أصوات من بلدنا.. «السيد متولى» عملاق دولة التلاوة الذي توفى وهو يقرأ «القرآن الكريم»

أصوات من بلدنا.. «السيد متولى» عملاق دولة التلاوة الذي توفى وهو يقرأ «القرآن الكريم»
«اعتلى المنابر وعمره 12 عاماً، جذبت حلاوة صوته فى تلاوة القرآن الناس من قريته وخارجها حتى اشتهر على المستوى المحلى والدولى، وأسلم على يده عدد من الأفارقة، وفاضت روحه إلى بارئها على خاتمة حسنة وهو يتلو آيات القرآن الكريم، ليموت على ما عاش عليه».. إنه القارئ الشيخ السيد متولى عبدالعال، ابن قرية الفدادنة التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، الذى رحل عن عالمنا فى 16 يوليو عام 2015 عن عمر يناهز 68 عاماً، تاركاً خلفه سيرته العطرة وتسجيلات القرآن بصوته العذب.
«والدى كان محباً للقرآن الكريم منذ طفولته، وكان أقرانه ينادونه بالشيخ، واقتدى بالقرآن وتعاليم الإسلام حتى وفاته»، بتلك الكلمات بدأ الدكتور صلاح السيد متولى، نجل الشيخ الراحل السيد متولى حديثه، وتابع: «والدى وُلد فى 26 أبريل عام 1947 بقرية الفدادنة التابعة لمركز فاقوس، وهو الشقيق الأصغر لشقيقاته الأربع، وورث حلاوة الصوت عن جدى».
«صلاح» أضاف: «عندما بلغ سن 5 سنوات، ألحقه جدى بكُتاب القرية لحفظ القرآن الكريم على يد الشيخة مريم السيد رزيق، وهى سيدة كفيفة غير متزوجة، كانت تُحفظ جميع أبناء القرية القرآن الكريم على تعاقب الأجيال حتى وفاتها».
وأردف: «التحق والدى بالمدرسة الابتدائية بالتعليم العام، وبعد حصوله على الشهادة الابتدائية لم يُكمل تعليمه نظراً لبعد المسافة بين مكان المدارس والمعاهد الأزهرية، ومكان إقامته فى القرية، وحفظ القرآن الكريم وعمره 11 عاماً ثم تعلَّم أحكام التجويد، وقراءة حفص عن عاصم، وورش عن نافع، وقالون عن نافع وأتم القراءات الثلاث وعمره 12 عاماً على يد الشيخ طه الوكيل»، لافتاً إلى أن والده كان يحب الاستماع للشيخ محمد رفعت وأبوالعينين شعيشع ومحمد صديق المنشاوى ومصطفى إسماعيل.
وقال: «بدأ والدى يتلو القرآن يوم الجمعة فى المسجد بالقرية، ثم فى المآتم بدعوة من الناس الذين استحسنوا صوته، وبدأ الأهالى يدعونه لإحياء الحفلات الدينية، والقراءة فى المآتم فى القرى المجاورة حتى اشتهر فى جميع مراكز المحافظة، وتدريجياً اشتهر فى جميع المحافظات المجاورة».
واستطرد: «بعدما ذاع صيت والدى واشتهر، تواصل معه صاحب شركة صوت الشرقية عام 1984 لعمل تسجيلات وأشرطة، وكانت سبباً فى شهرة والدى داخل مصر وخارجها، وكان أميز شريط فيها سورة يوسف وقصار السور، حيث انتشرت هذه الأشرطة فى مصر وفى الدول العربية أيضاً»، موضحاً أن والده التحق بالإذاعة عام 1995، وسجل تلاوات كثيرة، وأحيا أمسيات دينية، وسافر إلى عدة دول ضمن وفود الإذاعة لإحياء الليالى الرمضانية والاحتفالات الدينية، ومن بين الدول التى سافر إليها إنجلترا، وكندا، وأستراليا، وقطر، والإمارات، ولبنان، وسوريا، وإيران، وباكستان، وجنوب أفريقيا، مشيراً إلى أنه أثناء وجوده فى أفريقيا أسلم على يده عدد من الأفارقة بعدما أعجبوا بصوته وهو يتلو القرآن الكريم، وبدأوا يتعرفون على القرآن والإسلام، ودخلوا الإسلام.
وقال إن والده كان المأذون الشرعى لقرية الفدادنة خلفاً للشيخ الصاوى، وكان ييسر الإجراءات للناس ويتقاضى أقل من ربع أجره فى الأماكن الأخرى، وذلك إكراماً لأهالى قريته وتسهيلاً عليهم.
وتابع: «والدى رحمه الله كان باراً بأهله وخاصة شقيقاته الأربع، وأوصانا بأهلنا خيراً، وكان حريصاً على تحفيظنا القرآن الكريم»، لافتاً إلى أنه حفظ القرآن على يد الشيخة مريم التى حفظ والده على يدها أيضاً، وختم القرآن وسنه 12 عاماً والتحق بالمعاهد الأزهرية ثم جامعة الأزهر وتخرج فى كلية الطب البشرى «أخصائى أطفال».
وحول أبرز المواقف التى يتذكرها عن حياة والده، قال: «سافرت فى إحدى المرات مع والدى إلى جنوب أفريقيا ورأيت كيف يتم استقباله بحفاوة تقديراً لمكانته كونة حافظاً للقرآن الكريم ومن أبرز القراء، كما أتذكر موقفاً آخر حيث نجا والدى من حادث سطو مسلح بعد أحداث ثورة يناير 2011، ففى أثناء عودته من أحد المآتم بطريق بنها - الزقازيق اعترض طريقه مسلحون لسرقته والاستيلاء على السيارة، إلا أن السائق تمكن من مراوغتهم والهروب بسلام».
وفيما يتعلق بالتفاصيل الأخيرة فى حياة الشيخ الراحل، قال نجله: «لم يكن والدى يعانى من أى أمراض، وكانت حالته الصحية جيدة، وفى ليلة الوفاة كان يقرأ فى عزاء أحد المتوفين فى القرية، حيث بدأ بقراءة ربع بعد أذان العشاء وبعدما انتهى من القراءة، فارق الحياة، وكانت آخر آيات تلاها بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ».
وفى السياق نفسه، قال أيمن شعبان، أحد أهالى مدينة فاقوس، إنه رغم شهرة الشيخ الراحل السيد متولى والمكانة التى وصل إليها كان متواضعاً ولا يتكبر على أحد ويجبر بخاطر الجميع، وكان يشارك الأهالى سواء فى الأفراح أو الأحزان، فكان يتصف بالسمعة الحسنة ودماثة الخلق وكان محبوباً من الجميع سواء داخل قريته أو خارجها، وترك خلفه مسيرة وسيرة عطرة ليتذكره الناس دائماً بالخير ويدعوا له بالرحمة والمغفرة.