الكذب.. والحياة الزائفة
- المؤسسات الصحفية القومية
- المؤسسات القومية
- الهيئة الوطنية للصحافة
- جدول المشتغلين
- جمعية عمومية طارئة
- حرية الصحافة
- عقد جمعية عمومية
- المؤسسات الصحفية القومية
- المؤسسات القومية
- الهيئة الوطنية للصحافة
- جدول المشتغلين
- جمعية عمومية طارئة
- حرية الصحافة
- عقد جمعية عمومية
لا يبرأ فرد أو يخلو مجتمع من الكذب في بعض الأحوال. الناس جميعا يعيشون لحظات كذب، لكن اللعنة تحل على الفرد والمجتمع حين يصبح الكذب صناعة يتكسب منها الإنسان في الحياة. وما أروع قول الله تعالى في سورة «الواقعة»: «وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ»، ذلك القول الذي يصف حال أفراد أو مجموعات بشرية يقتاتون على الكذب، وينظرون إليه كمصدر من مصادر الرزق.
تحول الكذب إلى صناعة يصيب الأفراد والمجتمعات باللعنة لا لشيء إلا لأن الكذب هو أصل النفاق، ولعلك تذكر أنّ النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم جعل الكذب أول وأبرز علامة من علامات المنافق: «إذا حدث كذب».
وقد توعد الخالق العظيم الكاذبين باللعنة.. قال تعالى: «وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ». فلعنة الله تحل على الكاذبين، لأن المجتمعات التي تؤسس على الكذب تعيش حياة زائفة، فلا شيء يزيف معطيات الحياة وأحداثها وتفاعلاتها أكثر من الكذب، فحين يصبح الحديث داخل المجتمع حديث إفك ونفاق يصبح وعى الأفراد زائفا، وحين يزيف وعي الأفراد يخرب الواقع الذي يعيشون في ظلاله.
مخاطر الكذب كانت واضحة لدى كل الشعوب والتجمعات البشرية الواعية، حتى المجتمعات التي عاشت مرحلة الوثنية كانت تستوعب الآثار الخطيرة التي تترتب على سيطرة الكذب على الحياة. انظر على سبيل المثال إلى أبي سفيان بن حرب وهو يجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايع على الدخول فى الإسلام، لقد قال له النبىي: تبايعني على ألا تكذب؟ فرد متعجبا: أوَيكذب الرجل؟!. تصور أن رأس الشرك الذي وقف في مواجهة النبي وقاد المعارك القتالية ضده في بدر وأحد والأحزاب يرد هذا الرد حين سأله النبي البيعة على عدم الكذب. فهو يرى أن الصدق علامة الرجولة، وأن الرجل الذي يكذب ناقص الرجولة، وربما معدومها. لقد كان العرب -قبل البعثة- يدركون أنّ الكذب سبب من الأسباب التي تجلب اللعنة والخراب على المجتمعات، لذا عدوه علامة على غياب الرجولة. فالرجل الحقيقي لا يكذب لأنه ليس ضعيفا أو جبانا.
والكذب حين يكون على الله يبرز كأصل من أصول الكفر.. قال تعالى: «انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ»، ويبرز أيضا كأصل من أصول الظلم.. قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ». والكذب حالة تؤدي إلى تخريب الفكر داخل المجتمع عندما يتجه الأفراد إلى نشر الأراجيف والترهات وتغييب الحقائق، وتزداد الخطورة في هذه الحالة حين يتعلق الأمر بالتحليل والتحريم، وهما مسألتان موكولتان إلى الله ورسوله. قال تعالى: «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ».
لا يفلح فرد عاش على الكذب، ولا تفلح مجموعة بشرية ارتضت بالكذب أساسا لحياتها، لأن الكذب لعنة.