تاريخ «ترام القاهرة» وذكرى إضاءة شوارع المحروسة ليلا.. ظهر في مسلسل النص

تاريخ «ترام القاهرة» وذكرى إضاءة شوارع المحروسة ليلا.. ظهر في مسلسل النص

تاريخ «ترام القاهرة» وذكرى إضاءة شوارع المحروسة ليلا.. ظهر في مسلسل النص

خلال أحداث مسلسل «النص»، بطولة أحمد أمين، والذي تدور أحداثه في بداية القرن الماضي ومستوحى من كتاب «مذكرات نشال» للكاتب أيمن عثمان، يحرص صُنّاع العمل على تقديم معلومات تاريخية دقيقة عن تلك الفترة.

ومن بين التفاصيل التي تناولها المسلسل، ما حدث عند دخول الترام إلى شوارع مصر لأول مرة عام 1896، حيث سادت حالة من الدهشة والارتباك بين المصريين، واعتقد البعض أنه «عفريت»، في إشارة إلى تأثير التطورات التكنولوجية على المجتمع آنذاك.

وقد ورد في نهاية حلقة مسلسل النص الآتي: «لا يمكن أن نتحدث عن ترام القاهرة، دون أن نذكر ردة فعل المصريين عند رؤيتهم لأول عربة ترام، سنة 1896، حيث حدثت حالة من الهرج والمرج، لاعتقاد البعض أنه عفريت».

تاريخ ترام القاهرة من واقع مسلسل النص

وكان ترام القاهرة، الذي بدأ بخط واحد من بولاق إلى ميدان العتبة الخضراء، بمثابة نقطة تحول في تاريخ المدينة، حيث غيّر وجهها وثقافة التنقل فيها. ولم يكن مجرد وسيلة نقل حديثة، بل كان له تأثير عميق على حياة المصريين وثقافتهم، ويرى محمد سيد كيلاني في كتابه «ترام القاهرة» أن الترام لم يكن مجرد وسيلة انتقال حديثة، بل كان بداية التقاء سكان العاصمة مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجي.

يعتبر يوم 12 أغسطس سنة 1896، وهو اليوم الذي سارت فيه قطارات الترام تشق شوارع العاصمة، حدا فاصلا في تاريخ المجتمع القاهري، إذ انتقل فيه من طور البداوة والتأخر الذي يتمثل في استخدام الحمير والخيل وسيلة للانتقال، إلى طور الحضارة والمدنية الذي يتمثل في استخدام القوة الكهربائية.

لقد كان سواد الشعب في القاهرة يعانى مشقات هائلة في الانتقال من مكان إلى آخ ، من جراء استبداد أصحاب الحمير والعربات، وتحكمهم في الناس، وما يوجهونه للجمهور من ألفاظ وعبارات نابية، حتى أصبحت كلمة حمار، أو حوذى «عرجي» تعني سوء الأدب، وانحطاط الأخلاق، بل وكل صفة قبيحة.

ترام القاهرة

وكانت معظم الشوارع على الفطرة، كما وجدت منذ مئات السنين لم تمتد إليها يد الإصلاح، يسودها الظلام، ماعدا الرئيسية منها فإنها كانت تضاء بغاز الاستصباح. لذلك لم يكن انتقال الإنسان بالأمر السهل، بل كان عملا شاقا، وإذا حدث فإنه يتم نهارا، ولأمر هام، فماش سكان كل حي في عزلة تكاد تكون تامة عن بقية الأحياء الأخرى.

وفي أغسطس 1896، تم افتتاح أول خط لترام القاهرة، والذي امتد من ميدان العتبة الخضراء إلى القلعة، شهد حفل الافتتاح حضورًا رسميًا وجماهيريًا ضخمًا، ضم كبار رجال الدولة المصرية، وعلى رأسهم ناظر الأشغال حسين فخري باشا، بالإضافة إلى الأمراء والأعيان ومحافظ القاهرة والقناصل الأجانب.

مقاومة فئات الشعب لترام القاهرة

وقد غطت جميع الصحف الصادرة في ذلك الوقت هذا الحدث الهام، بينما تجمع سكان القاهرة لمشاهدة هذا الحدث الغريب وغير المسبوق. وقد ذكرت جريدة المقطم أن الأطفال كانوا يهتفون «عفريت.. عفريت»، إذ كان الأمر صادمًا لهؤلاء البسطاء الذين رأوا كتلة حديدية تتحرك على قضبان وتسير بالكهرباء، وهي طاقة لم يكونوا يعرفونها، وقد قامت الشركة الكهربائية بإنشاء محطة لتوليد الكهرباء على النيل لتشغيل الترام، مما دفع إلى مطالبات لاحقة باستخدام الكهرباء في المنازل والمصانع، لم يقتصر دور الترام على نقل الركاب وإخراجهم من أحيائهم المغلقة، بل ساهم أيضًا في إنارة شوارع القاهرة ومنازلها، حيث أدخل الكهرباء إلى العاصمة للمرة الأولى.

ترام القاهرة

وعلى الرغم من الاحتفاء الرسمي والشعبي بتشغيل ترام القاهرة، إلا أن المشروع واجه بعض المقاومة من الفئات التي شعرت بتهديد لمصالحها، إذ كانت المقاومة الأولى من أصحاب البغال والحمير، الذين كانوا يستخدمونها في نقل الركاب والبضائع، إذ نظر هؤلاء إلى الترام باعتباره منافسًا سيقضي على أعمالهم، فقاموا بتحريض الأطفال على تسميته بـ«العفريت»، بالإضافة إلى ذلك، أشاعوا بين العامة أن ركوب النساء للترام يصيبهن بالعقم، وذلك بحسب ما ذكر الدكتور نبيل الطوخي في كتابه «طوائف الحرف في مصر نهاية القرن التاسع عشر».