ما حد القسمة للقضاء على تهريب الآثار في نهاية القرن 19؟.. كشفه مسلسل النص
ما حد القسمة للقضاء على تهريب الآثار في نهاية القرن 19؟.. كشفه مسلسل النص
قبل ختام الحلقة الثامنة من مسلسل النص بطولة أحمد أمين، كشف صناع العمل كما هو متبع منذ عرض الحلقة الأولى بعض المعلومات التاريخية الموثقة، إذ أشاروا إلى أن العمل من وحى التاريخ، لافتين إلى «وضع الفرنسي جاستن ماسبيرو مدير مصلحة الآثار المصرية في نهاية القرن الـ19، مبدأ القسمة»، حيث مان التنقيب قائم على تبرع الأثرياء.
وجاء حد القسمة ليقضي على النهب الكامل، ورغم أن هذا القانون سمح للبعثات الأجنبية، بالاحتفاظ بقطع أثرية مصرية، فإنه حافظ على الكثير أيضا، كما نجح ماسبيرو في إقناع بعض ممولي الحفائر بترك الآثار كاملة للمتحف، وهو ما حدث مع مقبرة تويا ويويا التي ما زالت تزين المتحف المصري.
ما مبدأ القسمة الذي قضى على نهب الآثار؟
قسمة الآثار المكتشفة، نظام رفضه محمد علي باشا والي مصر، إذ كان يفضل عليه نظام الإهداء، فقد رأى أن تظل صفحة الآثار المصرية بيضاء ناصعة، لا تشوبها شائبة فلا تقتسم مع أجنبي، وتظل دائما ملكا لمصر، وبالفعل ظلت كذلك، دون أن يلحقها سواد من جراء قسمة غادرة حتى عهد الخديوي توفيق، بحسب كتاب «سرقات مشروعة» للكاتب أشرف العشماوي.
قانون قسمة الآثار
كان هوس البحث عن الآثار قد استشرى، وبالتبعية كما هو حالنا دائما، ظهرت طبقة جديدة في المجتمع المصري، تحفر وتعاون في التنقيب، وتبيع الآثار وتساعد على تهريبها للخارج، مقابل حفنة من المال، ورغم أن السنوات التي سبقت عام 1891 قد شهدت إصدار لوائح وقوانين تنظم عملية الحفر، وتشترط الحصول على رخصة أولا من «الأنتيكخانة» - صلحة الآثار المصرية في ذلك الوقت-، لكن عمليات السرقة وهوس الحفر قد اشتد أثره، وعظم أمره.
واستلزمت تلك التطورات تدخل الحكومة في عهد الخديوي توفيق، من خلال إصدار ديكريتو 17 نوفمبر 1891، الذي نص -لأول مرة- على نظام القسمة، والمقصود بها قسمة الآثار بين الدولة والمكتشف، وربما كان لهذا النظام هدف نبيل، وهو منع التهريب بتقنين خروج الآثار بصورة شرعية، أو لعله أراد القضاء على طبقة جديدة من المنتفعين بطرق غير شرعية من الحفر والتنقيب والتي ظهرت في هذه الفترة.
وهذ الفراغ فتح بابا واسعا لخروج الآثار المصرية إلى متاحف العالم، ومن دونه لكانت متاحف نيويورك وبرشلونة وباريس ولندن خالية من القسم المصري للآثار، ولم تكن ستعرض حينها سوى بعض القطع التي أهدتها لهم الحكومة المصرية أو بادلتها معهم بشكل رسمي، أي أن عدد الآثار المصرية في تلك المتاحف لم يكن ليبلغ بأي حال من الأحوال العدد الرهيب الموجود بها الآن.
ولقد كان هذا القانون مكونا من سبع مواد، نصفها –هدايا بنظام القسمة على ما يبدو أيضًا- يتحدث عن المصاريف التي يتكبدها مباشر الحفر والتنقيب، وأنه يتعين على الحكومة المصرية أن تتنازل له عن جزء من الآثار المكتشفة، وكأن القائمين على إصدار هذا القانون، لم يكونوا مقتنعين به بشكل أكيد، فأرادوا إقحام مبررات لتصرفهم في نصوص القانون ذاته.
وكانت هذه الحالة بالفعل حالة تشريعية شديدة الغرابة، أما الأغرب منها فهو كيفية القسمة، فقد كانت بقية النصوص تنص على أن كلا من مصلحة الآثار ومباشر الحفر والتنقيب يقومان بقسمة الآثار إلى قسمين متساويين في القيمة، ولا نعرف بالطبع من الذي كان يحدد القيمة، فالمصلحة لم يكن يعمل بها مصريون بل كانت تدار بواسطة أجانب، أما المكتشفون ومباشرو الحفر فكانوا من الأجانب أيضًا، لأن الحفر في نهاية القرن التاسع عشر لم يكن من اهتمامات المصريين، إلا عند دفن ذويهم فقط.