يوم خاص في حب مصر بدار الأوبرا المصرية

يوسف القعيد

يوسف القعيد

كاتب صحفي

دعانى المثقف الكبير أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصرية، لحضور الاحتفال والاجتماع المهم الذى أقيم ظهر يوم الأربعاء الماضى بدار الأوبرا المصرية، والذى دعا كل مثقفى مصر الآن بلا استثناء لحضور الاحتفالية.

حضر الاجتماع التاريخى والمهم الدكتور أشرف العزازى، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة. ورحَّبت بنا الدكتورة لمياء زايد، مديرة دار الأوبرا المصرية، والتى جعلت منها بيتاً للثقافة العربية والعالمية، أُحب الذهاب إليه يومياً.

رأيت أطياف المثقفين المصريين بشكل جميل وبعيداً عن الاجتماعات الرسمية، وسمعتُ منهم ما يقولونه بعيداً عن الرسميات. كان هناك الفنان يحيى الفخرانى الذى لم يكتف بالحصول على تكريمه، بل وجَّه كلمة مهمة للحاضرين، ارتجلها ولم يكن قد أعدها مسبقاً، وإن كانت كلمة مهمة.

أيضاً الدكتور مصطفى الفقى، المثقف المصرى والعربى الكبير، تحدَّث عن المناسبة وعن الوطن وعن الثقافة وقيمتها فى حياتنا. بعد تكريمه تحدَّث مروان حامد نجل صديقنا وأخينا المرحوم وحيد حامد الذى ما زال بيننا بإبداعاته ورؤاه وبما قدَّمه للسينما المصرية والدراما التليفزيونية من أعمال ما زالت حيَّة وباقية بيننا. وستظل كذلك لسنواتٍ طويلة قادمة.

الشيخ ياسين التهامى الذى جاء ليهنئ المثقفين المصريين، ويُهنئ نفسه لأنه وسطهم. هكذا قال لى، خاصة أنه لم يُقدِّم عروضاً مما يقوله عادة فى هذه اللقاءات. رأينا صورة المرحوم صلاح السعدنى وهو يؤدى دوره فى أحد المسلسلات، وسمعنا اسمه وتذكرنا ما تركه لنا من أعمالٍ خالدة، أيضاً عمر، نجل الفنان حسن يوسف. احتفلنا أيضاً ببشير الديك ومصطفى فهمى وحلمى التونى والدكتورة سيزا قاسم والفنان نبيل الحلفاوى والموسيقار حلمى بكر. ورغم الكلام عن الذين لوّحوا لنا بمناديل الوداع مع رحيلهم عن الدنيا، فإن الأحياء نالوا ما يستحقونه من التكريم. الروائى إبراهيم عبدالمجيد صاحب الروايات المتميزة والتى شكَّلت ملمحاً مهماً فى تطور الرواية العربية مؤخراً.

من الذين شملهم التكريم الدكتورة نيفين مسعد الأستاذة الجامعية والباحثة السياسية المهمة، والتى أحرص على متابعة ما تكتبه. إن هذا التقليد الذى بدأ هذا العام، وأرجو أن يستمر فى الأعوام القادمة، مسألة مهمة لأن ثقافة مصر ودور مصر الثقافى من الأمور التى لا بد أن نعتبرها أساسية عند التوقف أمام التجربة المصرية الرائدة والعظيمة. خصوصاً أن وزير الثقافة أعلن بوضوح كامل أننا نحتفل بصُنَّاع الهوية المصرية، وأنه يوم تكريم مُبدعى مصر، وأن هذا اليوم أقيم تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية.

الاحتفال أشاع حالة من التوقف أمام الإنجاز الثقافى المصرى، ومصر دولة ذات دور، وهذا الدور يلازمها منذ فجر التاريخ وحتى الآن، وسيظل معها إلى أبد الآبدين. لذلك كنتُ سعيداً وأنا فى الطريق إلى دار الأوبرا، وأثناء العودة منها بعد الاحتفال متصوراً أننى قمتُ بواجب تجاه مُبدِعى بلدى الراحلين قبل الأحياء. وقلت لمن رحلوا إننا سنتذكرهم من هذه اللحظة وإلى الأبد.

أما الأحياء فنظرتُ لهم شاكراً لأنهم رفعوا اسم مصر عالياً خفاقاً فى الأعمال الأدبية والإبداعات الفنية، سواء فن تشكيلى أم كتابة أغانٍ أو تلحينها، أو القيام بأدائها وإسعاد كل من يستمع إليها لأنه قُدِّر له أن يعيش فى بلدٍ له دور ثقافى متميز عن الدنيا كلها، والحمد لله أن لدينا فى مصر الآن وزير ثقافة هو الدكتور أحمد فؤاد هنو، الذى يعرف قيمة الفن ويمارسه بحب وإتقان ويحرص على متابعة المثقفين المصريين أياً ما كانت أماكن وجودهم.

وقبيل هذا الاحتفال بأيام كان فى صعيد مصر يطمئن على ثقافة تلك البلاد البعيدة التى ربما أهملناها فى بعض الأوقات واعتذرنا لها وعُدنا بأسرع من السرعة لأن كل مصر تعنينا جميعاً شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، وأن شرعية الدور الثقافى فى القاهرة عاصمة البلاد تأتى من اهتمامنا بها ومتابعاتنا لما يجرى فى كل شبرٍ من أرض الوطن.

كان يجلس بجوارى الشيخ ياسين التهامى، وهى صُدفة لم أُرتب لها، فعلى مكتبى كتاب أهداه لى الدكتور محمد الباز الصحفى والكاتب والإعلامى عنه، عنوانه: ياسين التهامى أسرار عميد دولة المداحين. وهو كتاب يستحقه بكل جدارة هذا الذى يجمع لنا تراثنا الغنائى من كل شبر فى بر مصر.