يوسف القعيد: التجول مع المسحراتي عشق الطفولة.. وصحبة نجيب محفوظ أروع لحظات حياتي

يوسف القعيد: التجول مع المسحراتي عشق الطفولة.. وصحبة نجيب محفوظ أروع لحظات حياتي

يوسف القعيد: التجول مع المسحراتي عشق الطفولة.. وصحبة نجيب محفوظ أروع لحظات حياتي

تذكَّر الأديب والروائى يوسف القعيد شهر رمضان فى أيام طفولته، إذ يعتبر أن روحانياته لم يجد مثيلاً لها فى أى مكان آخر، فهو شهر ملىء بالطقوس والتقاليد التى شكَّلت وجدانه منذ الصغر وحتى اليوم.

وقال «القعيد» لـ«الوطن»: «أول رمضان صمته كان فى قريتى الصغيرة (الضهرية) إحدى القرى التابعة لمركز إيتاى البارود فى محافظة البحيرة، كانت أشبه بجنة مفقودة، وأتذكر أننا كنا نعيش فى بيتين مفتوحين على بعضهما، يجمعان والدى وإخوتى، نتشارك كل شىء فى الشهر الكريم، وكان رمضان بالنسبة لى تجربة حياتية ثرية، مليئة بالمشاعر والذكريات».

وتذكَّر الروائى الكبير ليالى رمضان الأولى بحنين جارف، حين كان عاشقاً للتجول مع المسحراتى فى شوارع القرية وأزقتها، وكان يرافقه فى تلك الرحلة اليومية أصدقاؤه الصغار، ثم يعود إلى منزله ليجد الجميع فى انتظار السحور، موضحاً: «لم يكن فى ذلك الوقت توجد صلاة فى البيوت، بل كانت المساجد عامرة بالمصلين، ورائحة الطعام تمتزج بصوت تلاوة القرآن من المآذن».

ويرى الأديب الكبير أن هناك اختلافاً فى مظاهر الاحتفال بشهر رمضان: لطالما شعرت أن رمضان ينتمى إلى القرى أكثر من المدن، تماماً كما قال الشاعر محمود غنيم: (يا بدر أنت ابن القرى وأراك فى ليل الحواضر إن طلعت غريباً)، وأنا أقول: (يا رمضان إنك ابن القرى وأراك فى المدن بلا روحك الحقيقية)، موضحاً أن الجانب الإنسانى والعاطفى فى القرى أكثر صدقاً عن المدن، ورغم التطور الذى شهدته الأحياء الشعبية فى القاهرة، إلا أنها لا تزال تحتفظ بروح رمضان الريفية، أما رمضان المدن الحديثة فقد أصبح ممتلئاً بالمظاهر الحضارية ولكنها تفتقد الدفء والروح التى عاشها فى قريته.

ويستعيد «القعيد» ذكرياته التى عاشها فى حى الحسين بالقاهرة، حيث كان يقضى هناك ليالى رمضانية لا مثيل لها، وخاصة مع أصدقائه من الأدباء، وعلى رأسهم الراحل جمال الغيطانى، قائلاً: «سيدنا الحسين له شحنة وجدانية خاصة فى قلب المصريين، زيارته فى رمضان تختلف عن أى وقت آخر، لهذا كنت دائم التردد عليه، كما أننى سافرت إلى مولد السيد البدوى فى دسوق، لكن الإحساس الذى يمنحه لك سيدنا الحسين لا يُقارن».

ويتذكر إحدى ليالى رمضان التى لا تُنسى، عندما ذهب إلى الحسين بصحبة نجيب محفوظ رغم تقدمه فى العمر، وجلسا على مقهى الفيشاوى، وأدّيا صلاة المغرب مع مجموعة من الأصدقاء، فى لحظة يعتبرها «القعيد» واحدة من أروع لحظات حياته.

وأشار إلى أن «الراديو كان سيد المشهد فى ليالى رمضان، ولم تكن هناك دراما رمضانية أو برامج ترفيهية كما هو الحال اليوم، وكنا ننتظر بشغف صوت شهرزاد فى (ألف ليلة وليلة)»، معتبراً أن الجيل الجديد لم يعد محظوظاً مثل جيله، فقد امتلأت الشاشات بالمقالب والبرامج غير الهادفة التى لا تمت لروح رمضان بصلة.

ورغم مرور السنين، لا يزال «القعيد» محافظاً على بعض طقوسه الرمضانية، وأهمها زيارة سيدنا الحسين والسيدة نفيسة كل عام فى رمضان والتى يرى فيها صفاءً روحانياً لا يجده فى أى مكان آخر، فزيارة آل البيت طقس لا يمكن التخلى عنه فى الشهر الكريم، كما أنه لا يزال محافظاً على عادته بزيارة قريته لأنه يشعر فيها دائماً برحلة استعادة للذكريات الأولى.

وأضاف «القعيد»: «لدىَّ رأى مختلف قد لا يتفق معه الكثيرون، إذ أعتبر أن طبق الفول هو أفضل وجبة للسحور، وهو كما يقول المصريون (مسمار البطن)، الذى يمنح الشعور بالشبع طوال النهار»، واختتم بقوله: «شهر رمضان هو زمن من الذكريات التى تشكل وجدان الإنسان، وكلما تقدم بنا العمر نزداد شوقاً إليه، كأننا نبحث عن أنفسنا فى تفاصيله القديمة».


مواضيع متعلقة