«من الإفطار إلى السحور».. الجامع الأزهر يدعم الصائمين بـ8 آلاف وجبة يوميًا

«من الإفطار إلى السحور».. الجامع الأزهر يدعم الصائمين بـ8 آلاف وجبة يوميًا
فى أجواء تغمرها السكينة، وتزامناً مع العشر الأواخر من شهر رمضان، يقوم بيت الزكاة والصدقات المصرى بتوزيع 3 آلاف وجبة سحور على المعتكفين فى الجامع الأزهر، بداية من أولى الليالى الوترية وحتى نهاية الشهر الكريم، بخلاف 5 آلاف وجبة إفطار يتم توزيعها على الصائمين منذ بداية الشهر.
مع دقات الثانية عشرة والنصف منتصف الليل، يبدأ متطوعو «بيت الزكاة» توزيع وجبات السحور على المعتكفين، بحسب عبدالعليم قشطة، مدير إدارة الفتوى، المتحدث الرسمى باسم بيت الزكاة والصدقات، الذى يؤكد أنه منذ بداية شهر رمضان تم وضع خطة لتقديم الدعم للصائمين فى المساجد، خصوصاً فى الجامع الأزهر الذى يستقبل آلاف المعتكفين خلال العشر الأواخر. مؤكداً: «ندرك أن أعداد المعتكفين تزداد فى هذه الليالى المباركة، لذلك نقوم بتوزيع وجبات سحور بطريقة منظمة تضمن حصول الجميع على وجبات خلال صلاة التهجد كل يوم بداية من الليلة الوترية الأولى».
يسعى مدير إدارة الفتوى وفريقه إلى مساعدة المعتكفين وتوفير وجبات السحور لهم حتى لا ينشغلوا بتدبير الطعام أو البحث عن مطاعم لشراء وجبات. موضحاً: «نعمل على توفير هذه الخدمة حتى يتمكنوا من التركيز الكامل على عباداتهم من صلاة وذكر وتلاوة للقرآن الكريم».
ويتابع قائلاً: «فى الليلة الوترية الأولى، وزعنا 3 آلاف وجبة، وهذا الرقم قابل للزيادة وفقاً لاحتياجات المعتكفين فى الأيام القادمة وسوف نستمر حتى نهاية الشهر المبارك».
يتابع «قشطة» قائلاً: «لدينا متطوعون بدأوا معنا منذ سنوات، وأصبحوا جزءاً أساسياً من الفريق، وبعضهم يجلب أصدقاءه للمشاركة كل عام، وهذا يعكس روح العطاء المنتشرة بين الشباب المصرى». مشيراً إلى أن المتطوعين يشاركون فى جميع مراحل العمل، من تجهيز الوجبات إلى توزيعها، ويبذلون جهداً كبيراً لضمان تنفيذ كل شىء بسلاسة.
للمتطوعين دور مهم فى تنظيم عملية توزيع وجبات السحور على المعتكفين، حيث تبدأ التجهيزات بعد المغرب مباشرة، من خلال التنسيق مع كبرى المطاعم لتقديم وجبات تُشبع وتحتوى على كافة العناصر الغذائية التى يحتاجها المعتكف قبيل أن ينوى الصيام، بحسب د. محمد تبارك، المشرف على توزيع الوجبات، والذى يؤكد أن الأمر ليس مجرد توزيع، بل عملية منظمة ودقيقة لضمان وصول الطعام للجميع دون تكدس أو فوضى خاصة مع زيادة أعداد المعتكفين يومياً. مؤكداً: «نتعامل مع عدد كبير من المواطنين الصائمين والمعتكفين، ومن هنا جاءت أهمية وجود آلية لتنظيم التوزيع بشكل يضمن سرعة الأداء، ونقوم بالتوزيع خلال أداء صلاة التهجد، نمر بين صفوف المصلين، نضع الوجبات، وننصرف بهدوء حتى يكملوا الصلاة، وهم على يقين أنهم سينالون وجبة سحور بعد انتهاء الصلاة وليسوا بحاجة للبحث عن مطاعم».
وعن إعداد وجبات السحور يقول «تبارك» إنها تتم وفق أعلى معايير الجودة، بحيث تكون متكاملة وتراعى احتياجات الصائمين الصحية. مؤكداً أن كل وجبة تحتوى على مصادر غنية بالطاقة لضمان بقاء المعتكفين فى حالة نشاط خلال ساعات الصيام الطويلة. مشيراً إلى أن الفريق الذى يشرف على توزيع الوجبات يضم أكثر من 100 شاب، ما بين عاملين فى بيت الزكاة ومتطوعين يعملون بروح الفريق الواحد. مؤكداً: «التطوع أفضل مكان تقدر تتعلم فيه الإدارة بكل سهولة ويسر، أقوى مكان تقدر تتعلم فيه مهارات زى سرعة الأداء، الإتقان، والتنظيم».
ضبط أعداد الوجبات وتنظيم توزيعها من بين أكثر الأمور أهمية، وذلك لأن الخطأ فى التوزيع يعنى أن هناك صائماً ستضيع عليه وجبة الإفطار، ولا بد من تعويضه حتى يُفطر، وهنا يقول «تبارك» إنه فى حالة ارتكاب المتطوع خطأ فى التوزيع يتم تعويض الصائم، من خلال أخذ وجبة الموزع الذى أخطأ. مؤكداً: «مش ظلم ده قمة العدل، وكمان ده تدريب عملى على الدقة وحسن التنظيم، علشان كده مستحيل تلاقى متطوع بيغلط فى التوزيع، لأنه هيكون حريص، وحرصه ده مفيد لينا كلنا، لأننا بنتعامل مع 8 آلاف شخص يومياً ما بين صائمين ومعتكفين».
شراء وجبات الإفطار والسحور يقف وراءه فريق كامل، يراقب جودة الطعام خلال مراحل إعداده فى المطبخ، لضمان وصول الوجبات بشكل صحى وآمن. لكل «تيم» من فريق التطوع مهمة محددة بحسب «تبارك»، الذى يؤكد أن التنظيم الدقيق وراء نجاح الفريق بأكلمه فى توزيع هذا العدد الهائل من الوجبات يومياً. من بين هؤلاء المتطوعين، محمد جمعة، الذى تقتصر مهمته على توزيع التمر فقط، وهو من طلب بنفسه هذا التكليف فقد اختاره منذ سنوات مع بداية تطوعه.
سبب رغبة «جمعة» فى توزيع التمر دون غيره، أنه أحس بسعادة ومتعة كبيرة عندما قام فى أول عام من تطوعه بتوزيع أكثر من كارتونة بلح على الصائمين. قائلاً: «لو هوزع وجبات هيكون عدد الصائمين اللى هفطرهم محدود، إنما فكرة توزيع تمر، هتخلينى أكون ضامن إنى آخد ثواب إفطار 5 آلاف صائم يومياً».
بعد دقات العاشرة مساءً يبدأ الفريق يومياً فى تجهيز وجبات السحور للمعتكفين، الذين تركوا الدنيا وجاءوا لأداء صلاة التهجد، من بينهم طبيب الامتياز حسام عبدالمجيد، الذى جاء مبكراً إلى الجامع الأزهر ليكون فى الصفوف الأولى لصلاة التهجد. منذ ثمانى سنوات لم تفته ليلة وترية واحدة. مؤكداً أنه فى هذه الليالى يشعر باقترابه من الله أكثر. قائلاً: «لو فوق رأسى هموم الدنيا، مجرد ما أصلى التهجد فى أول ليلة وترية بنسى كل همى، علشان كده بحرص إنى أكون هنا قبل منتصف الليل، وأبدأ بقراءة القرآن».
من بين المعتكفين الذين يحرصون على الحضور مبكراً إلى الجامع الأزهر، صابر عماد، من منطقة الدرب الأحمر بمحافظة القاهرة، الرجل الستينى الذى لا يفرط فى صلاة الليالى الوترية، ويقول وهو يجلس فى ساحة الجامع الأزهر، قبل «التهجد» بساعات: «حريص على صلاة الليالى الوترية كلها، كل سنة فى مسجد مختلف، وده بعد ما قرأت عن فضل الليالى دى، وكنت وقتها بمر بظروف صعبة، ولما داومت على الصلاة، لاقيت سكينة غريبة، ومشاكلى اتحلت بفضل ربنا، ومن وقتها وأنا حريص على صلاتها باستمرار، لدرجة إنى بقيت أسبق الجميع فى الحضور للمسجد».