الضغوط الإسرائيلية على الحدود والتدخلات تهدد الأمن القومي والوحدة الوطنية اللبنانية

الضغوط الإسرائيلية على الحدود والتدخلات تهدد الأمن القومي والوحدة الوطنية اللبنانية
يواجه لبنان بقيادة الرئيس الجديد جوزيف عون مجموعة من التحديات الخارجية المعقّدة التى تتطلب حكمة ومرونة فى التعامل، على رأسها الضغوط الكبيرة من قِبل القوى الإقليمية والدولية التى تُؤثر فى السياسة اللبنانية بشكل مباشر، وتشمل الضغوط الإسرائيلية على حدوده، والتدخّلات الإقليمية المتعدّدة فى الشئون اللبنانية، إضافة إلى التوترات مع القوى السياسية فى المنطقة، فضلاً عن تحديات إعادة بناء العلاقات مع محيطه العربى والدولى، لاسيما بعد سنوات من العزلة والتأزم السياسى، بما يُشكل اختباراً كبيراً للعماد جوزيف عون، الذى يسعى لتحقيق الاستقرار السياسى وتعزيز سيادة لبنان فى وجه التحديات الخارجية التى تُهدّد أمنه ووحدته الوطنية.
المحلل السياسى اللبنانى خليل القاضى، أكد لـ«الوطن»، أن انتخاب عون لرئاسة الجمهورية يُمثل فرصة للبنان للخروج من حالة الشغور الرئاسى التى استمرت لمدة عامين ونصف العام، وأثرت سلباً على علاقة لبنان بالمجتمع الدولى والدول العربية، موضحاً أن انتخابه جاء بدعم وتوافق من اللجنة الخماسية، التى لعبت فيها مصر والسعودية والولايات المتحدة دوراً رئيسياً: «خطاب القسم الذى ألقاه الرئيس جوزيف عون ارتكز على سيادة لبنان وإحياء العلاقات مع المجتمع الدولى والعربى بما يخدم مصلحة البلاد. وأشار إلى أن لبنان المعافى والمستقر يُمثل مكسباً للدول العربية والغربية على حد سواء».
وفى ما يتعلق بالتحديات الخارجية، أوضح «القاضى» أن لبنان يقف على أعتاب انتهاء مهلة الستين يوماً لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة أكدت التزامها بالضغط على إسرائيل للانسحاب من المناطق اللبنانية التى احتلتها بعد العدوان الأخير: «الرئيس الجديد، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، يتحمّل مسئولية مضاعفة لضمان تنفيذ القرار الدولى 1701، وتعزيز انتشار الجيش اللبنانى فى الجنوب، ومنع أى انتهاك للسيادة اللبنانية».
«القاضي»: يجب أن تتحول «بيروت» إلى عامل استقرار في المنطقة.. وعودة النازحين السوريين إلى بلادهم ضرورة
ووصف ملف النزوح السورى بأنه يمثل تحدياً كبيراً أمام الرئيس، خاصة فى ظل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية التى تتحمّلها لبنان، إلى جانب ضرورة وجود توافق لبنانى داخلى وحكومة متجانسة لمعالجة هذه القضية بشكل حاسم، مشدداً على أهمية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم مع دعم المجتمع الدولى لتأمين المساعدات داخل سوريا: «جميع الأطراف اللبنانية متفقة على رفض التوطين الفلسطينى فى لبنان كالتزام بالقضية الفلسطينية، ويجب استعادة لبنان لدورها الفاعل والمؤثر فى جامعة الدول العربية، وأن تصبح عامل استقرار وتعاون مع الدول العربية، بدلاً من مصدر قلق». وأشاد بالدور المصرى الداعم للبنان فى مختلف الأزمات، معرباً عن أمله فى أن تشهد المرحلة المقبلة تعاوناً أكبر بين لبنان والدول العربية والغربية، وتعاون جميع الأطراف وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية.
«إسماعيل»: نجاح أي مسار يتطلب توحيد الصف داخلياً وتعزيز العلاقات خارجيا
واستعرض الدكتور محمد صادق إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية ومدير المركز العربى للدراسات السياسية، التحديات الكبرى التى تواجه الرئيس اللبنانى الجديد على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، لافتاً إلى أن نجاحه يعتمد على توحيد الصفوف داخلياً وتعزيز العلاقات خارجياً لتحقيق الاستقرار: «يواجه الرئيس جوزيف عون تحدياً كبيراً يتمثل فى ضرورة توحيد الكتل السياسية اللبنانية المختلفة فى ظل الانقسامات المستمرة بين جبهتى 8 آذار و14 آذار، بالإضافة إلى الجبهات الأخرى، وهو ما أسهم فى تعميق الأزمات السياسية فى البلاد».
وعلى صعيد العلاقات الخارجية، أشار إلى أهمية تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية والمجتمع الدولى وتحسين العلاقات بما يخدم المصالح اللبنانية ويدعم خطط التنمية السياسية والاقتصادية المستقبلية، وتطرّق إلى الأزمة الاقتصادية التى جاءت نتيجة تحديات خارجية طاحنة بسبب الحرب والخسائر التى تجاوزت 8 مليارات دولار.
وأوضح «إسماعيل» أن الأمن يُمثل تحدياً كبيراً أمام الرئيس جوزيف عون، خاصة بعد الحرب التى خاضها حزب الله مع إسرائيل التى خلّفت تداعيات خطيرة، وقد تعود المواجهات حال حدوث خروقات عسكرية من أى طرف، مؤكداً أن الرئيس عون، بصفته القائد السابق للجيش اللبنانى، يمتلك الخبرة اللازمة لتوحيد صفوف الجيش وتعزيز الأمن فى ربوع البلاد، تزامناً مع ترسيم الحدود البرية والبحرية كجزء من خطط الرئيس، لضمان استقرار لبنان أمنياً.
وأشار إلى أن التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية تتقاطع فى ما بينها، ونجاح أى مسار يعتمد على تحقيق الاستقرار فى المسارات الأخرى، معرباً عن أمله فى أن يتمكن الرئيس جوزيف عون من قيادة لبنان نحو مستقبل أفضل، كما أن توحيد الصفوف والعمل المشترك هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك.