة الشيخ جاد الحق الحسنة داخل كل بيت مصرى دليل على حب أهالى القرية له وامتنانهم لكل حرف علمه لهم، أثناء وجوده فى القرية فى الزيارات».
وكان الشيخ جاد الحق يزور قريته بطرة فى شهر رمضان الكريم، فيستعد الجميع لاستقبال الشيخ: «الليلة الكبيرة فعلاً كانت وقت ما الشيخ يقرر ينزل يفطر مع أهله فى شهر رمضان الكريم والفرحة تزيد وتكبر، ويبدأ فى شرح أمور الدين، ويجاوب على استفسارات الجميع».
كان الشيخ جاد الحق مبتسماً متواضعاً مع جميع أهالى قريته: «كان معروف إنك أول ما تروح المكتب الخاص بالشيخ وتقول إنك من بطرة أو من نواحى بطرة تدخل على طول، ويترحب بك فى مكتب الشيخ، وتأخذ واجبك وتقعد كأنك صاحب مكان، ويستقبلك الشيخ بترحاب ومحبة، لأنك من ريحة الحبايب».
ويقول «الفضالى» إن الشيخ جاد الحق ساهم فى إبطال عادة سيئة كانت متوارثة منذ زمن فى القرى والأرياف وهى: «كان الأغلبية يعتقدون أن آخر يوم فى شهر رمضان يعتبر كليلة احتفالية رؤية الهلال، ويقوم البعض بعدم صيام ذلك اليوم، لكن الشيخ أبطل تلك العادة، وأوضح للأهالى أن ذلك اليوم هو يوم من أيام شهر رمضان الكريم ويجب على المسلمين صيامه».
وحينما كان الشيخ يزور قريته بطرة كان يفضل أن يمشى على قدميه بين أهالى قريته: «كان ينزل ويمشى فى وسط أهالى القرية، ويروح يصلى الجمعة فى المسجد مع الأهالى والأقارب ويقف فى الصف ويترك الإمام الخاص بالمسجد يؤم الصلاة ويرفض أن يقف مكانه».
وعرف الشيخ جاد الحق بكلمة الحق فكان له الكثير من الآراء الصارمة والقرارات: «كان دائماً صاحب قرارات صارمة ولا يفضل شخصاً على آخر، بل يتعامل مع الجميع كأنهم سواسية، دون تفرقة بين أحد، خاصة فى القرارات التى يتخذها، فلم يفرق يوماً بين أى شخص يقرب له بأى صلة وأى مواطن آخر فى الدولة».
وعاش الشيخ جاد الحق زاهداً فى متاع الدنيا: «كان لا يشغل باله بأمور الدنيا أو مظاهر الدنيا الجمالية، وكان صديقاً للشيخ محمد متولى الشعراوى، فعلى الرغم من أنه أكبر سناً من (الشعراوى)، إلا أنه كان دائماً يقول هو أكبر منِّى علماً رغم أنى أسبقه فى السن».
ووصى الشيخ جاد الحق بأن يقوم الشيخ محمد متولى الشعراوى بالصلاة عليه بعد وفاته: «كتب وصية أن الشيخ محمد متولى الشعراوى يصلى عليه، ويوم جنازته كان يوماً مهيباً جداً فتمت الصلاة عليه فى القاهرة، وحينما جاء الشيخ الشعراوى ليصلى عليه فى الدقهلية داخل قرية بطرة توافد عدد كبير من المصلين فعجز الناس عن أداء الصلاة فى القرية وتم نقله مرة أخرى إلى المقابر».
وأوضح إبراهيم الفضالى، حفيد الشيخ جاد الحق، أن الشيخ كان معطاء ويحب أهل قريته بشدة: «أى هدايا كانت بتيجى للشيخ كان يقدمها لأهالى قريته، ومن ضمنها جائزة كويتية قرر الشيخ التبرع بها لإنشاء مستشفى فى القرية، وباع أرضه من أجل بناء مجمع ومسجد، ويشتمل المجمع على كافة الخدمات الطبية التى تقدم لأهالى البلد والتخصصات المتنوعة، والتى تستقبل وتخدم نحو مئات الأشخاص على مدار اليوم».
واستكمل أن الشيخ كان له طابع خاص وعرف بالتواضع والحكمة والعدل وقول الحق: «كان يكره نظام الواسطة التى تأتى على حساب شخص آخر، وفى حل المشاكل كان يستمع إلى جميع الأطراف المتعلقة بالأمر، ليكون قراره عادلاً وحكمه صادقاً فى مختلف الأمور، وليستطيع تقديم المساعدة».
وأكد «الفضالى» أن أهالى قرية بطرة افتقدوا الكثير بعد وفاة الشيخ جاد الحق: «بطرة أصبحت يتيمة بعد وفاة الشيخ جاد الحق، والذى دفن فى جنازة مهيبة، أذكر يومها أن القرية تعرضت لسقوط أمطار شديدة، ما شكَّل صعوبة فى الوصول إلى المقابر الخاصة بالقرية، فتقرر إنشاء قبر لجوار المسجد والمجمع الخاص بالشيخ، ودفن به».
وأضاف أن الشيخ كان شديد التعلق بأسرته وأهله وقريته: «كان يعشق النزول إلى بلده بطرة ويجلس مع أقاربه، وبلغ القمة فى التواضع مع الجميع، وحينما كان يأتى لزيارة القرية يتوجه لكل بيت من أقاربه وأهله لزيارتهم والجلوس معهم».
وأوضح المهندس شعبان عبدالمعطى، رئيس جمعية الشيخ جاد الحق فى بطرة، أن الجميع يفتقد الشيخ، وأضاف: «عرف بحبه لأهله وأسرته وكان باراً بهم، ودائماً ما يقوم بزيارتهم فى الأعياد والمناسبات فى كل عيد وكان حريصاً على الوجود وقضاء العيد مع أهله فى القرية، فكان العيد عيدين».
وأضاف أن الشيخ جاد الحق قام ببناء المجمع من أجل خدمة أهالى القرية فى كافة المجالات، وتقديم أوجه الدعم لهم فى التخصصات الطبية المختلفة: «يوم ما تم الانتهاء من بناء المسجد قال ابدأوا العمل به من أجل خدمة المواطنين وتقديم كافة الخدمات».
وتابع: «الشيخ أحمد الطيب ماشى على نفس خطوات الشيخ جاد الحق، فى كثير من الأمور، أبرزها رفعة مكانة الأزهر الشريف».