المناورة انتهت

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

نعرف أنّ تهجير الفلسطينيين من أرضهم تمَّ التخطيط له منذ سنوات، أصبح نقل الفلسطينيين وتفريغ الأرض وتصفية القضية هدفًا أساسيًا تسعى إليه إسرائيل، وعلى مدار سنوات كانت التحركات الإسرائيلية في كل اتجاه لتنفيذ هذا المخطط.

أفكار كثيرة عُرِضت في هذا الشأن، إلى أن جاء القائد العسكري جيورا آيلاند والذي تولَّى منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، وقام ببلورة هذه الأفكار في فكرة واحدة، ودعا كافة المسؤولين الإسرائيليين لتنفيذها بحذافيرها لكي يتم تصفية القضية الفلسطينية.

منذ اليوم الثاني بعد أحداث 7 أكتوبر 2023 بدأ عدد من وزراء حكومة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في البوح بهذا المُخطط.

خرج بتسلئيل سموتيرتش، وزير المالية الإسرائيلي، وقال تصريحًا في غاية الخطورة واعتُبر بمثابة كشف علني عن المخطط الإسرائيلي، وقال نصًا: «تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة هو الرد المساوي لأحداث 7 أكتوبر».

إيتمار بن غفير، وزير الأمن السابق، دعا إلى خروج الفلسطينيين من غزة للأبد وعدم عودتهم، بل وقام حزبه المسمى قوة يهودية بالإعلان عن مشروع قانون تمَّ تقديمه للكنيست الإسرائيلي يقضي بتقديم حزمة مساعدات مالية لكل فلسطيني يقبل التهجير ويخرج من أرضه.

يسرائيل كاتس، نائب في الكنيست سابقًا ووزير الخارجية الإسرائيلي السابق ووزير الدفاع الحالي، كان قد اقترح إنشاء جزيرة صناعية قبالة سواحل غزة لنقل أهالي غزة إليها وتفريغ غزة والسيطرة عليها، والآن دعا لإنشاء إدارة جديدة داخل الجيش الإسرائيلي لتكون مسؤولة عن تنفيذ المخطط.

ميكي روهر، وزير الثقافة الإسرائيلي، دعا إلى ضرورة تهجير الفلسطينيين واستغلال الفرصة الحالية للإسراع في تنفيذها.

رون ديرمر، أحد المقربين لنتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية، يُعتبر أقوى المتحمسين لتنفيذ مخطط التهجير بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، وحاول إقناع عدد من الدول لقبول تهجير الفلسطينيين لأراضيها.

إيلي كوهين، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، كان قد أنشأ فرقًا أجرت مفاوضات مع حكومتي دولتي رواندا والكونغو لقبول المهجَّرين طوعًا من غزة، وتمَّ إطلاع نتنياهو على جميع التطورات.

جيلا غملائيل، إحدى أهم عضوات مكتب نتنياهو سابقًا والنائبة في الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود سابقًا ووزيرة المساواة الاجتماعية وحماية البيئة سابقًا ووزيرة الاستخبارات حاليًا، قالت: «أدعو المجتمع الدولي لإعادة توطين أهالي غزة خارج القطاع، ولا بد من تهجير الفلسطينيين».

بعد مرور أسبوعين فقط من أحداث 7 أكتوبر 2023 قامت جيلا غملائيل بإعداد ورقة عمل لعرضها على مجلس الوزراء الإسرائيلي، بها تصور كامل لخطة التهجير، مفادها: «تهجير أهالي غزة إلى مصر والأردن»، وفي حالة فشل ذلك يتم تهجيرهم إلى أوغندا وكينيا وبوروندي أو محافظة الأنبار في العراق، لأنها محافظة بها أراضٍ زراعية شاسعة وتوجد بها مياه ري ويمكن عمل أهالي غزة بالزراعة هناك، أو يمكن نقلهم إلى أستراليا أو كندا، وهُما دولتان تفتحان باب الهجرة إليهما، وهناك سهولة في نقل أهالي غزة إليهما.

كل هذا المخطط اعتبرناه مناورة إسرائيلية للضغط لتنفيذه، مخطط اعتبرناه أوهامًا إسرائيلية يسعون لتنفيذه، مخطط اعتبرناه أحلامًا إسرائيلية يستهدفون تحقيقها.

لكنها مناورة وانتهت، أوهام وتبخرت، أحلام وصعبة المنال وتحطمت أمام وقفة مصرية عربية قوية رافضة لهذا المخطط، بل ساعية لتنفيذ مقررات الشرعية الدولية بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.