محمود الجارحى يكتب.. رسالة من الدكتورة أسماء «سامحوني واستروا عيوبي»

محمود الجارحى يكتب.. رسالة من الدكتورة أسماء «سامحوني واستروا عيوبي»
«سامحوني.. واستروا عيوبي.. وادعوا لي بالرحمة.. وتذكروا الصحبة.. وانسوا خطأي.. واذكروا أجمل صفاتي.. لا أعلم بأي ساعة كتب لي انقباض روحي.. اللهم ارحمني يوم يصلون علي صلاة ركوع لها.. اللهم ارزقنا حسن الخاتمة».. هذه كانت آخر كلمات الدكتورة أسماء.. التي لفظت أنفاسها الأخيرة قبل ساعات.. انتهت حياتها غرقا هي وخطيبها قبل أيام من زفافهما.
رحلت أسماء بعد أن سقطت السيارة التي كانت تستقلها في ترعة البحر الجديد بمنطقة الكردي بمركز منية النصر التابعة لمحافظة الدقهلية.. رحلت هي وخطيبها تعطلت أجهزة جسدها هي وخطيبها الدكتور حمدي.. ليكون زفافهما في الجنة.. هكذا تحدث أصدقاء أسماء، وأكدت تحريات وتحقيقات الأجهزة الأمنية والقضائية أن الواقعة بسبب حادث سقوط سيارة ملاكي كان يستقلها الاثنين في الترعة، وانتهت حياتهما.
«أسماء».. هي دفعة 57 طب جامعة المنصورة، مقيمة في مركز ميت سلسيل، التابع لمحافظة الدقهلية.. أسماء كانت مخطوبة لزميل لها يدعى حمدي أيضا هو طبيب وخريج نفس الدفعة، ومقيم في نفس محل إقامتها، وكان يعملان في مستشفى المنصورة الجامعي، وأثناء عودتهما، وقع الحادث الأليم، وسقطت السيارة في الترعة، وبالتحديد انقلبت في ترعة البحر الجديد بالقرب من محل إقامتهما على طريق مدينة ميت سلسيل.
«أسماء».. حاولت الخروج من السيارة.. وحاولت الوقف على «كبوت» السيارة.. وكان ينزل جسدها قليلا قليلا.. تنادي على من حولها «مبعرفش أعوم.. مبعرفش أعوم.. الحقوني».. تنادي على خطيبها.. أسماء في كل لحظة تنزل إلى أسفل.. تنتفض وتصرخ، ويتحرك الرجال ورواد المنطقة وهم ينادون هاتوا حبل.. هاتوا حبل.. ونطقت الشهادتين.. ولفظت أنفاسها الأخيرة بجوار جثمان خطيبها.. أسماء كانت بتحب ربنا.. عشان كده طلعت فوق.. طلعت عند حبيبها.
لم ينتهِ المشهد.. حضر رجال الإنقاذ النهري.. وقوات الشرطة إلى مكان الواقعة، وتمكنت القوات من انتشال جثامين المتوفيين، ورفع آثار الحادث، وتحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة التي صرحت بدفن الجثامين، وطلبت تحريات المباحث النهائية حول الواقعة.
نقابة الأطباء بمحافظة الدقهلية، نعت الطبيبين حمدي وأسماء بعد وفاتهما.. وقالت النقابة في نعيها: «ببالغ الحزن والأسي ينعي مجلس نقابة أطباء الدقهلية طبيب وطبيبة امتياز الدفعة 57 طب جامعة المنصورة، دكتور حمدي السيد عبدالحميد، ودكتورة أسماء إبراهيم عبداللطيف، إثر حادث كانقلاب سيارتهما في ترعة البحر الجديد طريق الكردي ميت سلسيل، اللهم اغفر لهما وارحمهما واسكنهما فسيح جناتك، وانزل على ذويهما واحبتهما الصبر والسلوان، والبقاء والدوام لله وحده، خالص العزاء والمواساة لأهل الفقيدين، اللهم قِنا فواجع الأقدار».
فيما شيع الآلاف من أهالي مدينة ميت سلسيل بمحافظة الدقهلية جثامين المتوفيين الدكتور حمدي وخطيبته الدكتورة أسماء، خرج الجثمانين من المسجد الكبير بميت سلسيل، وتم أداء صلاة الجنازة عليهما وسط دموع وحزن وانهيار أسرتهما ومحبيهما من أبناء مدينة من سلسيل وأصدقائهما.
وشهدت الجنازة إغماءات وبكاء على رحيل الفقيدين من قبل أهلهما وأصدقائهما حيث امتازا بحسن الخلق ومحبة الجميع.. وشهدت الجنازة توافد الآلاف للمشاركة فيها من قبل أبناء المدينة والمدن المجاورة، وتم تشييع الجثمانين ودفنهما بمقابر العائلة في مدينة ميت سلسيل.