القمص عبدالمسيح بسيط: الكنيسة تعاقب أصحاب "الأفكار الخاطئة"

كتب: مصطفى رحومة

القمص عبدالمسيح بسيط: الكنيسة تعاقب أصحاب "الأفكار الخاطئة"

القمص عبدالمسيح بسيط: الكنيسة تعاقب أصحاب "الأفكار الخاطئة"

قال القمص عبدالمسيح بسيط، أستاذ اللاهوت الدفاعى بالكنيسة الأرثوذكسية، راعى كنيسة العذراء بمنطقة «مسطرد»، مدير معهد دراسات الكتاب المقدس فى شبرا الخيمة، إن الكنيسة تعاقب أصحاب الأفكار الخاطئة حتى لا تتسرّب أفكارهم إلى الناس ويتسببوا فى انقسام الكنيسة، مشيراً إلى أن حرية الرأى والتعبير مكفولة داخل الكنيسة ومسموح بها بعيداً عن العقيدة وثوابت الدين وتشويه صورة رجال الدين. وأضاف «عبدالمسيح» فى حوار لـ«الوطن»، أن الكنيسة تحمى نفسها من الهرطقة بمنع الكتب المخالفة للعقيدة، معترفاً فى الوقت نفسه بأن تصدِّى الكنيسة لرواية «عزازيل» ساعد فى انتشارها وزيادة شعبيتها.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى إصدار الكنيسة خلال السنوات الماضية قرارات بالتحذير من، أو منع، عدد كبير من الكتب بحجة «حماية الإيمان الأرثوذكسى»؟
- مبدئياً، الكنيسة تحرص من خلال عملية المنع، على لفت نظر أولادها إلى الكتابات غير السليمة عقائدياً، وتنبيه المكتبات المسيحية إلى عدم عرض هذه الكتب وتوزيعها، مما يقلل عدد منافذ توزيعها، وفضلاً عن موافقتى الشخصية على قرارات الكنيسة، فإن أفضل الرد على الخطأ أن يكون بطريقة تقنع الشخص بالقرار المتخذ والصائب فى كل الأحوال، وأن يتم عرض أسباب عملية المنع أو التحذير.
■ هل تعتقد أن محاربة الكتب المخالفة عقائدياً بتهم مثل «الهرطقة والنسطورية» هى حماية للإيمان؟
- واجهت الكنيسة عبر تاريخها أفكاراً هرطقية ونسطورية، ومن واجبها أن توضح للناس نوع الفكر الذى تروّج له تلك الكتب، لتعريف أفراد الشعب به، لأنهم أناس بسطاء ومطحونون فى البحث عن «لقمة العيش»، ووقت القراءة لديهم ضيق، بل هناك من لا يستطيع القراءة أصلاً، ولذا يجب على الكنيسة أن توضح لهم ما تحتويه هذه الكتب، والكنيسة تصدر تحذيراتها للخدام والكهنة لحماية نفسها من هذا الفكر، وتوعية الشعب به، لأنهم يأخذون معلوماتهم من الكنيسة.
■ هل صحيح أن الكنيسة تواجه أزمة فى التعليم داخلها هى السبب فى بروز تلك الظاهرة؟
- ليست بهذه الدرجة، لكن المعلمين بالكنيسة لديهم مواهب متنوعة من شخص إلى آخر، فهناك اللاهوتى والروحانى والمتخصص فى الكتاب المقدس وغيرهم من المتخصصين فى الألحان أو الترانيم مثلاً، وقد يوجد فى كنيسة كهنة غير متخصصين فى اللاهوت أو التاريخ الكنسى، والكنيسة حينما تتصدى لتلك الكتب وتوضحها، فإنها تلفت نظر شعبها، خوفاً من أن يتسرّب هذا الفكر الهرطقى داخلها، حماية لنفسها.
■ ألا ترى أن الكنيسة تساعد فى الترويج لهذه الكتب المخالفة للعقيدة عبر تطبيق مقولة «الممنوع مرغوب»، وأنكم تقدمون دعاية لها دون قصد؟
- الكنيسة تحرص على أن تكون دائرة المنع غير معلنة وفى أضيق الحدود، لكن التصدى للكتب الشعبية والروايات الأدبية مثل «عزازيل»، التى كُتب فيها 35 مقالاً وحواراً وأجرى العديد من اللقاءات التليفزيونية عنها، كان كل ذلك سبباً فى شهرتها وتوزيعها، فتصدِّينا للرواية زاد انتشارها، وتم ملاحظة ذلك، لكن الكنيسة حينما تهاجم شخصاً داخل الإطار الكنسى فإن الأمر يختلف عن شخص خارج أسوارها، لأن مَن بالداخل قد يتسرّب تعليمه كحقائق وعقيدة أرثوذكسية، ولذا يتم حالياً التنبيه بالكتب المخالفة عبر الخدام والكهنة، لعدم الترويج لها.
■ البعض يتساءل: أين حرية الفكر والتعبير داخل الكنيسة حينما تتم مهاجمة الكتب الإصلاحية أو الأدبية؟
- الدين به ثوابت، مثل أن الله واحد، وحينما أقول إن الله اثنان فهذا تخريب للدين، حرية التعبير تكون فى إبداء رأى بعيد عن العقيدة، لكن الثوابت الدينية لا يجب تخريبها باسم الفكر والتعبير، كذلك لا يجب تشويه صورة رجال الدين تحت هذا المنطق، فهو غير مسموح به، فالحرية ليست فى تخريب الكنيسة أو الطعن فى صورة رجال الدين، ولكن التعبير يكون بالانتقاد وتقديم اقتراحات بنّاءة، وحرية الرأى والتعبير مسموحة بالكنيسة، بعيداً عن العقيدة أو تشويه رجل الدين، لأنك تساعد بذلك على الإلحاد.
■ وكيف ترى وقوع عدد من أساقفة الكنيسة فى أخطاء عقائدية وتقديمهم كتباً مخالفة للعقيدة؟
- لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ، ويجب أن يكون من يراجع الكتب بأنواعها المختلفة ويكتب مقدماتها متخصصاً فى الكتاب الذى يراجعه، سواء كان لاهوتياً أو روحانياً أو طقسياً أو تاريخياً.
■ أليست معاقبة الكنيسة أشخاصاً بسبب كتبهم تعد أمراً فيه تعسف وإغلاق لباب التوبة الذى يُفترض أن تحرص الكنيسة على فتحه؟
- الكنيسة لا تعاقب الشخص المخطئ مباشرة، لكنها تجلس معه وتحاول إفهامه أخطاءه، وحينما يصر ويعاند تعاقبه لمواجهة فكره، وحتى لا تنتشر مثل هذه الأفكار بين الناس وتسبّب الانقسام فى الكنيسة، وهناك مخطئون يتراجعون ظاهرياً، وهناك من يتراجع عن إدراك واقتناع، مصححاً خطأه، والكنيسة لا تفضّل التشهير بالمخطئين حينما تعاقبهم، وتفتح لهم دائماً أبواب التوبة، لكن ماذا تفعل مع المصرِّين على الخطأ؟


مواضيع متعلقة