لم يعنينى منذ البداية أن أجتهد فى البحث عن أخبارها.. فقد أصبحت حديث الساعة لأيام طويلة.. فقط كنت أتلمس تطورات الموقف من مواقع التواصل الاجتماعى أو فى حوارات هامشية مع الأصدقاء.. فقط لأبدو متواصلاً مع المستجدات المحيطة.. الخلاصة أننى حاولت أن أظل متابعاً لحالتها -فقط- حتى لا يستنكر أصدقائى هذا الفتور الذى أحاول أن أخفيه بشأن تلك القضية التى هزت عرش تعليمنا الشامخ.. ووزيره بالطبع.. وهو ما يهمه تحديداً فى الأمر كله!..

لم يكن الصفر الذى حصلت عليه مريم يعنينى كثيراً.. ليس لأننى لا أصدقها.. ولا لأننى لا أكترث بظلم وقع على فتاة فى مقتبل عمرها.. ربما سيحفر بأظافره السوداء شقوقاً فى نفسها لن يمحوها الزمن.. بل وقد يجعل انتماءها نفسه لهذا الوطن فى مهب الريح.. وهى محقة إن فعلت!! ولكن الأمر أبسط بكثير..!

لقد حصلت «مريم» على صفر.. تلك هى الحقيقة الوحيدة فى الأمر كله.. هل وقع عليها ظلم؟ ربما وبشدة.. ولكن من الذى لم يظلم من قبل؟ من الذى لم يتهم بجريمة لم يقترفها وعوقب عليها؟ من الذى لم يشعر بالقهر حين وجد من لا يستحق فى مكان يفترض أن يجد نفسه فيه؟.. الأمر يصبح له شكل آخر خلال مراحل الدراسة المختلفة؟.. فمن الذى لم يملأ الدنيا صراخاً من قبل عندما ظهرت نتيجة أحد الاختبارات -وما أكثرها- مما مر بنا ولم تكن كما يرغب؟!

هل لم تكتب شيئاً داخل أوراق إجاباتها العشر؟ ربما أيضاً -مع استبعاد هذا الاحتمال بشدة- فالطالب وإن كتب الأسئلة فقط قد يحصل على درجة ما هنا أو هناك!! ولكن الاحتمال يظل قائماً أنها لم تكتب شيئاً.. وحصلت على ما تستحق!!

الأصل فى الأمر أنها رسبت.. بل وحصلت على درجة غير مسبوقة فى تاريخ الثانوية العامة المهيبة..! والأصل أيضاً أنها لم تظلم فى امتحان فقط..! بل ظلمت فيما هو أكثر بكثير!

لقد ظلمها الإعلام حين جعل منها بطلة لقصة لم ترغب أبداً أن تكون بطلتها.. وظلمها الناس حين افترضوا أنها مثال حى للظلم الذى يقع على أبنائنا دوماً فى تلك المرحلة الحاسمة من تاريخهم.. لقد كتب عليها أن تحمل على عاتقها بكائية لن ينساها الجميع لفترة ليست بالقصيرة.. لقد اهتزت وبشدة نفسياً بكل تأكيد.. فهى لم تنضج بالقدر الذى يحتمل كل هذه الأضواء السلبية فى هذا الوقت القصير.. لقد ظلمها الجميع.. وليس المصحح فقط!

الطريف أن الجدل قد اختلف نوعه منذ أن أعلنت مصلحة الطب الشرعى تطابق أوراق إجابتها مع خطها.. لتغلق القضية بأنها حصلت على «صفرها» باستحقاق!.. الجدل لم يعد حول مريم نفسها.. بل تحول إلى الفساد الذى طال المصلحة.. إنه ذلك الشعور الذى يعتريك حين يفسد أحدهم كل ما ترتب فى ذهنك من افتراضات.. شعور عدائى غير مسبب.. ولِم لا؟ فقد أفسد تقرير الطب الشرعى القصة من جذورها.. وهدم كل سيناريوهات البكاء التى سطرها كل من قرأ قصتها.. حتى مذيعو التوك شو اللامعون.. لقد أصبحوا فى حرج بالغ بعد تعاطفهم الذى لم يحاولوا إخفاءه.. وانتقادهم اللاذع لوزارة التعليم!.. إنه الشعور بالحنق لأن أحدهم قد أفسد لعبتك التى تسليك الأيام الماضية!!

لا أنكر أن وزارة التعليم ووزيرها «الهمام» لم يظلموا قط فى الهجوم الذى تعرضوا له خلال الأيام الماضية.. ولا أخفيكم سراً أن الأمر كان يروق لى بشدة أن أجد سيادة الوزير فى هذا المأزق الحرج.. بل إن رغبتى فى ظهور أحقية مريم فى شكواها ربما كانت من أجل أن تطيح بسيادة الوزير من منصبه.. وليتها فعلت! ولكن الأمر قد أتى بما لا تشتهى نفسى والكثيرين!!

الأمر لا يخلو من أسئلة كثيرة لم يجب أحد عنها.. مثل إنه كيف تحصل من كانت من المتفوقات على هذا الصفر اللعين؟ هل عانت من حالة نفسية ما بسبب رهبة الامتحان جعلتها تعجز عن الإجابة تماماً.. هناك حالة يعرفها أطباء علم النفس تدعى «الانسداد الدماغى» أو الـmental block.. هل كانت مريم إحدى ضحاياها؟ إنها أسئلة ستنضم إلى غيرها من ألغاز هذا الكون.. فلا إجابة لها إلا عند «مريم» التى أشفق عليها بالفعل.

لقد انتهت قصة مريم.. وتبقى قصص جديدة لم تسرد بعد.. سيجد فيها البعض ضالته للتسلية قطعاً.. وسيدخل البعض الآخر فى جدال جديد حول الظلم الذى لا يتوقف!! ولكن.. ومن الذى لم يُظلم من قبل؟!

• التواصل الاجتماعى
• التوك شو
• تاريخ الثانوية العامة
• تقرير الطب الشرعى
• حالة نفسية
• أخبار
• أسئلة
• أصدقاء
• التواصل الاجتماعى
• التوك شو
• تاريخ الثانوية العامة
• تقرير الطب الشرعى
• حالة نفسية
• أخبار
• أسئلة
• أصدقاء
• التواصل الاجتماعى
• التوك شو
• تاريخ الثانوية العامة
• تقرير الطب الشرعى
• حالة نفسية
• أخبار
• أسئلة
• أصدقاء
• التواصل الاجتماعى
• التوك شو
• تاريخ الثانوية العامة
• تقرير الطب الشرعى
• حالة نفسية
• أخبار
• أسئلة
• أصدقاء