مساعٍ برلمانية لدمج «البرمجة» ضمن المناهج التعليمية بالمدارس

مساعٍ برلمانية لدمج «البرمجة» ضمن المناهج التعليمية بالمدارس
لأن الفرص المجانية المتاحة لتعلم البرمجة من خلال وزارة الاتصالات، لا تكفى حالياً كل الأبناء الذين يطمحون أو يطمح آباؤهم فى تعليمهم البرمجة، فإن كثيرين يضطرون للبحث عن مراكز خاصة لتعلم «لغة المستقبل»، وهو ما يفرض على البعض منهم على الأقل تحديات فى توفير رسوم التعلم ناهيك بتوفير الأجهزة والمعدات، وسط طموحات من جانب نواب بالبرلمان بالدفع باتجاه جعل «البرمجة» ضمن المناهج الدراسية.
من بين الآباء الذين اتخذوا قراراً بتعليم أبنائهم البرمجة فى مراكز خاصة، أحمد بكر، الذى يعتبر ما اتخذه الآن قراراً جيداً، لا سيما مع ما لاحظه من تحسن فى طريقة تفكير طفله مصطفى، البالغ من العمر 8 أعوام، منذ التحاقه بأحد المراكز الخاصة لتعليم البرمجة، وهو ما يعبر عنه قائلاً: «أصبحت لدى مصطفى قدرة أفضل على حل المشكلات، خاصة فى الرياضيات، وبات يتعامل مع المسائل الرياضية بشكل أكثر منطقية، ويقسّمها إلى أجزاء صغيرة كما يفعل بالضبط مع الكود البرمجى، وممارسته للبرمجة طورت من فكره بطريقة كبيرة».
ويضيف الأب، الذى يمتهن الأعمال الحرة، أنه منذ بدأ ابنه يتعلم البرمجة، أصبح لديه شغف للتعلم والاستكشاف: «بقى يسأل كتير عن بناء التطبيقات وعمل الألعاب، بعد ما كان بيستخدمها فقط للعب زى أى طفل فى عمره عادى، وبدأ يفكر فى أشياء مختلفة كان دايماً بيعتبرها صعبة فى الماضى، واتغيرت طريقة تفكيره كتير فى الفترة الأخيرة، وبدأ ده يظهر فى تصرفاته مقارنة بزمايله».
صعوبات فى الطريق
لكن فى المقابل، يرى محمد رمضان، الذى يعمل تاجراً، أن هناك بعض الصعوبات التى تواجه الآباء فى تعليم أبنائهم البرمجة، قائلاً: «رغم أننى متحمس لفكرة تعليم البرمجة لأطفالى، فإن التكاليف كانت تشكل تحدياً، وتكلفة الأجهزة المطلوبة مرتفعة، خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية الحالية، فضلاً عن الدورات اللى بيكون صعب تعلمها دون اللجوء لمراكز متخصصة، وهى مراكز ليست كلها مجانية».
ويؤكد محمد، وهو أب لثلاثة أطفال، أن بعض الآباء قد يواجهون صعوبة فى الحصول على الموارد التعليمية بسبب صعوبة الوصول إلى مراكز ومصادر التعلم، والافتقار للبنية التحتية التكنولوجية، موضحاً: «نعيش فى منطقة نائية، وفى بعض الأحيان يصعب الوصول إلى مراكز تعليمية جيدة أو دورات عبر الإنترنت تناسب أعمار الأطفال».
ورغم هذه الصعوبات والتحديات، يعتقد «محمد» أن البرمجة ستفتح أمام أطفاله فرصاً كبيرة فى المستقبل: «أحمد ابنى الكبير بدأ يتعلم البرمجة فعلاً عن طريق برامج وتطبيقات على الموبايل، وملاحظ تطور فى طريقة حله للمشكلات، بالرغم من أن تركيزه واهتمامه الأكبر بتصميم الألعاب».
طموحات لجعل البرمجة مادة دراسية
وكيل «تعليم النواب»: مفهوم الأمية يمتد الآن ليشمل عدم الإلمام بالتكنولوجيا
وتؤكد النائبة منى عبدالعاطى، وكيل لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، أن البرمجة أصبحت جزءاً أساسياً من العالم المعاصر، وعلينا فى مصر مواكبة هذا التطور، مشيرة إلى أن هناك ما يمكن تسميته بـ«الأمية الإلكترونية»، إذ لم تعد الأمية تقتصر فقط على عدم القدرة على القراءة والكتابة، بل أصبحت تتعلق بعدم الإلمام بالتكنولوجيا والتطورات البرمجية والتقنية، لا سيما أن تعليم البرمجة يفتح أبواباً جديدة لسوق العمل، ما يجعلها ضرورية للغاية.
وتوضح وكيلة لجنة التعليم بالمجلس أن «مجلس النواب يدعم أى خطوة من شأنها تطوير التعليم فى مصر ورفع اسم البلاد عالياً فى المحافل العلمية»، مؤكدة أن الفترة المقبلة قد تشهد مطالبات من اللجنة بضم البرمجة كمادة دراسية ضمن المناهج التعليمية فى المدارس، خاصة فى ظل نجاح المبادرات المتميزة التى أطلقتها الدولة فى الفترة الأخيرة، مثل مبادرة «براعم مصر» و«أشبال مصر الرقمية»، التى تقدمها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بتكلفة مجانية بالكامل لتحقيق أقصى استفادة للأطفال، ما يُظهر أن الدولة تخطو خطوات فعلية فى هذا المجال وتدعمه بشدة.
أهمية البنية الأساسية التكنولوجية
«جاد»: الاستثمار في التكنولوجيا وتحسين بنية الاتصالات بالمدارس هو الطريق الوحيد حالياً لتمكين المصريين من اللحاق بالركب العالمي
ويؤكد المهندس وليد جاد، رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات الأسبق باتحاد الصناعات المصرية، أن «تعلم البرمجة منذ المراحل السنية المبكرة هو الأمر الأهم فى إعداد جيل واعٍ بالتكنولوجيا قادر على المنافسة فى السوق العالمية، إذ إنه كلما بدأت تنمية مهارات البرمجة لدى الأطفال فى سن مبكرة، أصبحت لديهم القدرة على التفاعل مع التكنولوجيا بشكل طبيعى ودون رهبة، وهو ما يُعزز بدوره من قدرتهم على التعامل مع الأجهزة والبرامج الحديثة مستقبلاً».
وبالتوازى مع ذلك يُشدد على أن «الاستثمار فى الاتصالات والتكنولوجيا والبرمجة هو الطريق الوحيد لتمكين الإنسان المصرى من اللحاق بالركب العالمى، وهو استثمار متكامل وشامل»، مشيراً إلى أن «هذا الاستثمار لا يقتصر فقط على توفير الأجهزة والمعدات، بل يشمل أيضاً تحسين بنية الاتصالات، خاصةً فى المدارس والمراكز الثقافية والنوادى، وزيادة سرعة الإنترنت»، حيث إنه من الضرورى، وفق قوله، «ربط هذه المؤسسات بنُظم تعليمية ومعلوماتية متطورة تدعم العملية التعليمية وتواكب التقدم التكنولوجى السريع، بما يمنح مصر فرصة للاستفادة بشكل أكبر من التطور التكنولوجى العالمى».