رسالة مصر الحاسمة للعالم: رفض «التهجير وتصفية القضية الفلسطينية»

مصطفى عمار

مصطفى عمار

كاتب صحفي

القائد ليس مجرد مسؤول يجلس على قمة السلطة، بل هو درع الوطن وحامي مصالحه، الذي يزن قراراته بميزان الوطنية والمصلحة العليا لشعبه. وفي الأوقات العصيبة، يظهر معدن القادة الحقيقيين الذين لا يخضعون للضغوط، ولا يساومون على المبادئ، ولا يقبلون أن يكونوا جزءا من مخططات تُهدد أمن بلادهم أو تستهدف استقرارها. هذه هي القيادة الحقيقية التي تجسدت في موقف الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما أعلن، بكل وضوح وحسم، أنّ «ترحيل أو تهجير الشعب الفلسطيني هو ظلم لا يمكن أن نشارك فيه».

خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس الكينى ويليام روتو فى قصر الاتحادية، وضع الرئيس السيسى النقاط على الحروف، مؤكدا أن الموقف المصرى من القضية الفلسطينية ليس محل مزايدة أو تغيير، بل هو ثابت تاريخى راسخ يقوم على رفض أى محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول غير عادلة على حساب الشعب الفلسطيني أو الأمن القومي المصري.

هذه الكلمة ليست مجرد تصريح عابر، بل هي رسالة كاشفة وحاسمة للعالم أجمع، وخاصة للقوى التي تحاول فرض حلول غير عادلة أو استغلال الأوضاع الراهنة في غزة لتمرير مخططات تهدد أمن المنطقة، أراد الرئيس السيسي أن يُسمع الجميع، داخل مصر وخارجها، أن مصر لن تقبل بأن تكون طرفا في أي مؤامرة تستهدف الفلسطينيين أو تغير ملامح القضية الفلسطينية، وأنه لا مجال للتلاعب بأمن مصر تحت أي ظرف.

الموقف المصري الذي عبّر عنه الرئيس السيسي ليس مجرد تعاطف مع الفلسطينيين، بل هو رؤية استراتيجية لحماية الأمن القومي المصري. فتهجير الفلسطينيين إلى سيناء كما يخطط البعض، ليس فقط اعتداءً على حقوق الفلسطينيين، بل تهديد مباشر لأمن مصر واستقرارها، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى خلق توترات طويلة الأمد على الحدود، وفتح المجال أمام تدخلات خارجية تزيد من تعقيد الأوضاع في المنطقة.

الرئيس السيسي، كرجل دولة يدرك تعقيدات السياسة الدولية، يعلم أنّ السماح بتهجير الفلسطينيين إلى مصر يعنى تحويل سيناء إلى ساحة لصراع طويل الأمد، وهو ما لن يسمح به أبدا. لذلك، كان موقفه واضحا: لا يمكن القبول بمثل هذا الطرح، ولا يمكن لمصر أن تتحمل تبعات مخططات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حسابها.

هذا الموقف الحاسم يعكس عقيدة الرئيس السيسي في الحكم: تقديم مصلحة مصر وأمنها فوق أي اعتبار آخر. مصر، التي تحملت عبر تاريخها مسؤوليات كبرى تجاه قضايا الأمة العربية، ليست مطالبة اليوم بأن تدفع وحدها ثمن الفشل الدولي في تحقيق السلام العادل. ومن هنا، فإن موقف السيسي يعكس إدراكا عميقا لمتطلبات الأمن القومي المصري، ورفضا تاما لأي محاولات للضغط على مصر كي تتخذ قرارات ضد مصلحتها.

الرئيس السيسي، ومنذ توليه المسؤولية، جعل أمن مصر واستقرارها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه، وموقفه من قضية تهجير الفلسطينيين ليس إلا امتدادا لهذه العقيدة. فهو يعلم أنّ مصر ليست مجرد دولة يمكن استغلالها لحل الأزمات، بل هي دولة ذات سيادة، تُدير سياستها وفق مصالحها القومية، وليس وفق إملاءات الآخرين.

بهذه الكلمة القوية، وجه الرئيس السيسي رسالة واضحة إلى كل من يراقب المشهد: مصر لا تساوم على ثوابتها، ولا يمكن أن تكون طرفا في أي ترتيبات لا تخدم القضية الفلسطينية، أو تهدد أمنها القومي. أراد الرئيس أن يُدرك الجميع أن القيادة المصرية ليست ضعيفة أمام الضغوط، ولا تقبل أن تُفرَض عليها حلول جاهزة، بل تدافع عن مصالحها بصلابة وشرف.

كما أن هذه الرسالة تُعد بمثابة تذكير للعالم بأنّ الحل العادل للقضية الفلسطينية لا يكون بتهجير الفلسطينيين، بل بإقامة دولتهم المستقلة على أراضيهم، وفق قرارات الشرعية الدولية. وأي محاولة لفرض سيناريوهات بديلة ستُواجَه برفض حاسم، ليس فقط من مصر، بل من كل الشعوب العربية التي ترفض تصفية القضية الفلسطينية.

بهذا الموقف، أثبت الرئيس السيسي مرة أخرى أنه زعيم وطني من طراز فريد، قائد لا يساوم على أمن بلاده، ورجل دولة يضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار. لقد تحدث باسم المصريين جميعا، وعبّر عن مشاعرهم، وأكد أن مصر ستظل دائما في صف العدل والحق، لكنها لن تسمح بأن يكون أمنها القومى موضع مساومة أو ضغط.

كلمته موقف وطني يبعث الفخر في نفوس المصريين، ويجعلنا جميعا نشعر بالاعتزاز ببلدنا وقيادتها. في زمن كثر فيه المتخاذلون، وقف الرئيس السيسي كجبل راسخ، مدافعا عن مصر وعن حقوق الفلسطينيين في آنٍ واحد. وهذه هي القيادة الحقيقية التي تُسجَّل في صفحات التاريخ بحروف من ذهب.